لا يمكن القول إنه لدي تجربة كتابية، بل تأتي الكتابة بعد مراحل ضوئية، لها علاقة بتجربة الحياة والموت، أو الصعلكة. هذا ما أكده المؤلف والمخرج المسرحي صالح كرامة، في مستهل أمسيته التي جاءت بعنوان (تجربتي مع التأليف المسرحي) مؤكدا ان المسرح فن فاضح ، الخطأ فيه مكشوف، بعكس السينما والتلفزيون ، وذلك مساء أول من أمس في مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، في أبوظبي، حيث قرأ مسرحيته التي ألفها أخيرا بعنوان (الأول مكرر) والتي أهلته أخيرا للحصول على المركز الثالث في جائزة الشارقة للتأليف المسرحي، وهي الجائزة التي فاز بها للمرة الرابعة على التوالي. ليفتح من بعدها المجال للنقاش حول النص.
من وحي الواقع
يكشف النص الذي قرأه كرامة بأسلوب مسرحي، عن شخصيتين فقط وهما ساري، وريما، ومن خلال ساري يطرح المؤلف الكثير من المسائل الوجودية، لرجل يريد العيش وحيدا وتطارده النساء، لتأتي ابنته الشابة ريما التي بحثت عنه طويلا، كي تعيد إليه الماضي، لكن هذا لم يغير شيئا، فساري يصر على البقاء وحيدا، ويترك ابنته تغادر المكان بعد اعترافه بها.
عن هذا قال كرامة : إن هذه القصة مستوحاة من قصة حقيقية، فقبل عشرين سنة، وفي ألمانيا كان هناك فتاة أفريقية، تعودنا على وجودها كصديقة لزملائنا، وفجأة لم أعد أجدها، فقالوا لي أنها ذهبت إلى أفريقيا كي تبحث عن والدها، وماتت هناك. وأوضح: قرأت كثيرا عن أفريقيا، كي أدعم أجواء المسرحية، وشاهدت طقوس قارة تنهب، لتترك من بعدها على حالها.
وأشار: هناك جوانب إنسانية عميقة من خلال الأب الذي يتشظى، تحت تأثير مأزقه الوجودي، ويصل إلى ذروة الصراع بالتدريج، في إطار ثنائيات مطروحة في النص. وأكد أن المسرح فن فاضح، والخطأ فيه مكشوف، بعكس السينما والتلفزيون. وقال: لا أستند كثيرا في نصوصي على التاريخ، فحتى في مسرحية (حرقص) التي جاءت نتاجاً تاريخياً، لكني تحولت فيها إلى فضاء غير معلوم، كعادتي في نصوصي الأخرى.
ذكريات
لم يستطع صالح كرامة أن يحصر المناقشة بنص مسرحيته، كما طلب، بل قادته الأسئلة إلى حديث عن الذكريات حيث قال: نشأت في حي (الباورهاوس) الشعبي، الذي أزيل في بداية التسعينات وأزيل معه مسرح الاتحاد، لكنه ما زال في ذاكرتي وأهديت أول مجموعة قصصية صدرت لي إلى الحي الشعبي، الذي شكل في إزالته أول صدمة لي مع المدينة، التي زحفت عليه بقوة. وقال: كنت أتوهم أني سأبقى في هذا المكان بكل تقاليده، وبعد فترة وجدته وهماً، وبت ألتقي مع أصدقائي صدفة على إشارات المرور.
وأوضح: ضم مسرح الاتحاد في السبعينات رواد المسرح أمثال إبراهيم جلال عملاق المسرح العراقي، وصقر الرشيد الذي توفي في السبعينات، وعبدالله مفتاح، ومحمد الجناحي، كلهم ذهبوا ولكن في ذاكرتي كانوا يوما يعملون مثل خلية النحل. واختتم العامري بالإشارة: لو بقي هذا المسرح، لكان قد أسس لحركة مسرحية هامة في أبوظبي.
