لا تستطيع بعض الإذاعات، بدء صباحها دون إزعاج المستمعين يومياً بأغنية "شو بعملك" للمغني أيمن زبيب، التي تعد أحدث ما غنّى، وعلى الرغم من جمال لحنها، إلا أن كلماتها مخيّبة وهدّامة، حيث تخلو من أي رسالة مفيدة للمجتمع عموماً والشباب على وجه الخصوص، ولاسيما أنها تشجع الشباب الاتكاليين على الفخر بخيبتهم، وتعزز لديهم فكرة التقاعس عن العمل وطلب العلم، وعدم الاجتهاد لتحسين أوضاعهم الاجتماعية، فضلاً عن حضهم على تعليق استهتارهم وطيشهم على شماعة أوضاع الوطن، إذ إن مواصفات العريس "اللقطة" من وجهة نظر أيمن زبيب، تنحصر في تعليق بنات الناس، ومن ثم مصارحتهن بعدم القدرة على الزواج، وفتح منزل، لأنهم بلا عمل وشهادات علمية، وما عليهن إلا قبول أو رفض هذه المواصفات التي لا تفوت.
لا أعتقد أن أي أب في العالم سيقبل تزويج ابنته لشاب يقول لابنته: "شو بعملك أنا حبيت، ومش قادر افتحلك بيت"، وعندما يسأله الأب عن مؤهلاته وإمكاناته، يرد عليه بجرأة: "لا بيي مورتني ورته، ولا حتى علمي كفيتو، شو بعملك هيدا وطنا»، وحين يكرر والد العروس السؤال مرة أخرى على مسامع هذا الشاب، فإنه يقول: "الغلط عندي ممنوع، وما يهمك متربا منيح، وعندي الكرامة عنوان، وما بغروني النسوان".
ما نفع هذا الشاب إن كان يريد أن يضع والده في فمه ملعقة من ذهب، وإن كان يحمل وطنه مسؤولية فشله في بناء نفسه، ويتباهى بضعف مؤهلاته العلمية، فمن عنوانه الكرامة، لا يقبل أن يعيش عالة على أحد، ويرفض أن يقعد مكتوف الأيدي، بانتظار أن تمطر عليه السماء ذهباً وفضة، كما أن من تربى جيداً، فإنه لا يتجرأ على تعليق بنات البيوت إن لم يكن قادراً على توفير الحياة الكريمة لهن، وشعاره دائماً "من يخطب الحسناء لم يغله المهر".
