جاليات عربية، تربى أولادها في بلاد الغربة بعيداً عن وطنهم العربي، فكانت النتيجة الانغماس في ثقافات الدول الأوروبية والآسيوية التي يعيشون فيها، ليأتي «تحدي القراءة العربي» لينير طريقهم، ويعيد لهم لغتهم العربية التي فقدوها في زحام الحياة، فكان بمثابة طوق النجاة لهم من الذوبان في الثقافات المختلفة التي تحيط بهم، «البيان» التقت عددا من الجاليات العربية التي شاركت في تحدي القراءة العربي، لتروي عن تجربتها الثقافية التي أعادت لهم ارتباطهم باللغة العربية.
التعمق في الفهم
يؤكد عثمان بن علي الزامل عميد كلية الملك فهد في لندن أن مبادرة «تحدي القراءة العربي» كانت بمثابة طوق نجاة للجاليات العربية في بلاد الغربة، حتى يعيد إليهم لغة «الضاد»، التي ضاعت منهم بسبب ابتعادهم عن دولهم العربية، ويضيف: «التحدي» خلق نوعاً من الارتباط بين الطالب ولغته الأم، فأعطت له المجال للتعمق فيها، وفهم مفرداتها، فأصبحت كالشمس التي لا تغيب.
جرس إنذار
بينما تشير أمل كمال رشيد ـ مشرفة الدنمارك، أن المبادرة كان لها دور فعال، في تغير أفكار مديري المدارس العربية في الدنمارك، حيث جعلتهم أكثر اهتماماً بطلاب الجيل الثاني المولودين على أرض الدنمارك. تقول رشيد: للأسف يتم تخصص حصتين فقط في الأسبوع للغة العربية، الأمر الذي أدى إلى عدم اهتمام الطلاب بها، ولكن التحدي جاء ليكون عوناً لنا، وجرس إنذار للعودة إلى لغتنا الغالية، فاليوم يتم دراسة إمكانية جعل حصة اللغة العربية كل يوم في المدرسة إلى جانب تزويد المكتبات بالكتب العربية، حتى يتسنى للطالب القراءة. وتضيف: هذا العام اشترك 5 مدارس في التحدي، والعام المقبل سوف تشترك أكثر من 10 مدارس إلى جانب انضمام دولة السويد معنا العام القادم في التحدي.
فرصة المطالعة
آية محمود طالبة فلسطينية تعيش في الدنمارك منذ نعومة أظافرها، «تحدي القراءة العربي» أعطى لها الفرصة للتعرف على مختلف الثقافات العربية، ومحاورة شخصيات لها ثقلها الثقافي، مشيرة إلى أنها كانت تهوى مطالعة الكتب التي تتحدث عن التقاليد والعادات العربية، أما عن الصعوبات التي مرت بها أثناء التحدي تقول: المكتبات في الدنمارك، من النادر أن تجد فيها كتباً عربية، ولكن المشرفين كانوا يسعون إلى توفير الكتب لنا، وقد منحني التحدي فرصة للاقتراب أكبر من جذورنا العربية.
زاوية إيجابية
أراد عبدالله عزان من إندونيسيا (18 عاماً) خوض تجربة «تحدي القراءة العربي»، خاصة وأنه يتحدث اللغة العربية بطلاقة، بدأ عزان في قراءة الكتب المختلفة، التي شكلت بداخله رؤية جديدة، فبدأ ينظر للعالم من حوله بزاوية أكثر إيجابية، فقد استفاد من تجربة أن القراءة ليست هواية أو رفاهية، لأنها تندرج ضمن قائمة الأساسيات كالأكل والشرب والنوم. أما الطالب السعودي مصعب القحطاني والذي تأهل من ماليزيا يقول: أحب القراءة منذ صغري، ولكن التحدي جاء ليوقظ بداخلنا الاهتمام باللغة العربية، ولقد قابلت خلال وجودي في دبي، العديد من الطلاب من مختلف الدول العربية، الأمر الذي أسعدني كثيراً، حيث دار حوار طويل بيننا عن العادات المختلفة بين الدول، إضافة إلى محاورتي للجنة التحكيم التي تحمل قدراً عالياً من الثقافة.




