تتجه اليونان مباشرة إلى السيناريو الكارثي لخروج محتمل من منطقة اليورو، وذلك بعد إعلانها المدوي عن تنظيم استفتاء حول طلبات الدائنين المستائين الذين أغلقوا أول من أمس باب المفاوضات مع أثينا التي تحوم على حافة سيناريو كارثي فيما تتباين التصريحات من جانب المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بشأن بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو.

حيث يرى البعض أن أثينا تمضي في طريقها الحتمي للخروج من تحت مظلة منطقة اليورو فيما يرى آخرون أن الفرصة لم تنته بعد وأن باب المفاوضات لايزال مفتوحاً وأن هناك فرصاً للتسوية فيما يتفق الجميع على ض رورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار عدوى الأزمة اليونانية وتكرار سيناريو الديون الذي يهدد استمرار وجود منطقة الاتحاد الأوروبي.

على أن وزراء مالية دول منطقة اليورو وعدوا ببذل كل جهد لتفادي «أي خطر محتمل بانتشار العدوى».

وفي أثينا صادق البرلمان اليوناني ليل السبت إلى الأحد على مقترح استفتاء عرضته الحكومة على عرض الاتفاق الأخير الذي قدمه دائنو (الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي) اليونان. وأيد الاستفتاء المقرر تنظيمه الأحد الخامس من يوليو 178 نائباً من إجمالي 300 نائب. وصوت ضد تنظيم الاستفتاء 120 نائباً ولم يصوت نائبان، بحسب نتائج فرز الأصوات النهائي الذي أعلنه البرلمان.

رفض الإنذار

وكان رئيس الحكومة الكسيس تسيبراس قال في كلمة سبقت التصويت إنه واثق من أن «الشعب اليوناني سيقول لا كبيرة ضد إنذار» الدائنين خلال الاستفتاء.

وأعلن رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو يروين ديسلبلوم بعد اجتماع وزراء مالية الدول الـ19 الأعضاء، أن خطة المساعدة المالية التي تستفيد منها اثينا منذ 2012 «ستنتهي في 30 يونيو».

وأوضح أن الجانب اليوناني قطع من جانب واحد المفاوضات مع إعلانه ليلاً الاستفتاء المقرر في الخامس من يوليو.

على أن وزراء مالية منطق اليورو ذكروا على غرار الفرنسي ميشال سابان بأن «قدر» اليونان أن تبقى في منطقة اليورو.

منع العدوى

من جانبه قال وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله أول من أمس أن منطقة اليورو «ستفعل كل ما يلزم لمنع أي خطر محتمل بانتشار عدوى« الازمة اليونانية، مؤكداً أن اليونان مازالت «عضواً في منطقة اليورو».

وأكد وزراء مالية منطقة اليورو في نهاية نهار السبت الماضي أنهم سيستخدمون كافة الوسائل التي بأيديهم لضمان «استقرار» منطقة اليورو، وذلك أثر الاجتماع الأخير للدول الاعضاء بدون اليونان الذي خصص لبحث «خطة باء» (بديلة) أي كيفية مواجهة تخلف اليونان عن السداد. ويشكل ذلك سيناريو كارثيا يرتسم من ورائه شبح انهيار البنوك اليونانية.

واليونان مهددة فعلاً بفوضى بنكية. وبدا القلق ينتشر في البلاد وبدت الطوابير أطول من العادة السبت أمام أجهزة السحب الآلي من البنوك.

قروض طارئة

وفي الانتظار، لا تبدو الظروف ملائمة ليواصل البنك المركزي الأوروبي ومقره في فرانكفورت مد المصارف اليونانية بالسيولة عبر آلية قروض طارئة تم تمديدها في الآونة الأخيرة يوماً إثر آخر، ما قد يؤدي إلى إفلاس هذه المصارف.

ودعا رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس اليونانيين إلى تبني موقف من هذه الاقتراحات في إطار استفتاء يجري في الخامس من يوليو. وأعلن هذا الأمر بشكل مباغت ليل الجمعة السبت.

وأوضح تسيبراس أن «السؤال الذي سيطرح في الاستفتاء هو معرفة ما إذا كنا نقبل أو نرفض اقتراح» الدائنين.

ومع ذلك وعد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس المعزول أكثر من أي وقت، «بمواصلة النضال» من أجل انتزاع اتفاق مع الدائنين قبل مساء غد الثلاثاء، موعد انتهاء مفاعيل الخطة الثانية لمساعدة اليونان.

قرض الصندوق

والثلاثاء أيضاً على أثينا أن تسدد مليار ونصف مليار يورو لصندوق النقد الدولي، الأمر الذي لا يمكن أن تفي به من دون مساعدة دائنيها. أما البديل فهو العجز عن السداد الذي قد يمهد لخروجها من منطقة اليورو مع ما يعنيه ذلك من تداعيات لا يمكن توقعها.

وقد دعا فاروفاكيس المركزي الأوروبي إلى التحرك بحيث يسدد المال مباشرة لصندوق النقد . وقال في مؤتمر صحافي أول من أمس قبل مغادرته بروكسل أن «البنك المركزي الأوروبي يدين لنا بـ1,9 مليار يورو، فليعطها لصندوق النقد الدولي».

وقبل أن يغادر بروكسل اعتبر أن يوم السبت «كان يوماً حزيناً لأوروبا» ملاحظًا أن قرار الدائنين حيال بلاده يهدد بإلحاق «ضرر دائم» بمنطقة اليورو.

مخاطر حقيقية

وحذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس من «مخاطر حقيقية بخروج» اليونان من منطقة اليورو في حال اسفر الاستفتاء الذي تعتزم اثينا تنظيمه عن رفض عرض الاتفاق الذي قدمته الجهات الدائنة، داعياً الحكومة اليونانية إلى «العودة إلى طاولة المفاوضات».

وقال فالس إن المفاوضات «لم تنته» مؤكداً أن قرار رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس الدعوة إلى استفتاء هو «خيار الحكومة اليونانية التي لا تريد التعرض للانتقادات» وحذر بأنه إذا جاءت النتيجة سلبية «فهناك خطر حقيقي بالخروج من منطقة اليورو».

خروج شبه حتمي

قال وزير المالية النمساوي هانز يورج شيلينج إن خروج اليونان من منطقة اليورو «يبدو أمراً شبه حتمي الآن» وسيحدث ذلك فقط إذا طلبت أثينا أولاً الخروج من الاتحاد الأوروبي ووافقت الدول الأخرى على طلبها. ودعت اليونان إلى استفتاء في الخامس من يوليو حيث سيقرر الناخبون اليونانيون ما إذا كانوا سيقبلون شروط إنقاذ أكثر صرامة ترفضها الحكومة نفسها.

ونقلت صحيفة دي بريس النمساوية في نسخة أمس عن شيلينج قوله «التداعيات بالنسبة لمنطقة اليورو لن تكون سيئة بقدر ما سيصيب اليونان. من الواضح أن دولة واحدة لا تستطيع تحت أي ظرف ابتزاز المفوضية الأوروبية ودول منطقة اليورو».

أثينا تطالب »المركزي الأوروبي« بسداد قرض صندوق النقد

طالب وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس السبت البنك المركزي الأوروبي بأن يدفع مباشرة لصندوق النقد الدولي مبلغ 1,9 مليار يورو لسداد دفعة من قرض تستحق على اليونان في 30 يونيو، بحيث يجنب هذا البلد التخلف عن السداد.

وقال فاروفاكيس إن «البنك المركزي الأوروبي مدين لنا بمبلغ 1,9 مليار يورو، فليعطها لصندوق النقد الدولي»، من دون أن يعطي تفاصيل أخرى. وأدلى الوزير اليوناني بتصريحه هذا قبيل مغادرته بروكسل حيث عقد اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو حول الأزمة اليونانية.

وكانت المؤسسات الدائنة لليونان قدمت للأخيرة اقتراحاً رفضته حكومة الكسيس تسيبراس الجمعة، ينص على أن تحصل أثينا على دفعة أولى فورية قدرها 1,8 مليار يورو مصدرها عائدات الفوائد التي جمعها في 2014 برنامج «اس ام بي» (سيكيوريتيز ماركت بروغرام) التابع للمركزي الأوروبي.

ويقوم هذا البرنامج على أن يشتري المركزي الأوروبي اعتباراً من مايو 2010 من الأسواق الثانوية سندات يونانية.

استبدال السندات

وفي 2012 قرر المركزي الاوروبي استبدال هذه السندات اليونانية بأخرى جديدة، ما عاد عليه بأرباح. واتفقت أثينا والمؤسسات الدائنة لها على أن تعود هذه الارباح في النهاية إلى الخزينة اليونانية شرط أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق على برنامج مساعدة، وهو ما لم يتم حتى الآن.

ولكن بانتظار التوصل إلى هذا الاتفاق فإن هذه الارباح، على غرار سائر الارباح التي يحققها المركزي الاوروبي، تم توزيعها على المصارف المركزية للدول الأعضاء في منطقة اليورو، وبالتالي فإن تحصيل هذه المبالغ يجب أن يتم من كل من هذه المصارف المركزية الوطنية.

وشدد فاروفاكيس على أن «مقترحنا كان منذ البدء أن يتم دفع الأموال التي يدين بها المصرف المركزي الاوروبي (في إطار هذا البرنامج) لصندوق النقد الدولي». وأكد الوزير اليوناني أن بلاده «ستواصل النضال» في سبيل التوصل إلى اتفاق مع دائنيها قبل مساء الغد تاريخ انتهاء العمل بخطة المساعدة الراهنة والتي رفضت مجموعة اليورو السبت تمديدها.