"كل حرف يعبر عن روح الأمة، لأنه يتضمن خزيناً هائلاً من العلاقة العاطفية والإنسانية والاجتماعية. عندما أخط لوحتي، هناك حرف يبرز وآخر يختفي، ولا يمكن أن يعوّض أحدهما الآخر أو يبرز على حسابه. أبتهج كثيراً عندما أخط لوحتي لأنها تمنحني الخيال والأفق". هذا ما قاله الخطاط الكويتي الشاب جاسم المعراج (1982) لـ "البيان" أثناء مشاركته بلوحتين في معرض دبي الدولي لفن الخط العربي في دورته السابعة. وفي أثناء الحوار، فاجأنا قائلاً: "إن هناك تدنياً في الذائقة الفنية العامة، بسبب غياب تفاصيل الخط العربي عن المعايشة اليومية في العمارة والشوارع والبيوت والإكسسورات الموجودة حولنا".

وأضاف: "إن موهبة الخط مرتبطة بهاجس العشق والتعلم والصبر، وصولاً إلى اكتشاف لذة ممارستها عبر معرفة مبادئها الإنسانية والروحية. ويؤمن بأن روح المكان تتأصل بتزيين العمارة بالخط العربي.

 

موهبة

" كان خطي سيئاً في بداية تعلقي بهذا الفن".. هكذا اعترف المعراج، وهو يصف حالة الغيرة من أخته الموهوبة في كتابة الخط العربي، وسرعان ما بدأ بتقليدها وقراءة الكتب التي تقدم نماذج من أساليب الخط العربي، ليقرر بعدها البحث عن معلم، لأن الخط بحاجة إلى ثقافة وتمرس، ولا يمكن أن يتطور الخطاط بصورة عشوائية، لذا لجأ إلى اتباع منهج صحيح يساهم في تكوينه وإعداده لهذه المهنة. يعتبر الخطاط الشاب أن الموهبة لا يمكن أن تتحقق بدون عشق وصبر.

وبعد أن عثر المعراج على أستاذه المتخصص، وهو وليد الفرهود، أثناء دراسته في المرحلة الثانوية، قال: "كنت أهرب من المدرسة لكي أتعلم الخط في تلك الفترة- حيث أوصاه الفرهود بصقل موهبته من خلال الدراسة في تركيا، ولذلك شد رحاله إلى تركيا ليتتلمذ على يد كبار الخطاطين هناك وهما: داوود بكتاش وحسن جلبي، ضمن منهج يعود إلى 700 سنة، فأنجز دراسته في خمس سنوات، ونال الإجازة في خط الثلث والنسخ عام 2007، متحدياً جميع الصعوبات التي واجهته.

 

تدني التذوق

وعن الشباب في الوطن العربي وتذوقه لفن الخط ، أكد المعراج: "إننا في الخليج نعاني من تدني الذائقة الفنية تجاه جماليات اللوحة الخطية، نتيجة أسباب عديدة منها: نقص الثقافة الفنية، وعدم صلة الخط العربي بالعمارة على عكس ما هو موجود في تركيا أو مصر أو سوريا. فالعمارة الخليجية لا تزال تفتقر إلى الخط في البيوت والمدارس والشوارع والساحات. وأضاف: "إنني أعمل في الكويت حالياً، وبالمشاركة مع بعض الخطاطين، ومنهم الخطاط الكويتي فريد العلي، نعمل على تأسيس مركز متخصص في تعليم الخط العربي. وأوضح أن الجهود الفردية لا يمكن أن تحقق الأهداف الكبيرة، لأننا بحاجة إلى عمل المؤسسات ذات الموارد الكبيرة. كما أعتقد أن موقع المركز سيشكل تفاعلاً أكبر باستقبال نخبة من الطلبة المشاركين.

ثم أشار المعراج إلى أهمية أن يعيش الخطاط واقعه عبر مشروع إنساني وثقافي، وهو يعمل ضمن مجموعة تتألف من 20 خطاطاً تقريباً، على تجهيز لوحات خطية سيتبرعون بريعها للدول العربية المنكوبة، ودعا إلى ضرورة مساهمة الفن في تنمية المجتمع. ويسعى الخطاط إلى نشر هذا الفن في كل بيت، بعيداً عن المعارض المرتبطة بمفهوم الأسعار الباهضة، والحضور النخبوي.