احتفى "البيت العربي" في كل من مدريد، حيث مركزه الرئيسي، وفرعه في قرطبة بالخط العربي وجمالياته التي ترسخت في الأندلس منذ قرون. ودرج "البيت العربي" إحدى مؤسسات وزارة الخارجية بإسبانيا، على إقامة المعارض والمحاضرات، إذ دعا مؤخراً الفنان والخطاط الإماراتي خالد الجلاَّف لإقامة معرض وإلقاء محاضرتين، حيث تمحورت حول: "تأثير الخط العربي في الفن الغربي". وقد قدم الخطاط خالد الجلاف ميغيل خوسيه، المتخصص في فن الخط العربي، وعرض مجموعة من لوحاته التي تأثرت بالفن الأندلسي، ومن خلال هاتين المحاضرتين، أكد الخطاط الإماراتي على الذاكرة الجميلة التي تتحلى بها منجزات وإبداعات الخط العربي، حيث أبدع العرب في كافة فنون العالم رواداً وأصحاب اسهامات ثقافية وحضارية مشهود لها في باقي الأمم. وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقة في ظلام الجهل والفرقة والحروب، كان العرب يقودون العلم والفكر والأدب والثقافة، والخط العربي على وجه الخصوص، بتأثيره الواسع على الحركة الفنية العربية عموماً. هكذا بدأ الجلاف محاضرتيه.

مفردات فنية

ثم انتقل إلى التأكيد على جمال الخط العربي الذي بهر الغرب لدرجة أنهم أدخلوه ضمن مفردات فنونهم. وما لفت نظر الخطاط الإماراتي في إسبانيا أنهم وعلى الرغم من عدم تحدثهم العربية، إلا أنهم يزينون بيوتهم ومحلاتهم بالخطوط العربية، بل وبآيات قرآنية. كما اشتملت المحاضرتان على محاور أخرى تبدأ من التعريف بتاريخ الكتابة عموماً والعربية على وجه الخصوص، ثم تطرقت إلى أنواع الخطوط العربية واستعمالاتها وأسباب تسمياتها، وتطرق إلى أدوات الخطاط من قلم وحبر وورق، وما أبدعه القدماء والمعاصرون في هذا الميدان، ودور دولة الإمارات في تشجيع هذا الفن محلياً وعالمياً.

تأثيرات الخط العربي

كما أكد الخطاط خالد الجلاف أن الأمر أكبر من مجرد آثار عربية تركت برحيل عرب الأندلس، بل هناك اكتشاف لمجموعة من النقود السويدية التي تحتوي على كتابات عربية، وكذلك الأواني الزجاجية والمكتشفات التي عثر عليها في فينيسيا الإيطالية المزينة بخطوط عربية جميلة، مثل عباءة الملك روجر الثاني التي ارتداها يوم اعتلائه العرش في صقلية، والمكتشفات أظهرت بأن نقاب القديسة آن من فرنسا كان مطرزاً بكتابات عربية. وهناك نماذج كثيرة إذ إن عدداً من كنائس باليرمو بإيطاليا هي الأخرى كانت مزينة بالكتابات الكوفية الجميلة، والغريب أن أنجيل ونشستر الشهير كان مزيناً بكتابات عربية مع أنه في الغالب مكتوب بخط لاتيني.

تشويه تاريخ

وقد لاحظ الجلاف أن معظم كتب التاريخ التي تُدرَّس في العالم قامت بتشويه هذا التاريخ حيث يتم تدريس تاريخ الفن القديم منذ فترة الإغريق والرومان والنهضة الأوروبية في كليات الفنون العالمية دون ذكر العرب الذين قاموا بدور الوسيط في ترجمة هذه الفنون إلى الغرب. ولكي يؤكد الخطاط ما ذهب إليه في محاضرتيه قوله على مسامع الإسبان إن نظرة واحدة إلى قصر الحمراء تكفي للتعريف بهذا الفن إذ المبنى عبارة عن تحفة معمارية وفنية ومتحف زاخر بالخط العربي والزخارف الإسلامية والمفاهيم الفلسفية والجمالية، وهو أكبر دليل على براعة العرب في هذا الميدان.