"اليوتيوب" موقع عالمي للفيديوهات، وأكبر محطة تسويقية في العالم، استثمرها منتجو الدراما الخليجية والعربية، في تقديم (برومو) المسلسلات التي أنتجوها. و يقصد بـ"البرومو": مقاطع فيديو لا تتعدى الدقيقة، تبرز مشاهد من المسلسل وكواليس العمل. حيث يعود أصل الكلمة إلى "برموشن" وتعني الترويج والإعلان.

ويأتي دور اليوتيوب هنا، باعتبارها نافذة مجانية، قادرة على استقطاب ملايين المتابعين في الوطن العربي. وبها يعلن انطلاق السباق التسويقي، كإيذان رسمي لجذب أكبر عدد ممكن من المعلنين والمشاهدين. ويلحظ المتتبع للمادة الفلمية للبرومو، استخدام محترف لتقنيات الصورة السينمائية، متضمناً آليات لاختيارات دقيقة للمشاهد الرئيسية لأبطال هذه المسلسلات، تشكل منها القنوات التلفزيونية ساحة تنافسية وجماهيرية لإنتاجاتها الخاصة والمشتركة.

نموذج مختزل

ويعتبر (البرومو) نموذجاً مختزلاً، لفن إعلاني وتسويقي، لمضمون محتوى العمل التلفزيوني، وخاصة قبل بدء الموسم الرمضاني، تحفيزاً للمشاهدين للمتابعة، وبحثاً في استقطاب أكبر قدر ممكن من الفرص الإعلانية التجارية، في الفواصل التلفزيونية. ونقدم على سبيل المثال نموذجاً لمجموعة قنوات (أم بي سي) وتلفزيون الرأي الكويتية، والذي برز في الأخير عدة مسلسلات، نالت على عدد مشاهدات عالية في موقع (اليوتيوب) في وقت قياسي، يوازيها عرض مستمر لمقاطع البرومو عبر القناة الفضائية نفسها.

ويتحكم في فن صناعة الإعلان الترويجي للمسلسلات آليات عدة من بينها: النجوم المشاركون في العمل، وأسماء المخرج والكاتب والشركة المنتجة، وأسماء المسلسلات وموسيقاها التصويرية، والقناة التلفزيونية المستضيفة أو المنتجة للعمل، إضافة إلى طبيعة القصة وأحداثها (دراما أكشن، كوميديا، اجتماعي، سياسي)، وأخيراً أماكن التصوير وملامح مواقع (اللوكيشن).

سباق الأسماء

من خلال قراءات أعدتها (البيان)، في موجة عروض (البرومو) الخليجية التي ظهرت بشكل متتال في مختلف القنوات الفضائية، متخذة من منتصف يونيو لهذا العام، افتتاحاً لمزادات الشركات الإعلانية، والتهيئة النفسية للمشاهدين، معيارين لإحراز أكبر قدر ممكن من النجاح التسويقي. وتحديداً في الإنتاج الخليجي، ضمن الدورة الرمضانية لقناة الرأي الكويتية، ومنها معيار الممثلتان العريقتان حياة الفهد وسعاد عبدالله، كأسماء نجوم في سباق مقاطع البرومو، الذي يعتمد طبيعة عرض المسلسلات، ضمن آلية حب الجمهور لأعمالهم الفنية، اعتماداً على تاريخهم الفني العريق. بينما هناك قنوات اعتمدت في صناعة المادة الفلمية القصيرة، بإجراء لقاءات حوارية لمخرج العمل، وكواليسه، وكان ذلك بارزاً في مسلسل ساهر الليل الجزء الثالث (وطن النهار)، حيث تم استضافة مخرج العمل محمد دحام الشمري، والذي حقق نجاحاً نوعياً في الأجزاء الأولى من نفس المسلسل التلفزيوني، مقدماً خلال لقاء قصير، طبيعة فحوى قصة العمل وتوجهاته، وما ستقدمه من لمحة وطنية عن تاريخ الكويت.

استثمار أغنيات

وفي موضوع أسماء المسلسلات الرمضانية، فإنها تلعب دوراً نوعياً في الإعداد لمقاطع البرومو للمسلسل، وتحديداً ما يتم استثماره أخيراً، من ربط بين أسماء أغنيات، لاقت مكانة خاصة في قلوب المستمعين، في الماضي، وتم عنونة المسلسلات التلفزيونية عليها. وهي ظاهرة، بدأت بالبروز في الدراما الخليجية. وفي هذا العام تحديداً، نرى منها : مسلسل"لو باقي ليلة"، اختار اسمه من واقع أغنية للفنان عبد الرب أدريس، "من بطولة عبدالعزيز جاسم وصلاح الملا وشيماء علي، وأغنية «مجموعة انسان" للمطرب محمد عبده، أصبحت اسماً لمسلسل بنفس العنوان.

وسيقدم بطولتها الممثل القدير سعد الفرج، وأغنية «أنت عمري» لكوكب الشرق أم كلثوم، تحولت إلى مسلسل يحمل العنوان من بطولة الممثل عبدالعزيز المسلم. وأغنية "حلفت عمري" للفنان حسين جاسم، عنونة لعمل تلفزيوني أيضاً من بطولة الممثلة هدى حسين. ومن جهة أخرى، امتازت الممثلة هدى حسين بصياغة بروفايل صورة فوتوغرافية خاصة، لـ(برومو) مسلسل "في خدمة القوم"، بالتعاون مع المصور الكويتي غربللي الغربللي. وهنا يسعى المنتجون إلى تعزيز حضور البرومو، عن طريق صياغة نسيج بين زمن الأغنية الجميلة، والصورة الفوتوغرافية الفريدة، لتنال قلوب المشاهدين، مؤدية دوراً في استدعاء روح الرغبة في متابعة المسلسل.

جماليات مشهد

وفي سياق الحديث عن تطور التقنيات المستخدمة في صناعة البرومو، فموقع التصوير يحمل جزءاً كبيراً من بطولة المادة الفيلمية، لأنها عامل مساعد، في إبراز جماليات المشهد الفني، كون البيئة المناخية تلعب دوراً تقنياً في تشكيل لون الصورة، إلى جانب نوع الكاميرا المستخدمة. فأثناء مشاهدتنا لبرومو مسلسل "خوات دنيا" للمخرج غافل فاضل، تظهر لنا مناطق طبيعية صُورت في لبنان، بشكل يبين حالة "الفريم": مربع المشهد لكل لقطة. وهنا يجدر بنا ذكر بعد فن المونتاج في صناعة البرومو، باعتباره محورا لتحريك المشاهد البطلة والموسيقى المستخدمة، ومنها يتم إيصال فكرة المسلسل للمشاهد.

موسيقى البرومو

 

تعد الموسيقى التصويرية، شعلة صناعة البرومو للمسلسلات التلفزيونية، وذلك لقدرتها على إحياء المشاهد المعروضة على مدار دقيقة واحدة، من خلال استخدام إيقاعات تناسب الفكرة الرئيسية من تصنيف المسلسل في مجالات الدراما الكوميديا والأكشن، أو غيرها. وهي تأتي عادةً من (تترات) أغنية مقدمة المسلسل. حيث يعمد بعض المنتجين إلى الصخب والريتم العالي، في روح المسلسلات ذات البعد البوليسي والحركي، على عكس التراجيديا، المعروفة ببطئها، عن طريق إضافة موسيقى ناعمة كخلفية، تخترق سيناريو وجوه الممثل ومتغيرات ملامحهم أثناء أدائه لدوره في أحد المشاهد.