أحيانا نرى في إحدى دور العرض السينمائية المظلمة، الناس وهم صامتون و تعلو وجهوهم آثار القلق والترقب، متسائلين في أنفسهم، هل ستنجو الفتاة الضعيفة من بين أنياب دراكولا، أم سيفتك بها. وفي الصالة المجاورة، تعلو نفس مشاهد الشغف في الأفكار المطروحة، بسبب رؤيتهم لبشر لديهم مقدرة التحول إلى ذئاب. وبين هذا وذاك يبرز الدمج الدارمي بين فنتازيا الرعب والرومانسية السياسية. والذي شهدناه في سلسلة فيلم " تواي لايت " أو ما يسمى " بالشفق ".

إضافة إلى العودة المتكررة لأسطورة مصاصي الدماء عبر فيلم "إبراهم لينكولن " أخيراً. ويبقى الفرق بين هذه النوعية من الأفلام معيار قدرتها على تحقيق أكبر جذب ممكن. يستثمر فيها صناع هذه الأفلام بحث الفئة العمرية الشبابية والمراهقين، بصورة دائمة لمشاهد أفلام تميل إلى المغامرة والغموض.

وذلك من خلال طرح أفكار مبسطة، تنتج أفلاماً بتقنيات تعتمد على الخدع البصرية السينمائية. وفي استطلاع للآراء، قامت به ( البيان ) حول سر نجاح تلك الأفلام في عالم السينما، أكد مجموعة من الشباب، المتابعين للعروض السينمائية بشكل متجدد، أن قصص الأساطير في السينما تصنع الأبطال الوهميين، وتؤسس ثقافة السطحية في طبيعة استثمار خيال المراهقين والشباب، بينما رأت مجموعة أخرى أن مشاهدة تلك الافلام ليس إلا للمتعة والتسلية.

سر النجاح

وفي سياق استمرار حضور الأساطير في شاشات الفن السابع، تقول مريم غازي أن سر نجاح هذه الأفلام، هو سحر حضور تلك المخلوقات، وحب استطلاع الشباب لها. وذلك لمعرفة كل ما يتعلق بها. والتي مهما كثر الحديث عنها، تظل مغلفة، وتحوم حولها هالة الغموض. والذي يعد عنصراً جاذباً للمشاهد، وتحديداً الأشخاص الذين يسعون دائماً، إلى دراسة كل ما يتعلق بها، والطريقة الأسهل تكون عن طريق مشاهدة تلك الأفلام. وتابعت: " عن نفسي، أحب متابعة الأفلام التي تدور أحداثها حول تلك المخلوقات الليلية، فهذا النوع من الأفلام عادة يشوبه منظور جديد في الطرح، ومتابعته بشكل عام تعد ممتعة، شرط أن لا يعاد تكرار سيناريو القصة في عدة أفلام لأنه حينها يفقد قيمته، وهذا ملاحظ في الأفلام ذات الأجزاء، فهي تبدأ بالتراجع في جزئها الثاني والثالث".

اختلاف ملحوظ

تتخذ أروى الجندي موقفا ساخرا، من الحال الذي آلت إليه أفلام الأساطير، فتتهم كتاب النصوص بالتقصير، حيث تظهر شخصية مصاص الدماء كالشاب الجذاب، الذي تفتن به الفتيات بدلا من القاتل الشرير. والنموذج على ذلك فيلم ( الشفق ) حيث يظهر الرجل الذئب بصورة المراهق الذي لا يستطيع التحكم بقدرته، في إخفاء مشاعره. فتلك الأفلام أصبحت تعتمد بشكل كلي على الخدع البصرية دون مراعاة الحفاظ على سحر الاسطورة.

ولفتت: "للأسف، بعد صناعة سلسلة أفلام "الشفق" تغير مفهوم مصاصي الدماء و المستذئبين، فتحول مثلا الكائن الهمجي الذي تدفعه غريزة البقاء الى مصاص دماء وسيم لا يستطيع التعرض لأشعة الشمس، ليس لأنه سيحترق بل لأن تعرضه للشمس، سيتسبب في أن تتغير بشرته بشكل ملفت للانتباه عندما يتجول بين البشر."

وعبر أمير شلبي عن عدم اهتمامه بهذا النوع من الأفلام ، معللا بأنه يعتبرها مضيعة للوقت لما تتسم به من عدم الواقعية. وبين أن الأفلام الأخرى تتيح لك، إمكانية أن تضع نفسك مكان البطل، وتعيش دور الشرطي أو المقاتل ، أما أفلام الأساطير، ما الذي يمكن للمشاهد أن يتقمصه، شخصية مصاص الدماء أم الذئب!

حاول الأطباء في دراسات عديدة شرح مرض (البروفيريا الجلدية) الذي تتشابه أعراضه مع مواصفات مصاصي الدماء وتتضمن عدم التعرض للشمس واختلاف لون العين، وهذا ما يجعلنا أمام سؤال في مدى حقيقة تلك المخلوقات، من خلال استثمار صناع الأفلام للدراسات العلمية في نسج عوالم آخرى.