هي شاعرة إماراتية شابة، ذات خيال خصب شاسع ومترامي الأطراف، لا حدود لشاعريتها، ورغم دراستها الهندسة إلا أن إلهام الشعر دائماً حاضر لديها، وعندما أطلقت له العنان، أثارت الجدل وحفيظة البعض، ابتعدت عن الساحة فترة لكنها لم تنسحب، فعادت بديوان شعري جمعت فيه نصوصاً شعرية وطنية وعاطفية ووجدانية..
«البيان» التقت المهندسة الشاعرة أو مهندسة الكلمة، الشاعرة شيخة الكتبي، وحاورتها بشأن جملة مسائل ثقافية وشعرية.. وإبداعية مجتمعية.
• بداية، نود أن نعّرف القارئ بالشاعرة الإماراتية شيخة الكتبي ؟
شيخة الكتبي، شاعرة إماراتية وأعمل مهندسة كهرباء إلكترونيات، شغفي بالهندسة لم يفصلني عن الشعر، لكنه أبعدني قليلاً عنه.
• متى كتبت الشعر وأين كنت تنشرين قصائدك؟
كتبت الشعر في مرحلة مبكرة من عمري، ونشرت قصائدي وأنا في الرابعة عشرة من عمري في المنتديات كمنتدى (شظايا أدبية)، أما المطبوعات المختصة بالشعر فقد كانت مجلة «التراث» المطبوعة الأولى التي أنشر فيها، وبدايتي الحقيقية كانت في مجلة «جواهر»، حيث كنت أحمل نصوصي الشعرية وأذهب مع أبي إلى مقرها.. وكانت المجلة تنشر لي أعمالي.
«غير مناسبة»
• تذهبين بالقصائد مع والدك لنشرها، بينما تختبئ شاعرات خلف أسماء مستعارة حتى لا يُعرفن!!
أبي - رحمه الله- لم يعترض مطلقاً على كتابتي للشعر ولا حتى والدتي، كان يتابع ما أنشر على «تويتر»، من دون أن يخبرني بحسابه الذي يشارك من خلاله، لكن كان لدى قبيلتي تحفظ على أسلوبي وجرأة الطرح، كنت صغيرة ولم أكن أدرك المعاني الخفية لما أكتب، كان بالنسبة لي (استعراضاً للعضلات) آنذاك، والآن وبعد مرور عشر سنوات، عندما أعود لأقرأ تلك القصائد، أستغرب. عمليا، استبعدت عدداً من تلك القصائد عندما طبعت ديواني الشعري الأول، والذي صدر، أخيراً، في معرض الشارقة الدولي للكتاب «الدورة 35»، استبعدتها لأنها غير مناسبة، ففضلت أن أحفظها في الأدراج عوضاً عن نشرها حتى لا أثير حفيظة (القبيلة).
• أثرتِ الجدل بسبب بعض قصائدك التي اعتبرها كثيرون جريئة جداً، كيف تردين...؟
لم أثر الجدل فحسب، بل إن شاعرات في الإمارات والخليج، كثيرات، كتبن مقالات اتهمنني فيها بالكتابة بلغة الجسد، لا ألوم انتقادهن لقصائدي، لكن ألوم اتهامهن لشخصي، والكثيرات من هؤلاء الشاعرات كن جزءاً من تكويني الإبداعي في بداياتي، إذ كثيراً ما كنت أقرأ لهن. كانت عندي أدواتي الشعرية للكتابة إلا أني صراحةً، لم أوفق في توظيفها، ولم أوفق أيضاً في انتقاء المفردة، أما الآن فأنا أركز على إحساس القصيدة ومعناها أكثر من لغتها الشعرية.
بيئة وأعراف
• بالحديث عن منتدى (شظايا أدبية).. ما دور المنتديات في صقل وتكوين شخصية الشاعر؟
أنتمي إلى بيئة بدوية، وهي مختلفة عن غيرها في جملة تفاصيل ومسائل.. وهذا ما يحتم علي، التزام جملة اعتبارات وأسس في الإبداع والحياة عموماً. وفي العموم، أظن أن المشاركة والانضمام للمنتديات تتيح للشاعرة، التي في مثل وضعي، الاطلاع على تجارب شعراء من بيئات مختلفة، ثرية بالمفردات متأثرة بالتيار الحداثي، عدا عن الزخم اللغوي ولولا انضمامي واشتراكي في تلك المنتديات ربما لكنت مجرد شاعرة شعبية بحتة، لكنني تتلمذت على يد تلك القصائد وتعمقت في معاني مفرداتها بالبحث المضني، لأعرف كيف ومتى أستخدمها في نصي الشعري لتتحول القصيدة من مجرد سرد عادي إلى مشهد يحمل الكثير من المعاني والرمزية، بعيداً عن التقليدية وبأسلوب جديد ومختلف.
• منذ البداية، عرفت باسمك الحقيقي، ولم تكتبي باسم مستعار...
ذلك لأني كنت (مغفلة)، وأجهل ماذا يعني أن يكون لي اسم مستعار، لم يوجهني أو يأخذ بيدي أحد، وعندما كتبت باسمي الصريح ثارت القبيلة فغيرت واكتفيت باسم العائلة، رغم أن والديّ لم يعترضا، لكن الآن تغير المجتمع وتغيرت الأفكار.. فتقبلوا الشاعرة وأصبحت تتداول قصائدي، لا سيما الوطنية منها والتي هي مصدر فخر أن يقترن اسمي بقصيدة كتبت للوطن. وأشير إلى أنني أحترم التحفظ على قصائد الغزل حتى (لا يزعل مني أحد ولا أسمع كلام يزعلني).
نعم
• هل ندمت على كتابة بعض القصائد؟
ثلاث قصائد ندمت على نشرها، لكني لم أندم على كتابتها.. ولم أندم على إحساسها.
• ماذا تخبرينا عن (سنين الشغف) إصدارك الأول؟
هو حلمي الكبير الذي طال انتظاره، وأحب أن أستغل الفرصة من خلالكم. وأشكر من احتضن هذا الحلم ليصبح حقيقة، الشاعر الكبير علي بن سالم الكعبي الذي تبنى الحلم، حيث قامت دار «سحايب» مشكورة بتقديم الدعم لي بعد أن صدقت شعارات دور النشر الرنانة، والتي كانت تهدف لتحقيق مصالحها الشخصية بعيداً عن الشعر. وهكذا تمكنت، بالتعاون مع «سحايب» من طباعة الديوان ومراجعته فإصداره، في غضون شهر واحد.
محال
• كيف يمكن لمهندسة إلكترونيات أن تكون شاعرة ؟
سؤال صعب.. صحيح أن دراستي للهندسة سلبتني من الشعر فلم أعطه حقه، وكذا لم أستطع أن أكمل دراساتي العليا في الهندسة، لكني لا أستطيع أن أمنع إلهام الشعر حينما يأتي، فالشعر جزء من شخصيتي وتكويني لا أستطيع أن أنفصل عنه.
• التنافس أمر وارد في كل المجالات، لكن كيف هي حاله وطبيعته بين الشاعرات؟
أنا لا أنافس أحداً ولا يوجد من ينافسني، علاقتي طيبة بالشاعرات. والشاعرة زينب البلوشي هي أقربهن إلى قلبي، فقد مثلتنا في برنامج شاعر المليون خير تمثيل.
لا
• ألن تشاركي في «شاعر المليون»؟
لا أعتقد، فأنا لا أحب التصوير ولا أحب الظهور ومواجهة الناس، وهذا هو السبب في انطلاقي في التعبير، لا أريد أن أفقد شخصيتي الشعرية لمجرد الظهور والشهرة.
• ما رأيك بهذا البرنامج.. وبغيره من برامج المسابقات؟
مسابقات الشعر لن تصنع شاعراً إذا لم يكن الشاعر المشارك لامعا وشاعرا حقيقيا يمتلك الموهبة، أما «شاعر المليون» فموسمه الأخير كان رائعاً بكل المقاييس، فالشعراء: خزام السهلي وزينب البلوشي وعبدالرزاق الذيابي، كانوا إضافة رائعة للبرنامج.
• مَن مِن الشعراء يلفتك وتحرصين على متابعته؟
يعجبني الأديب الإماراتي محمد المر، وأيضاً: سعيد بن طميشان وحمدان المحرمي والشاعر السعودي عبدالله الرشاش والشاعرة السعودية (وارفة) والكويتية (ذروة شعر).
• قصيدة تمنيت لو أنك من كتبتها؟
قصيدة الشاعرة الإماراتية زينب البلوشي، والتي قدمتها في آخر حلقة في برنامج «شاعر المليون».
رٓجْل إنْ تقدّم ما تلفّت وراءَه
رجلٍ بكلّ مروءة يواجه الخصم
وفي المعركة .. «أخلاقْ زايد» رِداءه !
رجْلٍ إذا دارت رحى الحرب له عَزم
ويحمّس الثكنات من كبرياءه
رجْلٍ اذا استشهد، من بطولته القرم
وفعله مخلَّد في صحائف مُضاءة
سجَّل له التاريخ في التضحية اسم
يفخر بنصر مخضبٍ من دماءه
وتشيّعه الأوطان في موكبٍ فخم
موكب فخر وإكبار .. موكب عزاءه
يوم اصطفاه الربّ .. ما خيّب العلم
جته الشهادة؛ عزّ يضمن بقاءه
يا بيرق الحقّ إن طغى الجاير بظلم
أكسر على الظالم وحطّم رجاءه
ويا دولتي اللي تْحارب تْجارة الوهم
دكّي جحور أهل الفتن والدناءه
ثوري على الباطل بتصحيحك الفهم
حتى يموت المعتدي من بغاءه
لبيّك يا دار الفخر ساعة الحسم
هذا الوطن غالي وحنّا فداءه
ولبيّك بو خالد وأمرك ع هالخشم
فيلق جيوشك فائقٍ في أداءه
شعر: شيخة الكتبي
