يفتقر العالم العربي إلى وجود إعلام حقيقي يتموجّه إلى الطفل بما يشكل سلوكه ويحسن تنشئته؛ حتى يصبح عضواً فاعلاً في مجتمعه.. عدد من خبراء الإعلام والتربية، أكدوا أن وسائل الإعلام العربية تركت الطفل فريسة لثقافة الغرب وإعلامه المدبلج وأفلام الكرتون الأجنبية ومحاكاتها. واتفقوا على أن الإعلام المستورد يمثل خطراً حقيقياً على صغارنا.
حيث يصب محتوى الإعلام في تغييب الطفل وإبعاده عن قيمه وعاداته وتقاليده العربية الأصيلة. وفى هذا السياق تقول دكتورة إيناس أبو سيف، أستاذ الإعلام في القاهرة، إنه لا يوجد إعلام فعال وحقيقي للطفل العربي، فالقنوات والتلفزيونات العربية بتقديم مضمون مستورد من الإعلام الأجنبي، كنوع من الاستسهال وعدم الرغبة في الابتكار.
كما أن القائمين على الإعلام العربي ينظرون إلى إعلام الطفل على أنه غير مربح، وبالتالي لا يتم الإعداد لبرامجه جيداً، بجانب عدم الاستعانة بخبراء في علم النفس والاجتماع لتقديم رسالة إعلامية متكاملة للطفل، على غرار ما تقوم به وسائل الإعلام بالدول المتقدمة.
وطالبت إيناس بضرورة مساهمة الدول العربية عبر حكوماتها في تقديم إعلام جيد للطفل، بحيث يكون موجهاً بشكل علمي حتى يخدم مجتمعاتنا العربية عموماً، وكذلك إنشاء أقسام متخصصة في كليات الإعلام تهتم بالطفل لتشكيل وعيه وعاداته.
في حين يرى دكتور بركات عبدالعزيز، أستاذ الإعلام، أن هناك بعض القنوات المتخصصة للأطفال، وهناك الكثير من البرامج المعنية بالصغار ضمن القنوات العامة في مصر، إلا أن تأثير الإعلام الغربي هو الأكبر، نتيجة ضعف دور مؤسسات التنشئة الأخرى، كالأسرة والمدرسة والمسجد، خاصة في ظل غياب الرقابة على نوعية البرامج التي يتابعها الأطفال.
وهناك نقص شديد في الكوادر الإعلامية سواء في برامج الطفل أو إعلامه، سيّما ما يتعلق بجانب الإعداد تحديداً، والكفاءات الإعلامية في هذا المجال تحديداً نادرة مع وجود نفور الممولين لإنتاج إعلام خاص بالطفل. بدورها أوضحت دكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع، أن المحتوى الغربي الموجّه إلى الطفل أصبح يشكل خطورة عليه، لأنه يقدم موادّ لا صلة لها بقيم وأخلاق الدين الإسلامي، ومن ثم يجعله ينسلخ عن مجتمعه وتقاليده وقيمه.
واتفقت مع القول الداعي لضرورة تدخل الحكومات للاهتمام بإعلام الطفل، وبنظرة إلى المحتوى الإعلامي المقدم في مصر والوطن العربي نجده يسعى إلى الربح عبر الإعلانات التي تدر دخلا ً ماديًّاً، ما يجعله إعلاماً غير مستقل بقضية قومية وحلم عربي، وكذلك يأبى أن يكون مهتماً بصناعة طفل قادر على تحقيق نهضة حقيقية للمجتمع.
