لفيلم "بيكاس" مذاق خاص، لا ينبع من طبيعة السيناريو فقط، وإنما تكلمه لغته البصرية ذات الجودة العالية، فهو فيلم يستحق أن ينال إعجاب عشاق السينما، لما فيه من دلائل وخيوط وأحلام كثيرة، ارتبطت جميعها بالطفلين "زانا و"دانا"، اللذين فقدا والديهما في لحظة حرب.
هل يجب أن نعيش تحت نير الاستبداد والظلم حتى تتفتق لدينا الأحلام؟ ذلك سؤال فلسفي كبير، يمكن لمشاهد الفيلم أن يتلمسه جلياً في ثنايا مشاهد الفيلم وقصته، فحالة الاستبداد والتشرد التي عاشها الطفلان قادتهما إلى الحلم بلقاء "سوبر مان"، حيث لم يقتصر الحلم عند هذا الحد، فأميركا ومسألة قطع الحدود بسلاسة لتحقيق الهدف والحصول على جوازت سفر والمال وغيرها، كلها تحولت إلى أحلام ليس على مستوى الطفلين فقط، وإنما على مستوى المجتمع الكردي الذي كان رازحاً تحت حكم صدام حسين في فترة التسعينيات وما قبلها.
تفاصيل
ورغم أن الفيلم بني أساساً على تجربة ذاتية، استقاها المخرج من تفاصيل حياته الشخصية، إلا أنه يكاد يزخر بالعديد من التفاصيل الحياتية التي تعكس وضع كردستان العراق إبان فترة التسعينيات، ومدى المعاناة التي حملها المواطن الكردي على كاهله حينها، كل ذلك يمكننا لمسه من تفاصيل حياة الطفلين اليتيمين والمشردين واللذين يريان أن الخلاص يكمن في شخصية "سوبر مان"، والمضي نحو أميركا والعيش مع صديقهما الخيالي "سوبرمان"، وعدم تمكنهما من ذلك لافتقارهما للمال وجوازت السفر، وحتى وسيلة التنقل التي تمكنهما من ذلك.
لمسات كوميدية
وحتى لا يقدم لنا المخرج كرزان قادر فيلماً تراجيدياً خالصاً، فقد اعتمد بعض اللمسات الكوميدية فيه، والتي ساهمت في تغيير المشهد السينمائي كلياً، رغم أن في ثنايا الفيلم انعكاساً لحجم المعاناة والمرارة والخيبة التي تسيدت كردستان العراق في فترة اعتبرت حالكة في الصراع الكردي العراقي، وقد تمكن كرزان بفيلمه هذا من تقديم قصة تتمحور حول الأمل والذي لن يكون إلا على شكل شخصية خيالية خارقة مثل "سوبر مان"، والأمل نلمسه كثيراً في سؤال "زانا" حول من هو الأقوى صدام حسين أم سوبر مان، الذي رأى فيه أملاً بقدرته على إعادة الحياة لوالديه.
صدفة
مثل "صدفة خير من ألف ميعاد"، ينطبق كثيراً على هذا الفيلم، فالصدفة هي التي قادت المخرج كرزان للقاء الطفلين زانا ودانا، حيث يقطن الأول في دار للأيتام، أما الثاني، فقد رشحه مدير إحدى المدارس في كردستان للمخرج، الذي وجد فيه المواصفات التي كان يطمح لها.
