من منا لا يتذكر دخول البعض في غفوة أثناء حضور حصص دراسية مملة في المدرسة؟ حتى هذه الظاهرة البشرية، التي ربما تمر على البعض مرور الكرام، لم يفوّت خبراء التكنولوجيا المتقدمة الفرصة ليدلو بدلوهم في معالجتها. تقول مجلة "نيوساينتست" البريطانية، في تقرير حديث لها، إن الباحثين بيلغ موتلو ودان زافير، من جامعة ويسكنسون ـ ماديسون الأميركية، نجحا في ابتكار روبوت يحاكي ما يقوم به المدرس في مراقبة التلاميذ الذين يغفون أثناء شرح الدرس ويتابع مستويات الانتباه لديهم، وهي التقنية التي يستفيد بشكل أكبر التلاميذ الذي يتلقون دروسهم عبر الانترنت. وتشير نتائج الاختبارات التي أجريت على الروبوت إلى أنه يمكنه تعزيز مستوى تذكر الطلاب للمعلومات التي يتلقونها.

معلم افتراضي

وتقول "نيوساينتست" إن نظام التعلم الذكي الذي يستعين بالمعلمين الافتراضيين للتفاعل مع الطلاب يلعب دوراً حاسماً في توسيع مجال التعلّم عبر الانترنت. وتكمن المشكلة في نظام الدروس عبر الانترنت في أنه عادة ما يكون من المستحيل معرفة ما إذا كان الطالب في حالة تركيز ذهني ومنخرط مع الدرس. وعلى عكس المعلمين الافتراضيين، فإن المعلمين من البشر يستخدمون سلسلة من الحيل لإبقاء طلبتهم في حالة تركيز، ومنها على سبيل المثال تغيير مستوى أو نبرة الصوت، أو الإيماءات بهدف التأكيد على نقاط معينة والتواصل مع الطلبة.

استيعاب الطلاب

وقد أراد بيلج موتلو و دان زافير معرفة ما إذا كان الروبوت قد يستخدم بعض هذه الأساليب نفسها لتحسين مدى استيعاب الطالب. يقول موتلو: "أردنا أن ننظر إلى كيفية حدوث عملية التعلم في العالم الواقعي. ماذا يفعل المعلمون من البشر، وكيف يمكننا الاستفادة من ذلك لبناء الروبوت التعليمي الذي يحقق شيئاً من هذا القبيل؟".

وقام الباحثان ببرمجة الروبوت "واكامارو" لكي يتمكن من سرد قصة للطلاب بشكل منفرد لكل واحد على حدة، ومن ثم اختبارهم بعد ذلك لمعرفة مدى قدرتهم على التذكر. وتم رصد مستويات المشاركة باستخدام جهاز الرنين المغناطيسي للدماغ لمراقبة منطقة "إف بي1" المسؤولة عن التحكم في عمليتي التعلم والتركيز. وعندما يشير انخفاض حاد في إشارات معينة بالدماغ إلى حدوث انخفاض في مستوى انتباه الطالب، يقوم النظام بإرسال إشارة إلى الروبوت لتنشيطه. و يضيف موتلو: "إننا لا نستطيع القيام بذلك في أي لحظة، حيث يتعين علينا المحاولة والقيام بما يفعله المعلم الحقيقي".

نتائج

 

تقول "نيوساينتست" إنه كما كان فريق الباحثين يتوقع، فإن الطلاب الذين تم لفت انتباههم بواسطة الروبوت عند تراجع انتباههم، كانوا أفضل بكثير في تذكر القصة، مقارنة بالمجموعتين الأخريين، من خلال الإجابة عن تسعة أسئلة من بين 14 سؤالاً بشكل صحيح، بالمقارنة مع 6.3 أسئلة عندما لم يوجه الروبوت أية إشارات على الاطلاق. وتم عرض نتائج الدراسة في مؤتمر بعنوان "العوامل البشرية في أنظمة الحاسب الآلي" في مدينة أوستن بولاية تكساس الأميركية، أخيراً.