اعتاد المخرج الفرنسي سلوني سو التفتيش في أفلامه عن قضايا غير مألوفة، ففي فيلمه الأخير "ضفدع الشتاء" وهو من النوعية القصيرة، سلط الضوء على فكرة الموت وكل ما يحيط بها من رموز وأسرار في المجتمعات الأوروبية والآسيوية، في حين نجده يناقش فكرة العنصرية التي سادت في القرن الثامن عشر في فيلمه الجديد "مستر كريمسن ـ مسيو بوخ". سلوني ليس مخرجاً فقط، وإنما هو كاتب سيناريو وممثل أيضاً، وقد شارك في عديد المهرجانات السينمائية آخرها "الخليج السينمائي" الذي مثّل بالنسبة له إطلالة على سينما الخليج. في حواره مع "البيان" اعتبر سلوني، الشرق الأوسط منطقة "سينماتوغرافية"، وأن سينما الخليج لا تزال مجهولة بالنسبة للكثيرين في أوروبا.
ضفدع الشتاء
من يشاهد فيلم "ضفدع الشتاء" الذي يدور حول بنيامين الذي تموت زوجته بين ذراعيه، بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو ما يدخله في تأملات عميقة في معنى الموت، ويلتقي خلال فترة الحداد مع فتاة يابانية تساعده بحنان على الخروج من هذه المرحلة. يدرك مدى تعمق سلوني في المجتمعات المختلفة، حيث تبدو فيه قضية الموت بأسرارها ورموزها تشغله كثيراً.
وعن سبب اختياره لهذه الفكرة قال: "اختياري لها لأن المجتمع الغربي يعيش حالياً مرحلة جديدة، فقد فيها كافة الرموز التي عادة تحيط الموت والمرض، ولم يعد فيه أحد يتعاطى معها، كما في أفريقيا وآسيا وحتى المنطقة العربية، حيث يرتبط الموت بطقوس عديدة تظهر عدم خوف المجتمع منه، ومحافظتهم على الطقوس الاجتماعية المرتبطة به وهو ما يمكنها من تخطي الألم الذي عادة يخلفه الموت، وهو ما لم نعد نجده في المجتمع الغربي، وبالطبع هذا يعني وجود مؤشرات قوية على تغير المجتمعات الغربية وبشكل خاص في أوروبا".
في الفيلم، يعقد سلوني مقارنة بسيطة بين الثقافة الفرنسية واليابانية، وعن سبب اختيارة لليابان قال: "تعودت أن استمد إلهامي في كافة الأفلام التي أقدمها من طبيعة المناطق التي أزورها، وخلال الفترة الماضية سنحت لي الفرصة لزيارة اليابان والإقامة فيها 9 أسابيع، وهذا أعطاني الفرصة لاستكشاف المجتمع الياباني والتعرف على ثقافته عن قرب الأمر الذي دعاني للعمل على مواضيع مختلفة في اليابان، ومن بينها المقارنة بين الثقافة الفرنسية واليابانية من حيث الاختلافات والمتشابهات بينهما، وأعتقد أنني نجحت في تقديم هذه المقارنة في هذا الفيلم".
وأضاف: "سبب توجهي إلى خارج أوروبا يكمن في شح وتكرار مصادر الإلهام في العالم الغربي، ولذلك أتوقع أن مصادر الألهام لمعظم المخرجين القادمين من أوروبا ستكون نابعة من بلدان أخرى لم تسلط عليها الضوء من قبل في السينما، وبالطبع هذا يساهم في منحنا الفرصة لتقديم صور جديدة من المجتمعات الأخرى تختلف كلياً عن أوروبا وما فيها".
سينما الخليج
أما عن رأيه في سينما الخليج والمنطقة العربية، فقال: "لا تزال هذه السينما بالنسبة لي وأنا القادم من أوروبا مجهولة، ولا نعرف عنها الكثير، وأكثر ما يصلنا إلى فرنسا من هذه المنطقة يتمثل في أفلام الأنيمشن، وكذلك مجموعة من الأفلام الإيرانية، وآخرها فيلم "انفصال" الذي حصل على ضجة كبيرة في باريس خاصة بعد فوزه في جائزة الأوسكار، وأعتقد إننا لا نزال نحتاج إلى وقت طويل للتعرف على طبيعة السينما الخليجية، وهذا يكون من خلال تكثيف مشاركاتنا في المهرجانات السينمائية التي تقام في هذه المنطقة".

