تنتمي مسرحية ( بايتة ) من الناحية النمطية إلى الكوميديا السوداء التي تعرض مواقف مأساوية مؤثرة بقالب كوميدي اجتماعي كاشف ولماح لا يخلو من الارتجال واللعب بالكلمات والرشاقة في تبادل الأدوار بين الممثلين، الذين أظهروا حالة استثنائية من التناغم ، هذا ما حصل بالفعل في حالة مسرحية ( بايتة) التي عرضت مساء أول على خشبة مسرح مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية.

مسرحية (بايتة) من تأليف مرعي الحليان وإخراج ناجي الحاي وإنتاج جمعية الشارقة للفنون الشعبية والمسرح ـ فرقة المسرح الحديث للعام 2011 وسبق عرضها في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في الدورة 21 ، وهي من بطولة حسن رجب ومرعي الحليان وخالد البناي وموسى البقيشي وجمال السميطي والمؤثرات الضوئية المهندس محمد جمال والمؤثرات الصوتية من تصميم محمد مال الله وتنفيذ عبد الرضا محمد.

 

ليلة واحدة

زمن الحدث الذي ترصده مسرحية (بايتة) هو ليلة واحدة أو ما تبقى منها، حيث يقوم أربعة موظفين في إحدى الوزارات بخطف وزيرهم تحت تأثير الخمر، ويأتون به إلى بيت إبراهيم ويكملون السهرة هناك، لكنهم سرعان ما يغطون في نوم عميق بفعل حبوب دواء للأعصاب يخص زميلهم أبو عفرة دسها جسوم في أكوابهم خلسة.

بينما يضطر الوزير إلى النوم على كرسي حتى الصباح لأنه لا يريد أن يراه أحد خارجا من ذلك المكان سيئ الصيت، وبذلك تتهيأ ظروف المواجهة الصباحية بين الطرفين، الموظفون من جهة والوزير من جهة أخرى.

مسرح الاحداث

هكذا وبهذه السلاسة، يصبح مسرح الأحداث جاهزا لاستعراض القضية التي تحاول هذه المسرحية معالجتها والمتمثلة في المكاشفة بين طرفين يرمز أحدهما إلى الجمهور والآخر إلى الحكومة، أو الموظف والمسؤول، بينما تقوم الحكاية على مطالبة الموظفين الأربعة لوزيرهم بان يستمع إلى شكاويهم التي تسلط الضوء على مجموعة من القضايا التي يواجهها المجتمع من بينها الفقر والديون والتهميش والبطالة والتوطين وحتى التركيبة السكانية.

لكن الأسى الذي يشعر به المتلقي تعاطفا مع تلك القضايا المؤلمة لا يتأتى من إمكانية حدوثها في المجتمع فحسب، بل من عدم وجود حل لها أيضا، حيث ينسدل الستار الافتراضي للعمل على مشهد العتمة الاستهلالي نفسه والذي يتخلله أصوات مبعثرة هنا لا تخلو من الصراخ واللامبالاة والأنين في مشهد المراد منه القول إن حمى تلك القضايا لا تزال مستعرة.

 

بيئة العرض

في معرض رده على سؤال حول المتغيرات التي تطرأ على العرض المسرحي في حال تكراره مرة أو أكثر، تحدث الفنان ناجي الحاي عن فروقات تتعلق ببيئة العرض وبجمهوره وبالخشبة التي يعرض عليها، وأكد أن المسرح كما الحياة تتبدل بصورة مستمرة .

ولا تثبت على حال، ودعا إلى تحسس طبيعة الخشبة في كل مرة يتم فيها عرض أي عمل حتى لو كان مكررا، فتلك الخشبة تختلف من مكان إلى آخر، كما أشار الحاي إلى أن اختلاف التقنيات من عرض إلى آخر يؤثر على العرض أيضا، فكلما تراجعت تلك التقنيات برز دور أداء الممثلين وزادت جرعة الارتجالات للتعويض عن ذلك النقص.