خصّ مجلس نجيب الشامسي المستشار الاقتصادي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية في رأس الخيمة، واقع الأغنية المحلية الإماراتية، بمشاركة نخبة من المثقفين والفنانين من أبناء إمارة رأس الخيمة الذين فصّلوا أسباب التراجع وطالبوا بإيجاد أسباب لإعادة إحياء هذا الفن خاصة في رأس الخيمة .

وبيّن الشامسي الذي أدار الجلسة أن الموسيقى لغة عالمية، تساهم في تهذيب النفوس وتعكس حجم التقدم الذي وصلت إليه المجتمعات، وتسهم في إثارة الولاء والانتماء للدين والوطن، مشيرا إلى ما قدمته رأس الخيمة من أصوات غنائية متميزة على امتداد مسيرة الفن الإماراتي، ضمن نخبة من المثقفين والفنانين والأدباء والإعلاميين، الذين أنجبتهم الإمارة، من بينهم محمد بن سهيل وحارب حسن وعلي بن روغة وجاسم بن عبيد وجمعة البقيشي، من الجيل الأول، ثم الجيل الثاني ممثلا بسالم عثمان وإبراهيم الماس وأديب العسم وعبد الوهاب الوهابي، لافتا إلى مغنية إماراتية ذاع صيتها خليجيا من الجيل الأول، وهي من بنات رأس الخيمة، الراحلة موزة سعيد.

 

مخاطر التغييب

وحذر الشامسي من خطورة تغييب الأغنية الإماراتية، المستندة إلى التراث الغنائي والشعبي والوطني في الدولة، بهـــويتها الإماراتية المتميزة، باعتبار أن الفن عامة والأغنية خاصة تجسيد حي لتاريخنا، وهي أغنية تنقل تراثنا إلى الأجيال المتعاقبة، معتبرا أن غياب أو ضياع الأغنية الشعبية والـــوطنية والتراثية يفرز ولاء هشا لأجيال من أبناء الوطـــــن، لاسيما من الشباب.

 

حاضنة المبدعين

وأشار الفنان المسرحي سعيد بوميان، من متابعي الحركة الغنائية في الإمارات، إلى أننا "نعيش لوعة فقدان الأغنية الإماراتية الأصيلة، والخيماوية، مؤكدا أن رأس الخيمة ولادة للفنانين المتميزين فيما كانت مقصدا للفنانين الإماراتيين وبعض الخليجين في مرحلة سابقة، بينهم المطرب المعروف أبوبكر سالم، إذ عرفت الإمارة حركة غنائية نشطة سابقا، قبل أن تشهد حالة من التراجع، وفي ظل هذه البيئة الغنائية خرج عدد من الفنانين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الغناء الإماراتي".

 

دعم ودراسة

ودعا الشاعر عبد الله الهدية إلى تسليط الضوء على أبرز الأسماء المؤثرة في مسيرة الأغنية الإماراتية، ودراسة تاريخ الغناء الإماراتي بصورة موثقة، وإيجاد قناة تلفزيونية في رأس الخيمة تهتم وتدعم الفنانين والشعراء والملحنين الإماراتيين. المطرب سالم عثمان حمل الشركات العاملة في الحقل الفني مسؤولية التراجع خاصة برأس الخيمة، لكونها لا تتبنى أعمال المطربين الواعدين من أبناء الوطن بحجة غياب مظلة النجومية عنهم، وبحث الشركات عن الربح فقط.

 

إهمال الثقافة

عبد الله البشر، مثقف، قال إن ما يعانيه الفن الإماراتي يعكس حالة من التردي الثقافي العام، الذي طال أنشطة ثقافية وأشكالا إبداعية وفنية مختلفة خلال المراحل الماضية، في ظل حالة من الإهمال للقطاعين الثقافي والتعليمي، مشيرا إلى غياب أي دراسات اجتماعية جادة تبحث القضايا الثقافية، بموازاة دراسة أسباب تراجع نسب التعليم في مراحل متقدمة في الإمارات.

 

تنظيم الجهود

سالم الشرهان، شاعر وكاتب غنائي قال: " ينبغي صرف الاهتمام إلى اندثار القصيدة النبطية في الإمارات، ولا بد من خطوة جادة نحو المحافظة على الموروث الغنائي الشعبي، والجهود الفردية التي بذلت في الدولة لهذا الغرض ليس كافية وغير مجدية بصورة وافية، لأنها تبقى جهودا مشتتة، تفتقر لجهة مختصة تتبناها تحت مظلة شاملة".

 

محاباة ظالمة

مطر رمضـــــان شاعر ذكـر ان حــــزمة من المعطيات حالت دون استئناف مسيرة الفن كغياب الدعم المادي للفــــــنانين الإماراتيين الملتزمين بالخط الغنائي الشعبي والتراثي والمتمسك بالهوية الوطنية، في ظل ما وصفها بحالة من الإسفـــــاف والمحاباة في الســـاحة الغنائية والفنية، يواكبها ضياع للحـــــقوق المعـــنوية للفنان الإماراتي الملتزم، وغــــياب للدعم الإعلامي.

الفنان التشـــكيلي والشـــاعر ناصــــر بـــو عفـــرا، رأى أن بعـــــض الفــضائيات والإذاعات لوثت أذن المستمع، وفق تعبيره، لافـــــتا إلى عدم وجود جهة رسمية أو خاصـــة ترعى الفنانين معنويا وماديا، إضـــــافة إلى فــرز الأصوات والأعمال الفنية الجيدة، على غرار ما تعرفه السعودية. خراب الذائقة العامة

 

قال الشاعر يوسف الديك إن الخراب ضرب الذائقة العامة، ما جعلها لا تحتفي بالدهشة والبعد الفني والجمالي في الأعمال الفنية، وقاد، في المقابل، إلى التركيز على الحراك الجسدي على حساب الروح والكلمة المشبعة بالحياة والتراث والمشاعر السامية، لافتا إلى أهمية البعد المحلي لأي عمل فني، استنادا إلى أن "المحلي دائما يصنع العالمي"، والدعم المنشود ليس ماديا فقط، بل معنويا وإعلاميا واجتماعيا أيضا.