أصدر قطاع المكتبة الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الطبعة الإنجليزية من كتاب "أصول الريادة الحضارية: دراسة في فكر الشيخ زايد" والذي أصدرته الهيئة باللغة العربية للمؤلف الدكتور نبيل راغب وترجمه للإنجليزية الدكتور عدنان عبدالله وتحرير بيتر هيللر.
وتقرأ الدراسة في الجوانب والأبعاد المتعددة لفكر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" وتؤكد أن أصول الريادة الحضارية عند الشيخ زايد تشكل منظومة متسقة الأصول ومتناغمة العناصر بحيث يستحيل الفصل بينها، فكلها أسباب ونتائج في حلقات من التسلسل المنطقي والرؤية الثاقبة والخيال الخصب الذي يخوض بالعقل الإنساني في مجالات لم يصل إليها من قبل ثم العودة بأفكار ومفاهيم لم تخطر على بال ذوي العقول التقليدية.
تحولات حاسمة
وتؤكد الدراسة أن مراحل التحول الحاسمة في تاريخ الحضارة البشرية مثل تلك التي مرت بها الدولة تحت قيادة الشيخ زايد تعتمد أساسا على القادة والمفكرين والزعماء الذين يضعون الأفكار التقليدية جانبا حتى يتيحوا الفرصة لإعمال خيالهم في استشراف الآفاق الجديدة حيث يصبح هذا الخيال الخصب الخلاق هو البوتقة التي انصهرت فيها كل عناصر المنهج الفكري وأصول الريادة الحضارية عند المغفور له الشيخ زايد.
واغتنى الكتاب بمقتطفات من كلمات الشيخ زايد "رحمه الله" وتصريحاته وأقواله وخطبه وندواته ومؤتمراته الصحفية وذلك حتى لا تمثل هذه الدراسة حاجزا بين القارئ وبين الاستيعاب المباشر لفكر الشيخ زايد.
تحليل ومقارنة
وتتبع الدراسة بالتحليل والمقارنة والتفسير الملامح الأساسية لهذا الفكر الخصب والعميق ومتعدد الأبعاد وتجسد في فصولها المتتابعة الزعامة التاريخية والنظرة الاستراتيجية والعمق الروحي والتجربة الديمقراطية والقيمة الإنسانية والوعي الوحدوي والتوجهات الاقتصادية والتنمية الزراعية والأمن القومي والسياسة الخارجية.
ويدور الفصل الأول حول "الزعامة التاريخية" وتأتي الفصول التسعة التالية كرافد منه وإليه.. بينما الفصل الأخير "السياسة الخارجية" نجد أن الفصول التسعة التي سبقته كانت بمثابة الدعائم التي ينهض عليها سواء على مستوى النظرية أو التطبيق وتعد فصول الدراسة بمثابة حلقات في سلسلة ممتدة عبر الزمان والمكان في اتساق فكري ومنطق لا يعرف التردد أو التراجع أو التخلخل أو التناقض أو الاهتزاز.
زعيم تاريخي
وأثبتت الدراسةأن الزعيم التاريخي والقومي الحق يضع في اعتباره دائما حكم الأجيال التالية عليه فهو حكم التاريخ، ولا شك في أن هذا الزعيم الذي يشكل عهده بريادته الفذة نقطة انطلاق حضاري لوطنه لا يمكن أن تتحول هذه الريادة الحضارية بعد ذلك إلى مجرد مرحلة تاريخية تنتهي دلالتها بانتهاء فترتها الزمنية بل تصبح جزءا حيا ومتجددا وملهما لانطلاقات حضارية تالية تنهض بها الأجيال الجديدة ذلك لأن قوة الدفع الكامنة في ريادته الحضارية وفكره الاستراتيجي ليست قوة آنية مؤقتة بل متفاعلة باستمرار مع آفاق المستقبل.
ويقول المؤلف إن الزعيم التاريخي يستلهم خياله السياسي بعيدا عن القوالب الجامدة والأفكار التقليدية والاتجاهات السائدة.
وتؤكد الدراسة أن الشيخ زايد استطاع أن يحل المعادلة الصعبة التي تحتم الجمع بين الأصالة والمعاصرة من خلال الرؤية الثاقبة والخيال الخصب الذي منحه القدرة على تحليل كل مكونات الواقع الراهن وحقائقه ثم على الانطلاق إلى آفاق المستقبل،المحصلة النهائية للحاضر.
شجرة مثمرة
يرى مؤلف الكتاب، نبيل راغب، أن أصول الريادة الحضارية عند المغفور له بإذن الله الشيخ زايد مثل شجرة مثمرة وارفة الظلال تمد جذورها في أعماق تربة الوطن لتستمد منها عصارة الحياة التي تسري في فروعها وأغصانها الشامخة التي تعلو فوق هامات السحاب وتحتضن ضياء الشمس وتتطلع إلى السماء وهي تحمد الله الذي منحها كل هذه القدرة على النماء والشموخ والعطاء.
