بدأت زهرة المسرح بنشر ربيعها في الأردن، من عبق بيئتها المحلية في محافظة «مادبا» غرب الأردن، مستثمرة التقارب النوعي للمثقفين وجمهور الناس. وتحديداً في عام 1960 أعلنت الفنانة الأردنية رفعت النجار وعبر مسرحية بعنوان «رصاصة في القلب» أولى حركات التمرد تجاه الحضور النسائي في المسرح الأردني، في وقت حُرم على المرأة الوقوف أمام عتبة الباب دون مصاحبة رجل من العائلة بحجة حماية الشرف.
وبين التنوع الثقافي الأردني وانفتاحه برتم بطيء، التقينا بالمسرحية الأردنية أسماء مصطفى المفردة النسائية الوحيدة الصامدة إلى الآن، أمام مغريات سحر الشاشة والعرض التلفزيوني في عمّان، مؤكدة لنا أن الخشبة حررت المرأة روحياً وجسدياً وجعلتها محلقة، وإشكالية مسرحنا العربي يكمن في البحث والاشتغال وتفكيك النص وليس في حضوره.
حرية مغمورة
مفهوم المسرح في مجتمع لا يزال قضية الشرف تٌطرح فيه وبقوة، يوازيه مشاركة المرأة المغمورة بالحرية الإبداعية على الخشبة مثلكِ، يستلزم تقديم صورة إيضاحية تفسر المعادلة؟
- فعلاً الحديث عن التنوع الثقافي في المجتمع الأردني، عبر مشاركة الشركس والأرمن والفلسطينيين والسوريين، قدم نوعاً ما تفسيراً جزئياً نحو الانفتاح الأردني القائم على القبلية. وانضمام المرأة الأردنية للبوتقة المسرحية منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، باحترافية واشتغال متقن، إشارة للمرحلة التفاعلية للفعل الاجتماعي لأمثال: قمر الصفدي وسميرة خوري وغيرهما.
والتلفزيون في التسعينيات يعد سبباً وجيزاً لعزوف المرأة والإقلال من حضورها المسرحي، رغبةً في الشهرة والأريحية المادية. وبين تقبل المجتمع ورفضه للمسرح، صمد المسرحيون الأردنيون، باعتبار الخشبة الملاذ الوحيد للتغيير.
تحرر مسرحي
تحرر الجسد والروح هل تعتقدين أن المسرح وحده يستطيع فعل ذلك؟.
- لا أنظر فقط، بل أؤمن بالخشبة كمصدر إثراء ذاتي، وأنا فعلياً سعيدة بمشاركة المرأة الخليجية في المسرح، ولكن لا أخفي امتعاضي تجاه عدم وجود جهات تشتغل على الممثلة الإماراتية بشكل احترافي أكثر، وإدراكها لمسألة التحرر الروحي والجسدي مسرحياً، فأنا لا أزال أراها تُكبل نفسها بمنظور العادات والتقاليد، وهذا اختراق للقواعد العامة المسرحية. وفي الحقيقة العمل في المسرح أطروحة للحرية بكل أبعادها الإنسانية، والمرأة الخليجية تتحرر عبر التلفزيون بشكل يضاهي المسرح. وهي مطالبة أتقدم بها لأيام الشارقة المسرحية لتعزيز أدوات الممثلة الإماراتية.
مدرسة اشتغال
التقاء النص والممثل والمخرج، ومعيار التراكمية في العمل المسرحي، كيف تقيمين التجربة التي تطرحينها كمعيار للتطوير في المجال.
- آن الأوان لأيام الشارقة المسرحية، أن تقيم التجربة، وتبدأ بمسألة تحقيق التقاء النص والممثل والمخرج، باعتبار المهرجان المسرحي أكاديمية ومدرسة اشتغال، يجرب فيها كل من: الممثل والمخرج أدواته، عبر مراقبة ذواتهما ومسائلتهما لتحقيق التطوير. ومعيار التراكمية ينطلق من المحلية إلى العالمية، وبالنظر للمسرحين المغربي والتونسي مثلاً وانفتاحهما الأوروبي، يجنبنا فعل التعميم للحالة الثقافية في المسرح العربي.
نهوض
المسرح الأردني حر، ولا يملك جهة تقيم عليه سلطة الرقيب هل تعتقدين أن هناك جنوحاً نحو مشروع مسرحي لم يكتمل بعد.
- أعيد التأكيد، المسرح الأردني يمتلك سقف حرية مرتفعاً، والرقابة فيه ذاتية، وأنا أقف محلقة بجسدي وروحي دونما توجيه، متحملة مسؤولية الحرص على نفسي وعلى قضايا الآخرين، والفن يستحيل أن ينهض دونما حرية ووعي وثقافة. وحول مشروعي القادم في المسرح، فإن الطفل يزف في نفسي إشعاعاً لظلامات خلقتها التكنولوجيا، وأرغب من خلال شعار (ضحك ولعب ومسرح) إعادة براءة الطفل العربي وحبه للقراءة وإطلاق العنان لخياله.
