لا بد من القول إن الصورة الفوتوغرافية، وازت الموسيقى، في احترافها لمفهوم اللغة العالمية، كونها اختزلت معاني الاتصال من خلال إثراء صناعة الفنون البصرية. ونشهد في الوقت الراهن، الطفرة التفاعلية للمعارض الفوتوغرافية، مما شكل إنعاشاً جذرياً في التكنولوجيا الرقمية عبر إسهامات، تتبنى التوجه العام لقدرة اللقطة، على تقديم وجبة دسمة، تحقق التبادل الثقافي، وفي وقت قياسي، بين مختلف الحضارات. في هذا التفاعل، استضافت ندوة الثقافة والعلوم بدبي، نشاط المجلس الصيني العام بدبي، المصور الصيني المحترف هوي هيليانق، في معرضه الفوتوغرافي حول مدينته في مقاطعة شاندونغ.

أكد خلالها الفنان الصيني إن الصورة تقديس للتفاصيل، وتوثيق للأماكن والأزمنة، مبيناً أن أعماله الفنية، تحمل جزءاً كبيراً من هذا المعنى، عبر عرضه 16 صورة. ولفت إلى أن التجربة الإماراتية في المجال، أنعش فضول المصورين العالميين، للبحث عن قصص في المنطقة، وخاصة ما يمثل الانفتاح الإنساني في دبي، وقال: "أعتقد أن هناك قص لم تكتب بعد عن دبي، والصورة وحدها تستطيع اقتناصها وتوثيقها للعالم".

خارج المنافسة

ضمن أجواء المعرض، قادنا النظر لمتابعة المصور الصيني هوى هيليانق، وهو يتحدث عن أعماله الفنية لزوار المعرض عن أهمية الصورة التعبيرية في الصين. ولكن عند سؤالنا لـ هيليانق، عن مدى استثمار الفنانين الصينيين لهذا الفن البصري في بكين، اعتبر أنه لا يزال ينازع للتواجد أمام تنافسية الحرف اليدوية، والتي تحمل عبقاً تاريخياً في التراث الصيني، والقدرة على خلق مكانة توازيه، يحتاج إلى جهود جبارة، في مدى الوعي بأن التكنولوجيا، ليست صناعة فكرة جاهزة، وإنما وسيلة تتبنى مهارة المبدع، وقدرته على إبراز تفاصيل، لا تستطيع أحياناً العين المجردة التحدث عنها.

 وفي سياق التحديث المتجدد، لأنواع الكاميرات المستخدمة، بيّن هيليانق، أنه عادةً ما يتطلع المتابعون لمجالات الفنون، إلى مسألة التعديل والتحديث في أدوات التكنولوجيا، وتسهيلها لمهمة المصور، ولكنها على العكس تبدأ أحياناً، بأهمية تعلمها من قبل المصور، ليدرك إمكانية إعطاء الصورة حقها، من خلال قوله: " تظل التكنولوجيا وسيلة، ويظل بحثنا المتواصل في مضامين الأفكار، التي تحمل الحس الروائي والملحمي في سرد الصورة هي الأبقى للتاريخ ".

ملامح

تضمنت مشاركة هوى هيليانق، صوراً فتوغرافية، بيّن فيها أهم الاحتفالات العامة في مقاطعة شاندونغ، كما بيّن جانب المناظر الطبيعة في المنطقة، اعتمد في أغلب اللقطات على إيضاح البعد التوثيقي. إضافة إلى بروز الألوان في المجموعة المعروضة، أهمها الأزرق والبرتقالي. وتستطيع من خلال الصور تفهم البعد التسلسلي للعرض، من أماكن الاحتفالات إلى تفاعل الأطفال فيها، وصولاً إلى منظر البحر والجبل. وقدم هيليانق في محور حديثه عن تفاصيل الأماكن في أعماله، أنه خلال الـ 40 عاماً، أنشئ عدة تصنيفات للصور، أوضح من خلالها ملامح مدينته، على مستوى المكان، والفعاليات والجغرافيا والبيئات المختلفة. واعتبر هيليانق زيارته لدبي، تأسيس لمشروع جديد، يعمد عبره إلى صناعة مجموعة ملامح تراثية والفنية للأحداث العامة، ونقلها إلى الصين. مشهد لا ينسى

بين المشهد في دبي والصين، يرى هوي هيليانق إن الصورة الفتوغرافية، تستطيع تحقيق المشاركة الثقافية بين البلدين، وهو البعد الأهم في التخاطب مع الآخر، مبيناً أن الصورة التي لا يناساها، هي تلك التي التقطها من أعالي الجبال في منطقته، ويقول عنها: " أود عرض هذه الصورة في دبي، مؤمناً أنها ستختزل، سنوات من العمل على إنتاجات كتابية أو منشورات فقط ، لا تستطيع نقل إحساس المشهد كما أوده، وهو بذلك يحفز على تفعيل الانفتاح المبني على أسس معرفية وثقافية".