أذعنت البنوك المركزية في أميركا وأوروبا لخيارات التيسير النقدي باعتبارهما المخرج الوحيد من الأزمة المالية الحالية. وأظهرت تفاصيل أحدث اجتماع لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي يرى حاجة إلى مزيد من الحوافز في السياسة النقدية بالنظر إلى انتعاش هزيل للاقتصاد الذي سجل نمواً سنوياً بلغ 1.3 بالمئة في الربع الثاني من العام.

وفي أورaوبا قال ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي إن البنك مستعد لشراء السندات الحكومية في دول منطقة اليورو المتعثرة عندما تكون الظروف مناسبة وأن هذا ساعد بالفعل على تهدئة مخاوف أسواق المال. لكن في الجانب الآخر قرر البنك المركزي الياباني الامتناع عن تقديم المزيد من إجراءات التيسير النقدي رغم تنامي الضغط السياسي من أجل ذلك للمساعدة في دعم ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

تيسيرات إضافية

وجاء في محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الأميركي الذي عقد في 12 و13 سبتمبر، ان اعضاء لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي رأوا بشكل عام انه من دون تيسيرات اضافية في السياسة النقدية فإن نمو الاقتصاد ربما لن يكون قوياً بما يكفي لخفض معدل البطالة.

واطلق المركزي الاميركي الشهر الماضي جولة ثالثة من مشتريات السندات معلناً برنامجاً مفتوحاً لشراء ما قيمته 40 مليار دولار شهرياً من الديون العقارية الجديدة. وأشارت تفاصيل الاجتماع إلى انه كان هناك تأييد واضح لنهج يدافع عن السماح للتضخم بالارتفاع بما يصل إلى 3 بالمئة على مدى الفترة الزمنية اللازمة لخفض معدل البطالة إلي أقل من 7 بالمئة.

وأوضح مجلس الاحتياطي الاتحادي انه سيواصل سياسة التيسير النقدي حتى يظهر تحسن كبير في توقعات الوظائف. وتعهد بالحفاظ على الحوافز مادام التضخم تحت السيطرة حتى بعد ان يكتسب التعافي الاقتصادي قوة.

وقال محضر الاجتماع ان بعض المشاركين عبروا مجددا عن قلقهم من ان المشتريات الاضافية للأصول ربما تصعب محاولات مجلس الاحتياطي لسحب حوافز السياسة النقدية عندما يصبح من المناسب في نهاية المطاف اتخاذ هذه الخطوة وهو ما يزيد مخاطر تضخم مرتفع على نحو غير مرغوب فيه في المستقبل. ومع هذا فإن مسؤولين اعتبروا ان المخاطر على آفاق التضخم متوازنة تقريباً وتشير توقعات مجلس الاحتياطي إلى ان نمو الأسعار سيبقى دون المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي للمستقبل المنظور والبالغ 2 بالمئة.

ومن جانبه قال ماريو دراجي إن اسبانيا حققت "تقدماً كبيراً" في إصلاح ماليتها العامة لكن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهد. وقال ان من المتوقع ان يبقى اقتصاد منطقة اليورو ضعيفا لكن زيادات الأسعار في الأجل القريب دفعت المركزي الأوروبي لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير. وبعد شهر من اعلان دراجي عن برنامج لشراء السندات من الدول المتعثرة في منطقة اليورو والذي أشاد بها كثيرون اعتبروه طوق انقاذ لمنطقة اليورو لا يزال المستثمرون ينتظرون أن تطلب اسبانيا رسمياً خطة انقاذ مالي. وقبل أن تفعل ليس بوسع المركزي الأوروبي التحرك ومن المتوقع أن تبقى الأسواق في حالة من القلق.

لكن دراجي أبدى تفاؤلًا حيال محاولات اسبانيا لإنهاء أزمتها. وقال: تحقق تقدم كبير لكن لا تزال هناك أيضا تحديات كبيرة. ومع ذلك رفض التعقيب على ما إذا كانت عائدات السندات الاسبانية عند مستويات مناسبة. وأوضح دراجي أن وجود برنامج شراء السندات كان له تأثير، قائلًا انه ساعد في تهدئة القلق في الأسواق المالية في الأسابيع القليلة الماضية.

اليابان تمتنع

وفي اليابان صوت البنك المركزي بالإجماع على الإبقاء على معدل الفائدة الرئيسي عند مستوى يتراوح ما بين صفر إلى 0.1 ٪ ، بحسب توقعات واسعة النطاق . ويجري دفع البنك لتحفيز الاقتصاد بعدما تراجع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي 0.3 ٪ في أغسطس مقارنة بالفترة نفسها من عام سابق في تراجع للشهر الرابع على التوالي، بحسب ما ذكرته الحكومة اليابانية الأسبوع الماضي. وقرر البنك في منتصف سبتمبر توسيع نطاق برنامج شراء الأصول إلى نحو 80 تريليون ين أي 1.02 تريليون دولار، مقارنة بـ 70 تريليون ين.

الصين تحافظ على قيودها النقدية

 

 

يعتقد المحللون الاقتصاديون أن الصين ستحافظ على قيودها النقدية لبعض الوقت فيما يتعافى الاقتصاد ببطء وقد يحدث انتعاش في معدلات التضخم وأسعار المساكن. وقال ليان بينغ كبير الاقتصاديين في بنك الاتصالات: "قد يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة قليلا ونسبة الاحتياطي الالزامي في وقت ما من هذا العام، لكن الوضع الحالي يشير إلى حاجة أقل لتخفيف القيود.

وبعد اجتماع السياسة النقدية للربع الثالث من العام الذي عقد قبل عطلات عيد منتصف الخريف والعيد الوطني، قال البنك المركزي في بيان: انه سيواصل تنفيذ سياسة مالية حذرة، وسيجعلها أكثر استهدافا ومرونة وتطلعا للمستقبل في حين سيضبطها وفقاً لتطور الوضع الاقتصادي.

وذكر البيان: أظهرت العمليات الاقتصادية والمالية الحالية دلائل على الاستقرار وأسعار المستهلكين مستقرة في الأساس. وأوضح البيان: إن البنك المركزي سوف يستخدم الأدوات النقدية لتشجيع نمو الائتمان بخطى ثابتة ومعتدلة، فضلا عن الحفاظ على نطاق معقول للتمويل الاجتماعي. وأضاف: لايزال النمو الاقتصادي العالمي ضعيفا. نحن نراقب نتائج سياسات التحفيز التي صدرت مؤخرا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن كثب.

وقال محللون: إن التضخم في الصين قد يرتفع من خلال زيادة أسعار المنتجات الزراعية والتضخم المستورد الناجم عن الجولة الثالثة من التيسير الكمي. وقال لو تشنغ وي كبير الاقتصاديين بالبنك الصناعي: قد تؤدي الجولة الجديدة من التيسير الكمي في الولايات المتحدة والدول الاوروبية إلى زيادة أسعار السلع الأساسية، الامر الذي سيقلل المساحة أمام الصين لتخفيف القيود النقدية. واستخدمت الصين تخفيف القيود النقدية بحذر في السنوات الأخيرة.

وخفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة والاحتياطي الالزامي مرتين لدفع النمو الاقتصادي، الذي سجل أدنى معدل للنمو خلال أكثر من ثلاث سنوات خلال الربع الثاني من عام 2012. وقال المحللون: انه على الرغم من زيادة التكهنات بِشأن خفض الاحتياطي الالزامي مجددا فإن البنك المركزي يفضل الأدوات النقدية الأكثر حساسية ولن يرغب في اللجوء إلى إجراءات نقدية صارمة.