«ديبان».. هروب من جحيم الحرب

■ أوديار يتوسط الممثلين كاليازواري وجيزوتازان بعد تسلمه السعفة الذهبية | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تأت نتائج دورة مهرجان كان السينمائي الـ 68 التي اختتمت مطلع الأسبوع الجاري، متوافقة كثيراً مع هوى النقاد الذين تفاجؤوا جميعاً بحصول الفيلم الفرنسي «ديبان» للمخرج جاك أوديار، على السعفة الذهبية، ليخالف بذلك كافة توقعاتهم التي كان بعضها يصب في مصلحة «كارول» الأميركي، و«شباب» الإيطالي وغيرها، ليأتي «ديبان» في نهاية قائمة التوقعات، رغم أنه يحمل توقيع أحد أهم مخرجي السينما الفرنسية.

عائلة مشتتة

الفيلم يتناول قضية المهاجرين إلى أوروبا، الهاربين من جحيم الحرب إلى حضن الأمان، من خلال روايته لقصة «ديبان» الذي يخلع عنه رداء مقاتلي «نمور التاميل» في سريلانكا، بعد قيام مجموعة من «النمور» بحرق عدد من رفاقهم الذين قتلوا في المواجهات، ليقرر ديبان الهجرة إلى أوروبا، وهو أمر يتطلب منه وجود عائلة، ولذا يختار أي امرأة تلاقيه ليصحبها معه، وتكون هي بدورها تبحث في مخيمات اللاجئين عن فتاة يتيمة تتبناها، ما يشكل لنا عائلة مشتتة تم تجميعها لغرض الهجرة، وبعد أن تحط العائلة في فرنسا، تقرر المرأة التوجه إلى لندن، وبإلحاح من ديبان تستسيغ البقاء معه لأجل الطفلة اليتيمة، ليتم ترحيلهم إلى إحدى المدن الفرنسية الصغيرة المشكلة من موزاييك معقد من الجنسيات والأعراق المختلفة، وهناك يتم تعيين «ديبان» في وظيفة حارس في أحد المجمعات السكنية في حي تسيطر عليه عصابات المافيا، فيما تنخرط الفتاة في الدراسة، وتجد المرأة عملاً لها في رعاية رجل مسن عربي تكتشف لاحقاً أنه أب لأحد الشبان المطلوبين للعدالة والذي يدير عصابة كبيرة.

ووسط تلك الظروف يجد «ديبان» نفسه بين تهديد حياته وأسرته. فهو الهارب من جحيم الحرب بحثاً عن الأمان، ليجد في الضواحي البعيدة من باريس، جحيماً أكبر ومواجهات يومية بين العصابات بجميع أطيافها وأجناسها وتجارتها.

صدأ وعظام

النقاد الذين تابعوا الفيلم في أروقة «كان السينمائي»، اعتبروا أنه جاء قاسياً جداً، ورأوا فيه رصداً لمعاناة المهاجرين، ودعوة لتأمين الفرص الحقيقية لهم للحصول على عيش كريم وحياة آمنة في فرنسا تحديداً، وبرغم ذلك لم يتوقع أحد أن يتمكن من اقتناص السعفة الذهبية، إلا أن معظم الآراء عزت السبب إلى طبيعة الفيلم ورسالته، إضافة إلى مكانة جاك أوديار في السينما الفرنسية، حيث يعد حالياً واحداً من أهم مخرجيها، لعبت دوراً مهماً في حصوله على أهم جائزة في المهرجان الذي سبق له أن خرج منه حاملاً سعفته عن فيلمه «نبي» في 2009، ليعود من بعدها إلى واجهة الكروازيت في 2012 بفيلم «صدأ وعظام» الذي جمع فيه ماريون كوتيار وماتياس شوينارتز، وقد عرض فيلمه هذا في دورة «دبي السينمائي» التاسعة.

إلهام

استمد جاك أوديار إلهامه من رواية «رسائل فارسية» للفيلسوف مونتسكيو التي كتبها عام 1721، وتعد هذه الرواية من أشهر ما كتبه، وتدور حول صديقين يسافران إلى باريس ويخبران رؤيتهما للعاصمة في القرن الثامن عشر، ليبدو أوديار من خلال فيلمه مهتماً جداً بالنظرة التي يلقيها أي أجنبي على بلده، علماً بأن أوديار اعتمد في فيلمه على طاقم ممثلين وازن فيه بين الاحتراف وعدمه، فكان فينسان روتييه ومارك زينغا، من الفئة المحترفة، في حين وجد الكاتب أنطونيتازان جيزوتازان والممثلة المسرحية كاليازواري سرينيفازان، أنفسهم في قائمة غير المحترفين، وهو أمر ساعد أوديار كثيراً على تقديم فيلم يتمتع ممثلوه بأداء صادق.

Email