قال رئيس شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية في مصر إن شركات الصرافة تعاني من شح الدولار ولا تستطيع تلبية أكثر من 20 % من طلب العملاء على العملة الاميركية في ظل الأزمة المتفاقمة.

وفي مقابلة مع رويترز شكا محمد الأبيض من أن البنوك لا تعطي شركات الصرافة كميات تذكر من الدولار لذا تعتمد هذه الشركات على ما تشتريه من العملاء لكن هؤلاء بدورهم يشترون الدولار أكثر مما يبيعونه.

وقال "لا نلبي الآن أكثر من 20 % من طلب العملاء على الدولار... ومع نقص الدولار يكون هناك شبه توقف في عملنا."

وبدأ الجنيه المصري في التراجع أمام الدولار بفعل انتفاضة شعبية أطاحت بحسني مبارك من السلطة في اوائل عام 2011. وفقدت العملة المصرية 8 % من قيمتها منذ 30 ديسمبر الماضي عندما بدأ البنك المركزي العمل بنظام عطاءات الدولار للسيطرة على هبوط الجنيه.

لكن الأبيض قال :البنك المركزي لا يستطيع فعل شيء في أزمة الدولار لنقص الآليات لديه.

وأضاف :خروج الاستثمارات الأجنبية وهروب رؤوس الأموال خوفا من الاوضاع في البلد هو الذي صنع أزمة الدولار. وفي المقابلة التي جرت في شركته على مقربة من قصر الرئاسة قال الأبيض إن حل أزمة الدولار يتطلب حل الأزمة السياسية والأمنية أولا لأن المصريين يعيشون في وضع مبهم ولا أحد يعرف ماذا يجري من حولهم.

عطاءات الدولار

وتابع قائلا إن عطاءات الدولار التي بدأ البنك المركزي العمل بها "جاءت في توقيت غير مناسب" وكان من الممكن أن تنجح لو أنها بدأت في وقت لا يشهد أزمة في الدولار.

وكان عامان من التوترات السياسية قد أثارا موجة تحول إلى الدولار ما استنزف الاحتياطي الأجنبي الذي قال البنك المركزي إنه انخفض إلى 13.6 مليار دولار في نهاية يناير كانون الثاني أي دون مستوى 15 مليار دولار المطلوب لتغطية واردات ثلاثة أشهر.

وعزا الأبيض أزمة الدولار في مصر إلى توقف موارد البلاد من العملة الصعبة على مدى العامين الماضيين من السياحة والاستثمار الأجنبي وكذلك النزوح الكثيف لرؤوس الأموال "خوفا من الوضع العام على الساحة.

وقال مفسرا أسباب مخاوف المستثمرين إنه حتى الآن "لم تظهر أي خارطة طريق تقول إلى أين ستتجه مصر سواء اقتصاديا أو سياسيا.. نحن ما بين الدينية والمدنية. في اشارة إلى هيمنة جماعة الاخوان المسلمين على الحياة السياسية في مصر.

وقال الأبيض : السياسة الاقتصادية ليس لها أي معالم واضحة أو محددة إلى أين سوف نسير بالاقتصاد المصري .. ما هو المتوقع وما هي المشروعات.. لا شيء. كما ان الحكومات التي توالت على الساحة لم يظهر لها أي برنامج محدد يوضح إلى أين نمضي.

تراجع الجنيه

ودفع استمرار التراجع في سعر العملة المحلية (الجنيه) وشح الدولارات في السوق المصريين إلى اللجوء للسوق السوداء لتدبير احتياجاتهم من العملة الاميركية.

وقال الأبيض إن أقصى سعر وصل إليه الدولار في السوق السوداء هو 7.20 جنيهات ولكنه يباع الآن بأكثر قليلا من 6.90 جنيهات.

وفي اخر مزاد لبيع العملة الصعبة يوم الخميس الماضي تراجع سعر الجنيه إلى مستوى قياسي أمام الدولار في التعاملات بين البنوك مسجلا 6.73 جنيهات.

وذكر الأبيض أن ارتفاع الدولار أدى إلى ارتفاع أسعار صرف باقي العملات الأخرى في شركات الصرافة لان هناك من يأتي لشراء الدولار واذا لم يجده يشتري أي عملات اخرى متاحة مثل اليورو أو الاسترليني أو عملات الدول الخليجية مثل الريال السعودية والدينار الكويتي.

وقال إن الاقبال على الدولرة بدأ منذ فترة طويلة وربما يكون الآن في نهاياته.

وتقلصت كمية الدولارات التي يضخها البنك المركزي في السوق من 75 مليون دولار عند بداية العمل بنظام العطاءات في اواخر ديسمبر إلى 40 مليون دولار في اخر مزادات الاسبوع الماضي. وقال الأبيض إن المركزي خفض حجم العطاءات التي يطرحها على البنوك "بسبب انخفاض ما لديه من الدولار وليس بسبب عدم حاجة السوق إليه. " واضاف انه لا يستطيع التكهن بالحد الأقصي الذي سيصل إليه الدولار لان ذلك "يتوقف على الأحداث. فمثلا الهجوم على فنادق وتخربيها كان له تأثير سلبي فوري وغير عادي في أزمة الدولار."

واستبعد رئيس شعبة الصرافة خلال مقابلته مع رويترز أن يتراجع الدولار بعد قفزته الأخيرة مثلما حدث في عام 2004 عندما قفز في السوق السوداء إلى 7.25 جنيه قبل اطلاق آلية الانتربنك التي ساعدت في نزوله آنذاك.

وفسر ذلك قائلا إنه عندما حدث ذلك في عام 2004 "كانت هناك دولة قائمة واستقرار سياسي وأمني واحتياطيات أجنبية" وموارد متدفقة بالعملة الصعبة.