حذّر رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم من أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة "شديدة الخطورة" بعدما فشل مسؤولوها مُجدداً السبت في التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة الموازنة الفيدرالية ويرفع سقف الدين العام.
وقال كيم في ختام الاجتماع السنوي المشترك للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن: "نحن الآن على بعد خمسة أيام من لحظة شديدة الخطورة".
وحذّر من أنه "إذا بلغنا المهلة النهائية سيكون ذلك حدثاً كارثياً للدول النامية وقد يكون أيضاً ضاراً جداً للاقتصادات المتطورة".
وقال: إن قرار الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر عدم الشروع في خفض الدعم أمهل الدول الأخرى المزيد من الوقت لترتيب أوضاعها الداخلية. وأضاف: "إن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عدم الحد من عمليات شراء السندات منح الأسواق الناشئة مهلة شهرين على أقل تقدير".
وتابع أن "النصيحة في غاية الوضوح"، مضيفاً "إننا نحض بقوة اقتصادات هذه الأسواق الناشئة على التحرك بسرعة لتنفيذ هذه الإصلاحات التي نعرف جميعاً أنه يترتب عليها القيام بها".
لكنه حذّر من أنه في حال عمد الاحتياطي الفيدرالي وغيره من المصارف المركزية إلى التحرك بسرعة أكبر مما ينبغي فقد يتسبب ذلك بانهيار النمو العالمي.
وقال بهذا الصدد: "اذا سجلت نسب الفوائد الفعلية على المدى البعيد ارتفاعاً حاداً اكثر مما ينبغي فإن الانتعاش الاقتصادي الأميركي قد يتعثر والتأثيرات السلبية قد ترتد على العالم بأسره".
الصندوق
وبدوره اعتبر صندوق النقد الدولي أن التعافي الاقتصادي العالمي مستمر مع تحسن الاقتصادات المتقدمة المتعثرة منذ فترة طويلة، غير أن النمو لا يزال متواضعاً في الأسواق الناشئة. وقال الصندوق في بيانه الختامي عقب اجتماعاته السنوية مع البنك الدولي: "لا يزال النمو ضعيفاً بالرغم من ذلك مع استمرار مخاطر الهبوط في ظل ظهور مخاطر جديدة".
وقارنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الانعكاسات التي قد تنجم عن تعثر السداد بتلك التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية في 2008. وقالت في برنامج "ميت ذا برس" على محطة التلفزة "ان بي سي" التي نشرت مقتطفات منه أمس إن "وضع الاقتصاد الأميركي سيتعرض من جديد للخطر". وحذّرت من الوقوع مجدداً في حالة انكماش تنعكس مفاعيلها أيضاً على العالم أجمع.
دعوة
ودعا قادة المالية العالمية السبت الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الى الاحتراس لدى تحركه من اجل سحب الدعم للاقتصاد في وقت تواجه الدول الناشئة مرحلة اضطرابات مالية.
وأعلنت عدة دول خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ان التحرك المرتقب من جانب البنك المركزي الأميركي لجهة تشديد سياسته بات يضيف تحديات جديدة الى اقتصاداتها التي تواجه اساساً مصاعب، متسبباً بخروج الرساميل منها وتراجع قيمة عملاتها.
ودعت اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، الهيئة القيادية لصندوق النقد الدولي، الاحتياطي الفيدرالي والمصارف المركزية الأخرى في الاقتصادات المتطورة إلى توخي الحذر لدى الشروع في تعديل نسب فوائدها المتدنية إلى حد كبير وسياساتها النقدية المتساهلة لإعادتها الى مستويات اعتيادية. وقالت اللجنة: إن "الانتقال في نهاية المطاف نحو تطبيع السياسة النقدية يجب أن يتم وفق توقيت مناسب وان يدرس بعناية ويفصح عنه بشكل وافٍ".
صراحة
كما وردت مواقف أكثر صراحة بعدما واجهت بعض الدول تبعات ارتفاع كبير في نسب الفوائد خلال الأشهر الخمسة التي انقضت منذ أن أعلن الاحتياطي الفيدرالي أنه على وشك وقف برنامجه القاضي بشراء أسهم بقيمة 85 مليار دولار في الشهر.
وأعرب ممثلو صندوق النقد الدولي في افريقيا والبنك الدولي عن "قلقهم حيال الغموض" الذي يحيط بإمكانية التخلي عن السياسات النقدية التي توصف بغير التقليدية والتي أدت إلى تدفق الرساميل بالدولار واليورو والين إلى الاقتصاد العالمي منذ حوالي خمس سنوات.
وقال وزير المالية الروسي انتون سيلوانوف إنه لا يتوقع سوى المزيد من الاضطرابات في الأسواق حين يقبل الاحتياطي الفيدرالي على مثل هذه الخطوة.
وقال سيلوانوف متوجهاً الى اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية إن "الافتراض بأن تصحيح أسعار الأصول الذي بدأ هذا الصيف استكمل بشكل كبير لا يبدو لنا افتراضاً ذا مصداقية".
مجلس الشيوخ الأميركي يناقش المأزق المالي
اجتمع أمس مجلس الشيوخ الأميركي على غير عادته لبحث سبل إنهاء أزمة الموازنة في الولايات المتحدة، فيما لم يعد هناك سوى ثلاثة أيام عمل لمنع تخلف أول اقتصاد عالمي عن سداد مستحقاته.
فبعد الطريق المسدود الذي توصل إليه السبت مجلس النواب، تتجه الأنظار الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يسعى زعيما الكتلتين الديمقراطية والجمهورية الى التوصل إلى تسوية لوضح حد للمأزق المستمر منذ نحو أسبوعين.
وتواجه الولايات المتحدة أزمتين متلازمتين سياسياً لكن تزامنهما حدث عن طريق الصدفة في جدول العمل: غياب الاتفاق في الكونغرس في الأول من اكتوبر حول ميزانية السنة المالية 2014 الذي يتسبب في الواقع بشلل إداري، وتعثر الوصول أيضاً في الكونغرس إلى قرار بشأن رفع السقف القانوني للدين قبل 17 أكتوبر ما سيؤدي بعد هذا التاريخ الى عجز وزارة الخزانة الأميركية عن تسديد بعض ديونها.
وفيما لم يعد أمام مجلسي الكونغرس سوى ثلاثة أيام عمل للتوصل إلى تفاهم بشأن رفع سقف الدين، أظهر أعضاء مجلس الشيوخ رغبة في التوصل إلى اتفاق يُجنّب الاقتصاد الأميركي التخلف عن دفع مستحقاته. لكن هاري ريد زعيم تكتل الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أكد أن اتصالاته السبت مع زعيم تكتل الجمهوريين ميتش ماكونل لم تكن سوى "تمهيدية" و"لم تحمل أي نتيجة حاسمة" رغم أنها اتسمت بأجواء "ودية للغاية". أما أعضاء مجلس النواب فقد انطلقوا لتمضية عطلة نهاية الأسبوع حتى مساء الاثنين بعد جلسة قصيرة صباح السبت.
واتهم الجمهوريون الرئيس باراك أوباما برفض ما اقترحوه.
وقال اريك كانتور زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب: "آسف لرفض الرئيس العرض الذي وضعناه على الطاولة".
وأكد أوباما السبت معارضته لفكرة رفع سقف الدين لبضعة اسابيع فقط وذلك في كلمته الأسبوعية السبت.
وعبر البيت الأبيض عن أسفه لرفض مجلس الشيوخ، المتوقع أصلاً، لإجراء كان يمكن أن يسمح للدولة الفيدرالية بالمضي في الاقتراض حتى نهاية 2014 وبالتالي تجنب خطر تخلف غير مسبوق عن السداد.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض السبت: "قبل خمسة أيام فقط من وصول الدولة إلى مرحلة التخلف عن السداد، يتعين على الكونغرس أن يقدم حلاً يضع حداً لشلل الحكومة ويتيح لنا دفع فواتيرنا".
إجازات من «بوينغ»
أعلنت شركة بوينغ الأميركية لصناعة الطيران أنها قد تضطر لإعطاء قسم من موظفيها إجازات إلزامية غير مدفوعة الأجر إذا ما استمر الإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الفيدرالية الناجم عن أزمة الموازنة.
وأوضحت الشركة أن الموظفين المهددين بهذا الإجراء هم في الوقت الراهن العاملون في فرع الدفاع والفضاء والأمن "بوينغ ديفينس، سبيس اند سيكيوريتي".
وقالت إنه "في الوقت الذي تجهد فيه الشركة للحد من النتائج السلبية للإغلاق، فإننا نتوقع أن نشهد في الأيام المقبلة تداعيات بما في ذلك إعطاء موظفين في قطاعات محددة إجازات إلزامية غير مدفوعة الأجر".
