يسدل مهرجان أيام الشارقة المسرحية، مساء اليوم، الستار على دورته الـ 22 بعرض مسرحية «طورغوت»، من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسيتم أيضاً الإعلان عن نتائج هذه المسابقة المسرحية بعروضها التسعة لمختلف الفرق المسرحية في الدولة، في حفل يحتضنه مسرح قصر الثقافة في الشارقة.

وكان المهرجان قد شهد في أمسيته الثامنة مساء أول أمس عرض مسرحيتين، الأولى هي «أمس البارحة» لجمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، وتأليف جمعة بن علي، وإخراج عبد الرحمن الملا، وبطولة جمعة بن علي «مبارك» وآلاء شاكر «حليمة»، والثانية هي «إخوان شما» لفرقة المسرح الحديث، من تأليف مرعي الحليان، وإخراج إبراهيم سالم، وبطولة حسن رجب «عبد الله»، ومرعي الحليان «حميد»، وبدور الساعي «نورة» وإبراهيم أستاذي «جاسم»، وسلوى الأميري «فاطمة».

ظلال قاتمة

«أمس البارحة» تضيء على علاقة حب بدأت منذ الصبا، وتُوجت بزواج، تلقي عليه حادثة عابرة تتعلق بشرف الفتاة قبل الزواج بظلال قاتمة على هذه العلاقة، التي سرعان ما تتخذ منحى قاسياً ومؤلماً يؤدي إلى تقوقع ذات المرأة داخل سجن فرضته على نفسها، قبل أن يفرضه عليها الزوج الذي يتعلل بقيم المجتمع العليا، كالشرف والدفاع عن العرض والأرض، ليبقى خارج تلك الأسوار النفسية الشاهقة، التي تكسرت على صخرتها السوداء أعذب المشاعر التي كانت تجمع بين الفتاة والشاب.

مسار درامي

المسار الدرامي لحكاية مبارك وحليمة يأخذ منحى فنتازياً بطريقة يصعب معها معرفة الواقع من الخيال، واليوم من الأمس، ويبدأ من القمة، من أرذل العمر، ويعود إلى الوراء راصداً عهوداً أخرى في تاريخ هذه العلاقة المريرة وبداية التراجيديا، عندما علم مبارك بأمر تلك الحادثة التي لم تحُل دون استمرار العلاقة بينهما، لكنها جعلت حياتهما جحيماً لا يطاق، بينما جاءت العناصر الإخراجية للعمل مستندة إلى مفردات تراثية مستمدة من المجتمع الإماراتي لا تقتصر على اللهجة الدارجة التي يتحدث بها بطلا العمل، وإنما تطال كافة عناصر الديكور، الذي يعتمد في المقام الأول على الحبال المتشابكة في فضاء الخشبة، وتراب وأدوات لصناعة الفخار والخياطة والتطريز، وغرفة نوم يتصدرها صندوق تقليدي ضخم كان يستخدم بدلاً عن الخزائن.

 

حبكة

يجسد المشهد الأخير من «إخوان شما» ذروة الحبكة الدرامية للعمل التي يمكن وصفها بالمحكمة، والتي أراد لها إبراهيم سالم أن تبقى مفتوحة على حالة من الجدل، اتساقاً مع الفكر الإنساني الذي لا يعترف بالنهايات المطلقة، بحيث ينطوي مشهد الختام الذي تمتد فيه الحبال بكل الاتجاهات على الخشبة على تأويلات متباينة تشي بحالة الانقسام التي تطرأ على علاقة الإخوة الثلاثة، وبانبلاج فجر التنوع والتعددية في الوقت نفسه، ما فتح باباً للنقاش في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض، وشارك فيها إبراهيم سالم ومرعي والحليان، وأدارتها الدكتورة عبير الجندي. وقد عقّب إبراهيم سالم على المداخلات التي طُرحت في الندوة، والتي أثنت بمجملها على العمل نصاً وإخراجاً وتمثيلاً، وقال إن القضية الأهم في المسرح هي الممثل، إلى جانب الفكرة، وعلى هذا الأساس تم بناء الحلول الإخراجية في المسرحية.

 

ندوة تطبيقية

وقد حرص جمعة علي في الندوة التطبيقية، التي أعقبت العرض وشارك فيها جمعة علي نفسه، وعبد الرحمن الملا، وأدارها الدكتور عبد الإله عبد القادر، على توصيل رسالة إلى الجميع مفادها أنه لا يخرج عن النص في الأعمال المسرحية التي يقدمها في المهرجانات، بينما يمكن أن يعمد إلى ذلك في الأعمال التجارية.

أما «إخوان شما»، فقد ذهبت في اتجاه آخر مختلف لجهة الطرح وأسلوب المعالجة، إذ تندرج ضمن المدرسة الاجتماعية الكوميدية الواقعية، بحيث يمكن القول إن هذا العمل المسرحي يقدم للمتلقي وجبة فكرية اجتماعية دسمة بأسلوب فيه من خفة الظل ما يكفي لشد انتباه الجمهور طوال زمن العرض، الذي يرصد المسافة بين جيلين أو بين فكرين، الأول محافظ يسعى لترسيخ كل ما هو قديم، يمثله الأخ الأكبر حميد، الذي يلعب دوره مرعي الحليان، والآخر ليبرالي ينادي بالتجديد والتغيير، يمثله الأخ الأصغر جاسم، الذي يلعب دوره إبراهيم أستاذي، بينما يقف الآخر الثالث المتوسط عبد الله، الذي يلعب دوره حسن رجب، بين الطرفين، قبل أن يحسم أمره ويقف إلى جانب التغيير.