عندما كنا صغارا كان آباؤنا يعانون الأمرين في رحلة التصوير الشخصية لاغراض المعاملات الرسمية المتنوعة , سوى بطاقات مستشفى أو جواز سفر أو شهادات لأغراض أخرى .المهم انها كانت من أقسى المهام التي يكلف بها الوالدان تماما كمهمة حلاقة الشعر للطفل ! ولأننا لا علاقة لنا بالحلاقة دعونا نقف عن تلك المعاناة التي يتحملها ذوو الطفل ما بين اقناعه بأن يرتدي ثيابا تليق بكونها ستعرف عن نفسه في البطاقات الشخصية والمعاملات الرسمية حتى وإن كان صغيرا ، وأظنك تعلم عزيزي القارئ ما هي حالة الطفل الظاهرية غالبا وهو في منزله ، وما بين اقناعه بأهمية الصورة وهو بحكم طفولته يعتبر مسألة التصوير مقتصرة على فعاليات تغلفها أجواء احتفالية مثلا او رحلات ، لكن ان يتسمر بمكانه حتى ولو كانت لدقيقة واحده فهو أمر لا يمكن قبوله لعقل طفل .
عدا عن تلك الحركات التي يداعبك بها " العكاس " فيضع ابهامه مرة تجاه اذنك ومرة تحت ذقنك ومره يرفعها ثم يخفضها ويمينا وشمالا حتى تبدأ ملامحك بالتحول من حالة الرضا إلى عدم رضا ، هذا وأنت كبير فما بالك بالصغير الجالس مكرها من الأساس . بالطبع هذه الحالة ليست لكل الاطفال لكنها الصفة السائدة والتي لا يتعمد طبعا هذا الطفل أن يسبب لوالديه كل هذا الاحراج خاصة لو كان هناك " عكاس " باله قصير وليس بذاك القدر من الصبر . الشاهد من الأمر أنه وعدا عن الصور الشخصية التي لها قواعد قياسية وشروط استثنائية احيانا فإن بقية الحالات لا تعتمد فقط على ما يفعله البعض من حالات أحيانا بالفعل ممكن ان تتصف بأنها مضحكة من أجل التقاط صورة ، وبالطبع فإن الجملة المعتادة والمفضلة قبل التصوير هي " قول تشيز " من اجل ان تظهر أسنان من يتم تصويره سواء مفرد او جماعة .
كثيرة هي الصور التي لو علم صاحبها ان احدهم يهم بتصويره لما خرجت الصورة كما رأيناها ، ولنتخيل ببساطة أن أحدهم هم بتصوير لحظة انقضاض نمر على فريسته وقبل ان يضغط لى مفتاح الالتقاط اصدر صوتا ليلفت انتباه النمر نحو العدسة حتما ستكون نهايته ليست بالطريقة التي يتمناها ولا يتمناها احد، أتحدث عن المصور طبعا . عندما نريد أن نبدع في هذا الفن علينا أن نترك عنا التقليديات وتحديدا هذه العبارة التي بالطبع قائلها الأول لم يكن يريد أن يظهر أصحابه بصورة البائسين لكن ملامح الانسان الطبيعية بالتأكيد اجمل بكثير من اصطناع الابتسامة من خلال " الجبنة " .
فلاش
لكل صورة ظروفها ومقتضيات تحتم عليك أحيانا أن تبدي بعض الاهتمام للعدسة التي امامك لكني أجزم بأن فن التصوير يعتمد اعتمادا كليا على الاحساس النابع من العفوية المطلقة ، وأتذكر جيدا إحدى الصور التي تظهر فيها عددا من سكان إحدى المدن التي لا يمتاز فيها شعبها بالتقدم والتكنولوجيا كيف كانوا في الصورة التي لم يعلموا عنها شيئا وكيف ظهروا بعد ذلك في صورة أخرى تلتها مباشرة بثوان معدودة بعد أن شعروا بشخص ما يصورهم فابتسموا وليتهم لم يبتسموا !
قسم الإعلام
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم
الدولية للتصوير الضوئي
media@hipa.ae
