حضرت السلطة الرابعة في ختام فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان طيران الإمارات من خلال العديد من اللقاءات والندوات والجلسات الحوارية وكان آخرها ندوة نظمتها هيئة دبي للثقافة والفنون تحت عنوان" صحافة التحقيقات: كيف يتناول الكتاب الإماراتيون القيم الثقافية في عالم تتدفق فيه الأخبار على مدار الساعة"، وشارك فيها الإعلاميان كارولين فرج وضرار أبو الهول ونخبة من الكتاب والإعلاميين.
وركزت المداخلات على أهمية التحقيق الصحافي والدور الكبير الذي يلعبه في قضايا بالغة الحساسية على غرار التحقيق الذي نشرته الصحافة الأميركية حول فضيحة ووترغيت، التي أسقطت الرئيس الأميركي نيكسون.
أخلاقيات مهنة
كما تطرقت المداخلات إلى أخلاقيات مهنة الصحافة والنشر، حيث لاحظ المتداخلون عدم وجود شيء مكتوب أو ميثاق شرف صحافي في الساحة الصحافية، على خلاف تجربة مثل تجربة مؤسسة السي إن إن، حيث أوضحت كارولين فرج أن هذه المؤسسة لديها كتاب كبير عن أخلاقيات المهنة وأنه يتعين على كل صحافي أن يقرأه وأن يكتب رسالة رسمية تفيد بأنه فهمه، فضلا عن أنه يتعين عليه تقديم ثلاث امتحانات في الكتاب نفسه، وذلك تأكيدا على أهمية أخلاقيات المهنة التي يجب أن يتمتع بها الصحافي الذي أكد المتداخلون على ضرورة أن يكون موضوعيا ومتأنيا في تناول الأخبار أو عند الاعداد للتحقيق الصحافي.
دولة وتراث
تاريخ دولة الإمارات وتراثها من المفردات الخاصة التي احتفى بها المهرجان، فخصها بعدد آخر من فعالياته كان آخرها ندوة شهدتها أمسيته الأخيرة مساء أول من أمس تحت عنوان( الرحلة من الإمارات المتصالحة إلى الإمارات العربية المتحدة)، والتي استعرض فيها فرانسيس ماثيو محرر صحيفة( غولف نيوز)، المحطات الرئيسية في تاريخ الإمارات المعاصر، بينما تحدثت فاطمة لوتاه، المسؤولة عن قسم التراث في هيئة دبي للثقافة عن الجهود المبذولة في الدولة للحفاظ على مفردات التراث الإماراتي.
وقد استندت مداخلة ماثيو على كتاب قام بتحريره عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في سياق محاولة للإجابة على سؤال أين أضحت الإمارات بالمقارنة مع ما كانت عليه الأحوال في الإمارات في النصف الأول من القرن الماضي، حيث أصبحت الإمارات خلال فترة قصيرة نسبيا لا تتجاوز 40 عاما عضوا فاعلا في المجتمع الدولي ووجهة سياحية عالمية ومقصدا للمؤتمرات والمعارض الفنية والتجارية والفعاليات الرياضية الدولية ونقطة التقاء مهمة بين الشرق والغرب.
كما سلطت لوتاه بدورها الضوء على جانب من الحياة التراثية في البلاد والجهود التي تبذلها دبي الثقافية ومختلف المؤسسات الثقافية الأخرى للحفاظ على التراث من خلال انشاء المراكز التراثية في المدارس وجمع روايات شهود العيان من كبار السن من المواطنين عن طريق تسجيلها وتدوينها قبل أن يرحلوا وترحل معهم كنوزهم المعرفية والتراثية.
وجمعت ندوة "الجائزة العالمية للرواية العربية"، التي أدارها الدكتور محمد عبد العليم، كلا من الروائي الجزائري بشير مفتي والمصري ناصر عراق، اللذان قرآ بعض الصفحات من روايتهما المرشحتين إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر "دمية النار" و"العاطل".
وكشف ناصر عراق عن أنه أنجز مؤخراً رواية جديدة بعنوان" تاج الهدهد"، وقال: " عشت منذ طفولتي بين المجلات والصحف والأوراق، وهذا ما دفعني إلى التعلق بالكتابة"، بينما قال بشير مفتي: "لكي تكون كاتباً يجب أن تكون عاشقاً كبيراً للقراءة. في البدء كانت لي رغبة أن أكتب رواية خيالية إلا أن سياق الأزمة الجزائرية فرضت علينا كتابة رواية الواقع المر".
افكر الاستبدادي
أشعلت الكاتبة المصرية نوال السعداوي شرارة إشكالية الفكر الاستبدادي، ودور الاستعمار الخارجي وأثرهما في إحداث التخلف في البلدان العربية. وذلك عبر حديثها في حلقة نقاشية عن حياتها وأعمالها في السلك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري. وأكدت فيه أنها لن تتوقف أبدا عن الكتابة، ولن تسمح لأحد بأن يفرض عليها التوقف. وقالت: " التوقف عن الكتابة، يعني البطالة، فأصعب ما يمكن حدوثه هو أن تفرض علينا البطالة".
الكتابة في السجن
كما أكدت السعداوي أنها مارست الكتابة في السجن أثناء اعتقالها حول مختلف القضايا، وأنها كتبت على أوراق التواليت، مستخدمة قلم الحواجب. وبينت أن الكتابة كانت تشعرها بالتحرر من السجن. وقالت: " مكثت ثلاثة أشهر في السجن أترقب خلالها خروج السجانة كي أبدأ بتدوين مذكراتي". وأشارت السعداوي حول مناقشة الاقتصاد في مصر ومدى تأثير الثورة على تجميد الحياة التجارية والاقتصادية، موضحة أن الثورة لم تتسبب في وقف الحركة الاقتصادية في مصر، بل أن العرقلة الاقتصادية أتت بها سياسات مسبقة في مصر، عبر إيقاف الإنتاج الذاتي والاستيراد فيها.
وقالت حول ذلك: " نحن في مصر 85 مليون مفروض علينا البطالة، والثورة جاءت لتصلح الاقتصاد." حول وضع المرأة العربية ، ترى السعداوي أنه عندما يتحول القاهر إلى مقهور تغيب معايير تقييم الحدث. فالرجل في البلدان العربية مقهور من الوضع العام من استبداد الحكومات عليه، ويتحول إلى قاهر ويفرغ طاقته في المرأة ، مما يجعلها مقيدة ومتأخرة في إحداث التغيير في المجتمع ضمن شراكتها مع الرجل.

