يعرضها شوقي شوكيني في مجمع السركال بدبي

منحوتات خشبية تعزف بتجاويفها أنغاماً موسيقية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يندر في محيطات عوالم الفنون البصرية أن تجد أعمالاً فنية لا تشبه إلا نفسها، وبالتالي تنحت مكانتها في ذاكرة المشاهد لتبقى معه. ويتجلى هذا الانطباع لدى زيارة المعرض الفردي «الشعر في الخشب» للنحات والتشكيلي اللبناني شوقي شوكيني المقيم في فرنسا، والذي افتتح بالأمس في غاليري «غرين آرت» بمجمع السركال في منطقة القوز، وذلك ضمن احتفالية افتتاح الغاليريهات لموسمها الجديد من المعارض في دبي.

يتملك الزائر خلال رؤيته منحوتات شوكيني الخشبية منذ عام 1970 وحتى الزمن الحالي، حالة من الألفة مع الأعمال التي تدفعه بين الحين والآخر إلى ملامسة أسطح ومنحنيات وزوايا التكوينات المصقولة، الغنية بالتفاصيل المتناغمة مع الفراغ والضوء، ليشكل كل عمل مقطوعة موسيقية تختلف ألحانها، تبعاً لتجاويف وتداخلات المنحوتة المتناهية بالدقة كرهافة الإحساس بأوتار الكمان، والعريضة الأسطح الأسطوانية أو البيضوية كالصوت العريض لآلة «التشيلو».

الوتر المشدود

أما خصوصية أسلوبه، فتكمن في تفاعله الإنساني مع مضمون تكوينه التجريدي الذي ينتقل بعفوية وتلقائية إلى الزائر، الذي يدرك بعد جولته الأولى العامل المشترك بين جميع المنحوتات المتوسطة والصغيرة الحجم، والمتمثل بالوتر الدقيق والمشدود الذي يمثل تارة مركزية توازن بنية العمل المستلهم إما من قلعة أثرية أو مدينة متداخلة بتراكب ازدحامها، وتارة أخرى انعكاس لواقع إنساني مؤلم أو الحساسية العالية لعوالم المرأة الداخلية وغيرها.

ولا يمكن لزائر المعرض الذي يستمر حتى 18 سبتمبر الجاري، تفضيل عمل على آخر، لكونه يتفاعل معها جميعاً تبعاً لمضمونها الإنساني والجمالي، كمنحوتة «شوك» التي تعيد إلى ذاكرته عهد «مقصلة» الثورة الفرنسية، و«العائلة» التي يغيب عن الابن فيها أحد أجزائه وإن بدا كما لو أنه سينمو من جديد في عالم افتراضي. أما «سيدة القلب» فتعكس رهافة إحساس المرأة في التجاويف والرقاقات الخشبية الدقيقة المنحوتة مقابل أرضية ثباتها الصلبة بوترها المشدود.

الوجع الإنساني

ويصف شوكيني في بداية لقائه مع «البيان» أسلوبه الفني من خلال منحوتاته قائلاً: «ترتبط أعمالي بالموسيقى التي أعتبرها رفيقة رحلتي الفنية، فهي منبع خصوبة مخيلتي التي تمنحني الجانب التعبيري في تكويناتي ذات الطابع التجريدي.

 ويعكس عملي «شوك» الوجع الإنساني الذي هيمن على عالمنا العربي في السنوات الخمس الأخيرة. أما الوتر في أعمالي، فيحمل العديد من الدلالات التي تتعمق معانيها مع تقادم خبرتي الفنية، فهي إما مركز كثافة الطاقة، مكمن ارتكاز لتوازن المكان أو حالة توتر قصوى وغيرها من المعاني».

رسومات مائية

ويحكي عن خصوصية علاقته بالخشب قائلاً: «خامة الخشب تختلف عن غيرها من عناصر الطبيعة، فهو مجموعة من الألياف التي تنمو إلى الأعلى، مقارنة بالحجر الذي مصدره كتلة من الجزئيات. وفي حين يتعامل النحات مع الحجر بفعل التكسير، فإنه يعتمد في تعامله مع الخشب وسيلة الشحف أو الكشط باتجاه مسار الألياف وإلا خسر عمله».

ويضم المعرض مجموعة من الرسومات المائية لشوكيني التي تعكس رؤيته للمحيط من منظور النحات الذي يحلل تفاصيل المكان إلى مساحة وكتل تتباين بتداخلها وتأثيرات الضوء، لتبدو كما لو أنها منظور لأمكنة يختزل تفاصيلها عبر تقادم الزمن.

Email