صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة أحمد مجاهد، العدد الواحد والتسعون من مجلة "الفنون الشعبية"، ويتصدر العدد ملفا خاصا عن أسعد نديم أحد، رواد الفلكلور التطبيقي في العالم العربي. وأسعد نديم المولود في الثامن من ديسمبر سنة 1928 انخرط في العمل السياسي وهو لا يزال في المدرسة الثانوية، وعندما التحق بقسم الاجتماع والفلسفة بجامعة القاهرة انضم إلى الجماعات الطلابية اليسارية، وتم اعتقاله مرتين، إحداهما في عصر الملك فاروق والأخرى في عصر جمال عبد الناصر، وبعد خروجه من المعتقل عمل مع أخيه سعد نديم في جمع المادة العلمية لسلسلة أفلام تسجيلية للتليفزيون المصري اسمها "فن بلادنا"، والتحق بمعهد الدراسات الأفريقية للحصول على الماجستير، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة في الفولكلور.
مدارس فنية
وفي إطار الملف يروي الدكتور هشام الشريف جانبا من إنجازات الدكتور أسعد نديم، مؤكدا أنه يُعد صاحب مدرسة علمية تطبيقية في الفولكلور، فهو مؤسس معهد المشربية لتنمية فن بلادنا، وصاحب إنتاج أكبر مشربية في العالم على الإطلاق، يزيد ارتفاعها على عشرة أدوار، وتمثل لوحة فنية تراثية ليس لها مثيل في بهو مقر صندوق الإنماء العربي بالكويت، وهو صاحب ورائد مدرسة للترميم بدأت بإعادة تأهيل وترميم بيت السحيمي بالجمالية، وأثبت بذلك إمكانية إنقاذ التراث المصري بعقول وأيدٍ مصرية، فتحول حطام بيت مهمل إلى مزار ثقافي عالمي، وكان أساسًا لفكرة مشروع القاهرة التاريخية.
أرشيف الفلكلور
وأسس أسعد نديم أرشيف الفلكلور ومركزا للإبداع الشعبي ببيت الخرازتي، وأسس أيضا الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، والتي قامت ببناء أكبر مكتبة مصورة توثيقية للتراث المصري تجوب كل محافظات وقرى مصر، وتلتقي وتصور وتوثق الفلكلور المصري في أربعة مجالات، الأدب الشعبي، والثقافة المادية، والعادات والمعتقدات، وفنون الأداء.
ويتضمن العدد الجديد من مجلة الفنون الشعبية دراسة في إعادة إنتاج للثقافة الشعبية لسعيد المصري؛ وتعرض هذه الدراسة لاستعارة التراث الشعبي باعتبارها واحدة من عمليات إعادة إنتاج الثقافة الشعبية التي تتمثل في محاولات إضافة عناصر ثقافية جديدة للمخزون الثقافي المشترك، وتتجلى هذه العملية في محاولات استعارة العناصر الثقافية من فئات وطبقات اجتماعية ومناطق ثقافية أخرى.
ومثال على هذه الاستعارات الثقافية أن تستعير فئات من النساء والشابات الفقيرات بعض الممارسات والأدوات الخاصة بتزيين الجسد، والتي تمارسها فئات من الطبقة الوسطى والطبقة العليا، مثل الذهاب إلى محال الكوافير خلال بعض المناسبات كاحتفالات الخطوبة والزفاف والأعياد إلخ.
الثقافة المادية
يقدم العدد أيضا دراسة في الثقافة المادية للحرف التقليدية والتغير الثقافي لفاتن أحمد علي، التي تسهم في إلقاء الضوء على بعض الأفكار والمفاهيم المهمة، مثل مفهوم التكنولوجيا الملائمة وغيرها، وقد بدأ الاهتمام بدراسة الثقافة المادية كميدان أصيل من ميادين علم الفلكلور في البلاد الناطقة بالألمانية، وبدأ الاهتمام به في مصر بشكل منهجي بدراسة حول الثقافة المادية الريفية، خرج في إطارها الجزء الخامس من دليل العمل الميداني لجامعي التراث الشعبي، وهذه الدراسة تناقش عبر محورين بعض الأفكار المتعلقة بمصطلح الثقافة المادية.
