رحيل «العسكري الأخضر» سيد زيان
قليل هم من يقتنعون بقدرتهم على هزيمة المرض، ولا يستسلمون لآلامه، مسرعين في تمني الموت الذي يهربون من خلاله من ويلات وسكرات المرض، ويأتي على رأس هؤلاء، الفنان المسرحي الكوميدي سيد زيان "العسكري الأخضر"، في أفضل مسرحياته ، الذي أفنى حياته الفنية محاولاً رسم ابتسامة على وجه جمهور مسرحياته وأعماله الفنية السينمائية والدرامية، فأجبر هذه الوجوه على الدعوة له بتمام الصحة، حينما هاجمه المرض قبل عقد من الزمن، لكنه مع كل يوم، كان يثبت للجميع أنه يحارب هذا المرض، متسلحاً بدعوات من أحبوه في جميع الأوطان العربية، حتى اختاره الله، ليريحه من آلامه، عن عمر ناهز الـ 73 عاماً.
ورد وشوك
الفنان الكوميدي ولد في مدينة الزقازيق، التابعة لمحافظة الشرقية، وتلقى تعليمه بها، حتى تخرج في مدرسة الميكانيكا، وعُين على إثرها في أحد الأماكن المخصصة لصيانة طائرات سلاح الطيران بالجيش المصري في ذلك التوقيت، لكنه بعد ذلك، آثر الانفصال عن هذا العمل، والاتجاه إلى العمل الفني، فبدأ من خلال مسرح الفنان محمد نجم، الذي استطاع من خلاله أن يجذب الأنظار إليه، فقدم العديد من الأدوار المساعِدة في أفلام ومسلسلات كثيرة، كان من بينها «شبح الماضي، ورد وشوك، صراع مع الموت، نحن رجال طيبون»..
وفي المقابل، كانت نجوميته المسرحية بدأت تزداد، وأصبح يراه العديد من المنتجين، فناناً كوميدياً قادراً على تحمل مسؤولية عمل مسرحي من بطولته المطلقة، فقدم مسرحيات «سائق التاكسي، خُد الفلوس واجري، أبو زيد، مين ميحبش زوبا، واحد لمون والثاني مجنون، الفهلوي»، إلا أنه قدم أفضل أعماله المسرحية على الإطلاق «العسكري الأخضر»، التي حققت نجاحاً كبيراً وقت عرضها.
ولكن بطولاته المسرحية ونجاحاته على خشبة أبي الفنون، لم تمنعه من الاكتفاء بالأدوار الثانوية والمساعدة في الأعمال الدرامية والسينمائية، فقدم لشاشة الدراما، أربعة أعمال تعد من كلاسيكيات الدراما، وهي «العائلة، عمر بن عبد العزيز، المال والبنون، الراية البيضا».
أزمة
وقبل أكثر من عشر سنوات من الآن، هاجم المرض الفنان الكوميدي، وسبب له شللاً كاملاً في معظم وظائف جسده، فأصبح لا يستطيع أن يحرك أياً من أطرافه، وأفقده القدرة على النطق، لكنه استطاع بدعاء جمهوره له، وفي مقدمهم أولاده السبعة (سامية وإيمان ومحمد وحنان ومنى وداليا وأيمن)، تخطي هذه الأزمة بشكل تدريجي، إلا أنه للأسف، لم يعد يوماً كما كان قبل أن يصيبه المرض، قاضياً بذلك رحلة طويلة للغاية مع المرض، تخطت عقداً كاملاً من الزمن، ابتعد خلالها بشكل كامل عن عمله الفني، لكنه أفنى هذه الفترة، في حفظة للقرآن الكريم، الذي ساعده بشكل كبير على تحمل آلامه، حتى اختاره المولى عز وجل.
قدر
طوال فترة مرض الفنان الراحل، ابتعد عنه الجميع، وأهمله الإعلام، حتى قبل شهر من الآن، وتردد شائعة وفاته بشدة، وكأنه القدر الذي اختار له أن يعرف مدى حب الجمهور له قبل رحيله.
4 فنانين يشيعون الجثمان
في واقعة مؤسفة للغاية، شيع جثمان الفنان الكوميدي الراحل سيد زيان عصر أمس من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة المصرية دون تواجد زملائه من نجوم الفن ومشاهير المجتمع المصري، حيث لم يلحظ الجميع سوى تواجد الفنان فاروق الفيشاوي والفنان مظهر أبو النجا والفنانة سلوى محمد علي ونقيب الممثلين الفنان أشرف زكي.
