تحت عنوان المخاطر التي تواجه السرد العربي كتاب على الحافة جاء عنوان الحوار الذي جمع المرشحين لقائمة الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر القصيرة، وذلك مساء أول من أمس في مجلس الحوار. خمسة روائيين جمعهم الحديث عن تجربتهم، وفرقتهم الآراء والأساليب.

وهم اللبناني جبور الدويهي الذي تأهل عن روايته شريد المنازل، بينما أهلت رواية عناق عند جسر بروكلين، المصري عزالدين شكري فشير، ورواية دمية النار أهلت الجزائري بشير مفتي، وتأهل التونسي الحبيب السالمي عن روايته نساء البساتين، وأخيراً المصري ناصر عراق عن روايته العاطل، وعن أجواء روايتهم، وعن إشكاليات أخرى، جاء الحوار الذي أداره الناقد العراقي الدكتور معن الطائي.

 

تمثيل الواقع

الحبيب السالمي قال: كانت في نساء البساتين، حيادية صادمة لما يحدث أمامي، هو برود، وهذا البرود ليس بموضوعي هو برود مقصود لأجل عدم التورط بتفسير كل ما يرُى. وأشار الرواية لا تحتاج إلى الكثير من النقد، فلدينا حدثنا الداخلي، وهو ما يشكل البوصلة، مثل الأعمى الذي يتقدم في مكان لا يراه.

ورفض السالمي ما يمكن اعتباره تنبؤا: وأكد أن هذا لا ينفذ الرواية التي قد لا تحمل إلا هذا التنبؤ، فالكاتب ليس نبياً كي يتنبأ. وأضاف: الأدب يصدر عن الواقع ونتحدث عنه كأنه مباشر، والكتابة تمثيل للواقع والكاتب صائد لحظات.

الفكرة أولاً

قال عزالدين شكري فشير: تراودني نفسي أن أسلك درب ربيع جابر الفائز بجائزة البوكر لهذا العام، والذي أكد ما الذي قلته في الرواية، وأضاف: أنا لست ناقدا ولم أدرس النقد ولا الأدب، والرواية لدي تبدأ بفكرة وتنتهي بصور، وأحاول أن أعمق بعدين، وأجد بعدا ثالثا، وأحولها من صور إلى تمثال، وأثناء الكتابة أحركها، وأرص القطع مع بعضها بمزيد من العبث، وعندما أشعر بأن المزيد سيدمرها أتركها.

وعن روايته عناق عند جسر بروكلين قال: بدأت فكرة الرواية في نيويورك، وأنا أزور قاعة ضحايا 11 سبتمبر، وعندما تعبت من التجوال جلست، وبينما أنا جالس بمنظري العربي رآني طفل، وارتبك وتصورت ربما سأل نفسه هل أنا مواطن زائر أو قطعة من المقتنيات.

ورأى فشير دوره كما فسر: مثل كاميرا قائلاً أتمنى أن تكون فائقة الحساسية، أثناء اللقطات والتراكيب، وحسب التفاعل تظهر هذه الأشياء، فقد يتذكرها القارئ أو قد توحي له بسؤال.

وأكد: مادة الكاتب من الواقع، وقد يكون واقعاً قديماً فبعض الكتّاب يخروج من الأرياف ويبقون طوال عمرهم يكتبون عن الريف، وقد يلتقط الكاتب عناصر التغيير ويعمل عليها بشكل غير واع. وأوضح فشير: أصبح عندي مع الوقت مشكلة مع النمط الكلاسيكي، ومع الروائي والتسلسل الزمني، الرواية ليست قصة ليمسكها، وهذا موقف فردي، فهناك طرق أخرى ولن أندهش إن رأيت المزيد من التجارب، وربما نعود إلى شيء آخر من الأدب.

 

تأويل

عن روايته العاطل قال ناصر عراق: كان في الرواية إشارات خجولة إلى ما سوف يحدث، وهناك رمزية من خلال شخصية الأب المتسلط، ربما هي محاولة للتملص والحديث المباشر عن الموضوع، إذ أوضح قبل الثورة بقليل أصدرت الرواية، وبرأيي أي كاتب يستند إلى موقف سياسي.

ومن معرفتي الجيدة بتاريخ مصر كنت أعتقد أن الوضع لن يستمر، ولكن لو كتبته بشكل مناسب لن يكون هذا منطقيا، ولكن نستطيع القول إن الكاتب يكتب متشبثا بكل أفكاره وآرائه، ولما تخرج للقارئ فيمكن التأويل من قبله بأكثر من طريقة.

وأشار عراق أن التراكم المعرفي والعمل والصناعة هو ما يغير المجتمعات، فمن عام 1912 إلى الآن تغير العالم العربي تغيرا تاما.

 

تغيير

رأى بشير مفتي ليس من مهمة الرواية تغيير الواقع، فالرواية قد تغير إنساناً من الداخل، لكن لا أتصور بأن هذا التأثير خاصية في المجتمعات العربية، التي لا تقرأ الأدب، والتي تعتبر أن خالصها بالدين. وأشار: في أحسن الأحوال تطبع ألفي رواية، ولولا جائزة البوكر لما وصلنا إلى هذا الرقم، وأوضح كوني مثقفا قد ألعب دورا في المجتمع كمنخرط في الشأن العام، ولكن يجب أن تكون المهمة الأساسية الإبداع. وقال مفتي: بعد عمل الروائيين العرب على التراث، عدنا الآن لنقرأ رواية فيها حكاية. كما كان من قبل.