أطل الثنائي محمد العامري مخرجا وإسماعيل عبد الله مؤلفا مجددا من خلال مسرحيتهما ( صهيل الطين) لمسرح الشارقة الوطني مساء أول من أمس على جمهور الأمسية الثامنة من أمسيات مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي يسدل الستار مساء غد على دورته الـ22 في قصر الثقافة بالشارقة، بينما تصدر اسم الفنان أحمد الجسمي قائمة الممثلين الذين لعبوا دور البطولة في هذا العمل المسرحي الذي يطرح على بساط البحث حالة للصراع الأبدي بين ثنائية الماء والنار أو ثنائية النار والطين وثنائية الماء والطين في إشارة إلى ثنائية الحياة والموت والخصب والجفاف والولادة والوأد.
صنعة الدهشة
يظهر هذا العمل، الذي يشارك في بطولته كل من حنان مهدي وأحمد إسماعيل وهبة مصطفى ومحمد جاسم وعمر صفر ومحمد درجلك وأحمد درجلك وعلي درجلك وعثمان جوهر، حالة إصرار على احتراف صنعة الدهشة التي باتت السمة المميزة لتجربة محمد العامري الاخراجية الموغلة في الاهتمام بتفاصيل أي عمل درامي يتصدى له، فتتحول عناصر الديكور المختلفة وأبرزها التماثيل الطينية في حالة( صهيل الطين) إلى كائنات تكاد تنطق على الخشبة، وذلك بالتضافر مع عناصر العملية الإخراجية الأخرى وخاصة السينوغرافيا منها، التي احتضنت نصا مسرحيا يعالج قضية اجتماعية بأبعاد فلسفية وسياسية تتعلق بما يمكن أن يطلق عليه متلازمة تجدد الحياة بصفتها طبيعة كونية لا يملك أحد ولا سلطة في الدنيا أن يقف في وجه استمراريتها.
خواطر و أسئلة
كان من الطبيعي أن يثير هذا العرض المسرحي المركب مجموعة من الأسئلة والخواطر في أذهان جموع المتفرجين الذين غصت قاعة المسرح بهم وأن تنعكس تلك الأسئلة والخواطر في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض، وشارك فيها محمد العامري وإسماعيل عبد الله وأدارها غنام غنام والتي أجمعت على أن هذا العرض يؤكد أن المسرح الإماراتي قد بلغ مرحلة الاحتراف، حيث رأت بعض المداخلات أن لغته الدرامية حاولت مغادرة المستويات التقليدية على المستويين البصري والأدائي في نص محمل بجرعة عالية من الشعرية ويحاذي الدراما ويراقصها، ما فرض على المخرج أن يجد أدوات وقراءات من نوع خاص، حسبما رأت مداخلة أخرى انطلقت من أن البطولة تذهب للإخراج والسينوغرافيا في هذا العرض الذي يمازج بين عدد من المدارس الاخراجية من بينها المدرسة التشكيلية والتصورية بملامح مستمدة من الطقس الأنثروبولوجي والمسرح الرمزي ومسرح القسوة.
مداخلات
فيما يتعلق بالعناصر الاخراجية، تحدثت إحدى المداخلات عن إقحام مبالغ فيه لعناصر الديكور واكتظاظ للعلامات والإشارات في هذا العرض المفعم بالرقصات التعبيرية، ما حال دون مزيد من الحركة على الخشبة، فضلا عن إسراف في استخدام المؤثرات الصوتية والجوانب البصرية، التي تحولت إلى عوائق على الخشبة، بحيث لو أنها ظهرت بجرعة أقل لسمحت للنص بأن يبرز أكثر. حتى الموسيقى لم تسلم من النقد.
