كشفت الأمسية التي نظمها مركز ديرة الثقافي في مسرح دبي الأهلي مساء أول أمس بمناسبة صدور كتاب ( محمد خليفة بن حاضر المهيري، استعدادات وامضة لجماليات الراحل المسافرة ) عن تعطش الجمهور لرؤية الانتاج الشعري الضخم الذي خلفه هذا الشاعر الذي غيبه الموت العام الماضي في باريس عن عمر ناهز 66 عاما، هذا الكتاب هو من إعداد وتقديم الكاتب إبراهيم الهاشمي الذي يلقي الضوء على منتجه الأدبي في أمسية قدم لها ياسر القرقاوي بحضور الكاتب عمر غباش ونجل الشاعر الراحل حمد بن حاضر وعدد من مريديه ودارسيه والمهتمين.

كشفت الأمسية عن تعطش الجمهور لرؤية الانتاج الشعري الضخم الذي خلفه بن حاضر، الذي غيبه الموت العام الماضي في باريس عن عمر ناهز 66 عاما، ولم تكتف بعض المداخلات التي تخللت الأمسية وضم الهاشمي صوته لها بالكشف عن قرب صدور تلك الدواوين الشعرية ( وهي 9 دواوين بالشعر الفصيح و 3 بالشعر الشعبي في طريقها الى النشر )، بل حثت على الاسراع في نشرها هي وغيرها من الأعمال الشعرية والمقالات التي كتبها بن حاضر على مدار مسيرته الأدبية والثقافية التي امتدت نحو نصف قرن من الزمن، داعية إلى تكاتف الجهود الفردية والمؤسسية علاوة عن جهود أسرة الشاعر نفسها كي يرى هذا المنتج الانساني النور وكي يشق طريقه إلى المكتبات والمناهج التعليمية .

إرث ثقافي

من بين أبرز مفردات الإرث الثقافي الذي خلفه بن حاضر ما تحدث عنه إبراهيم الهاشمي عن أن الشاعر يعتبر علماً من أعلام الشعر في الإمارات بنوعيه العربي الفصيح والشعبي وكان كاتب مقالة ينشر في الصحف والمجلات المختلفة مثل جريدة (البيان) ومجلة المنتدى وغيرها، وكان يكتب بأسماء مستعارة كان آخرها اسم ( ثائر الخليج) مثلما كان يحرص على كتابة مذكراته، التي لم تر النور بدورها بعد، لكن المتوقع أن تشكل تلك المذكرات كنزا انسانيا حقيقيا لما تنطوي عليه حياة الرجل الذي بدأ دراسته صغيرا في علوم القرآن وتخرج من جامعة ليدز للتجارة البريطانية التي درس فيها إدارة الاعمال وذلك قبل أن يقع الاختيار عليه للعمل في السلك الدبلوماسي لحكومة أبوظبي في بيروت ولدولة الاتحاد بعد قيامها في باكستان وقبل أن يعود إلى أرض الوطن ويستهل سلسلة من الأعمال التجارية الناجحة.

كما أكد إبراهيم الهاشمي أن محمد بن حاضر كان ملتزما في ما يكتبه هموم مجتمعه وقضاياه الوطنية والقومية العربية و( كان له حسه الوطني العروبي القومي الواضح) فقد ساهم في تأسيس مؤسسات ولجان وطنية في خدمة العروبة وأهلها في مختلف أرجاء الوطن العربي مثل لجنة الإمارات الوطنية لمقاومة التطبيع مع العدو الإسرائيلي في شهر نوفمبر 200 إبان انتفاضة الأقصى المباركة وكذلك لجنة مناصرة الجنوب اللبناني بدبي عام 1982 ، وفي الميدان الثقافي والرياضي، أوضح إبراهيم الهاشمي أن الشاعر الراحل ساهم في تأسيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات وكذلك ندوة الثقافة والعلوم بدبي وكان أحد أعضاء مجلس الأمناء لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية وكان له مجلس رمضاني أدبي يومي، مثلما كان أحد مؤسسي نادي العروبة بدبي قبل اندماج نادي العروبة مع نادي زعبيل ليعلن عن تأسيس نادي الوصل عام 1973.

التصنيف و التدقيق

من جانب آخر، أوضح د. غازي طليمات، الذي يشرف على تصنيف وتدقيق الدواوين المنتظرة للشاعر، أنه قد تسلم جميع النصوص المراد جمعها لتصنيفها وتدقيقها ضمن أقسام وبحسب المواضيع والقوافي مثل قسم للشيخ زايد آل نهيان وآخر للشيخ محمد بن راشد وقسم يتعلق بالحياة والحب وآخر يتعلق بالطرائف مثل ديوان ديوان (السمر) ، وذلك في سبعة أو ثمانية دواوين لم يتم اختيار عناوينها بعد ولم تصنف زمنيا لأن تواريخ كتابتها لا يزال مجهولا، كما أشار طليمات إلى أنه يلاحظ أن بن حاضر كان يراوده نوع من الخوف من النقد وهذا موجود عند معظم الشعراء.

وقد تحدث حمد بن محمد بن حاضر المهيري نجل الشاعر الراحل لـ ( البيان ) حول مسؤولية العائلة عن نشر ارث والده، الذي يدرس الاخراج السينمائي بدبي بغية إخراج فيلم عن والده، وقال إن المؤسسات يجب أن تأخذ دورها في ذلك، أما عن دور العائلة، فقال:" ما يتعين علينا فعله، نقوم بفعله، حيث يتم جمع تاريخ الوالد بهدف التوثيق على أن يوضع نتاج هذه العملية أولا بين أيدي أبنائنا وأحفادنا حتى يتسنى لهم معرفة من كان جدهم، ومن ثم إذا أرادت الجهات الثقافية المعنية أن تفعل شيئاً بهذا الخصوص، فإن كل شيء سيكون متوفراً لدينا بشكله الصحيح وسنضعه بين أيدي تلك الجهات. لم يصبح أي من أبناء بن حاضر شاعر مثل أبيه، لكن حمد يؤكد أن له عماً يكتب الشعر الفصيح، بينما يدرس هو الاخراج بينما يدرس شقيقه خالد في كلية التجارة.

 

العمل المؤسسي

 

وصفت إحدى المداخلات بن حاضر بالاضافة الى الإرث الفكري بأنه يشكل جزءاً من تاريخ المنطقة ليس بوصفه شاعرا وأديبا وكاتبا فقط وإنما بوصفه رجلاً جمعته علاقات طيبة بحكام وزعماء وقادة رأي حول العالم، بحيث يصبح من المهم التصدي لأبحاث ودراسات تتناول نتاجه الشعري وتجربته الحياتية عموما، التي يعتبر البعض أنها ترتقي إلى مستوى العمل المؤسسي خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أيادي المرحوم البيضاء التي كانت ممتدة للآخرين ولأسر بكاملها كان يعيلها ولطلبة تكفل بنفقات دراساتهم وفوق هذا وذاك لمريديه.