رأت الدكتورة ثريا السنوسي «أن منبع الدّراسات حول وسائل الإعلام الجماهيرية هي المنطقة الأنغلوسكسونية. أما الدارسات حول استعمالات تكنولوجيات الإعلام والاتصال، فتجسد في البحوث الفرانكوفونيّة خاصة». ومن هنا جاء كتابها الذي أصدرته أخيرا، عن دار الكتاب الجامعي بعنوان «تكنولوجيا الاتصال ومسألة الاستعمالات – المقاربات النظرية والتغلغل الاجتماعي».
وقالت في مقدمة كتابها: «كان لابد لنا من تقديم مقاربة تاريخيّة نبسط خلالها مفهوم الاستعمالات بصفة عامة، ونتعرّض لتطور الدّراسات حول الاستخدامات والاستعمالات التكنولوجيّة في العالم». كما تناولت السنوسي مستويات الاستعمالات الرّقمية في الوطن العربي، ومدى شرعيّة الحديث عن اجتماعيتها.
الحتميات التقنية
انطلقت السنوسي في الفصل الأول، من مفهوم الاستعمالات والاستخدامات، وأبرزت ما يدور حوله من اشكاليات. وفي مقاربة تاريخية تحليليّة، تطرقت إلى أهمّ الأطروحات النظريّة التي تناولت مسألة الاستعمالات خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي بالغرب. وسجلت من خلال عدد كبير من الدراسات ميلا للحديث عن الحتميّة التقنيّة، واعتبارها المحرك الأساسي للمجتمعات. كما وجدت عدة دراسات، تدافع عن أطروحة الحتميّة الاجتماعية.
«إعلام المواطن»
وفي الفصل الثاني تطرقت المؤلفة إلى شكل اتّصالي ولد مع تشكّل الاستعمالات الرقمية وتجذّرها في العديد من المجتمعات، وهو «إعلام المواطن»، واختزلتها بثلاثة اتجاهات: إعلام المواطن كنتاج لتزعزع مع وسائل الإعلام التقليدية، يحيل الاتّجاه الثاني، إلى أن صحافة المواطن هي نوع من الإعلام التّشاركي والتّبادلي.. يكمّل الإعلام التّقليدي ولكنه لا يستطيع أن يحلّ محلّه مهما بلغت درجة نجاعته. وثالثا: إعلام المواطن كونه «صحافة رأي».
اتصالات تفاعلية
وحاولت ثريا السنوسي، في الفصل الثالث، التعمّق في طبيعة الاتصالات التفاعليّة عند الشّباب في تونس، وكنموذج رصدت من ورائه مدى تغلغل الاستعمالات الرّقميّة، مباشرة قبل قيام الثورات العربيّة (2011). وفي الفصل الرابع كان خير شاهد على تجذّر العادات الاستعمالاتيّة وتغلغلها في المجتمعين: التونسي والمصري، وذلك يتبدى من خلال تبني التكنولوجيات الاتصالية واستثمارها في المجال السياسي. لتخرج الباحثة من هذه الدّراسة المعمّقة، بمعادلة: «قُلْ لي كيف تستعمل؟ أقُلْ لك مَنْ أنت».
