واصل الاقتصاد الأميركي تباطؤه متأثراً بأزمة ديون دول منطقة اليورو والجفاف القاتل الذي يضرب الوسط الغربي من الولايات المتحدة الأميركية. وقال وزير الخزانة الأميركي تيموثي جايتنر: إن الركود الاقتصادي في أوروبا يضر بالنمو الاقتصادي في أنحاء العالم بشكل عام وأميركا على وجه الخصوص. ويتسبب الضغط المالي المستمر في تشديد الشروط المالية بشكل عام، ويفاقم من التباطؤ الاقتصادي.

الناتج الداخلي

ووردت مؤشرات في الفصل الاول من السنة افادت عن تباطؤ نمو اجمالي الناتج الداخلي الاميركي مع تراجعه الى 1.9 بالمئة كوتيرة سنوية بعدما سجل 3 بالمئة من الفصل السابق. ويستمر التباطؤ تحت تأثير استمرار البطالة وتقلبات السوق العقارية وتراجع حيوية الاستهلاك.

وقبل اربعة اشهر فقط من الانتخابات الرئاسية، صدرت في مطلع الشهر ارقام البطالة لشهر يونيو وكانت مخيبة للامل اذ بقيت نسبة البطالة بمستوى 8.2 بالمئة من القوة العاملة ولم يتعد اجمالي الوظائف المستحدثة 80 الف وظيفة.

رياح معاكسة

وقال محللون: إن ما يثير القلق بصورة خاصة هو ان تراجع هذا الدفع الاقتصادي يسجل في وقت يواجه الاقتصاد مجموعة من الرياح المعاكسة التي تهدد بنسف آمال التعافي. وقال الخبير نوريال روبيني، الذي غالبا ما يصدر تكهنات قاتمة بشأن الاقتصاد العالمي: إن هذا التراجع البطيء يعود الى الغموض المخيم بشأن الرئيس المقبل، ومستوى الضرائب والنفقات، ومخاطر تعثر مسألة سقف الدين مجددا.

واذا لم يتم التوصل الى اتفاق في الكونغرس بحلول نهاية السنة حول خفض الدين العام الذي يمثل نحو 100 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، فان بعض اجراءات تحفيز الاقتصاد والتخفيضات الضريبية ستنتهي مفاعليها فيما تدخل حيز التنفيذ تخفيضات تلقائية متفق عليها في النفقات العامة.

الجدار المالي

ويثير "الجدار المالي" مخاوف صندوق النقد الدولي الذي خفض مؤخرا توقعاته للنمو الاقتصادي الاميركي الى 2 بالمئة للعام 2012. غير ان عامل الغموض الرئيسي بالنسبة للولايات المتحدة مصدره الضفة الاخرى من الاطلسي، حيث تعاني منطقة اليورو من ازمة ديون حادة، واعلنت بريطانيا مؤخرا عن تراجع بنسبة 0.7 بالمئة في اجمالي ناتجها الداخلي في الفصل الثاني من السنة.

مخاطر كبيرة

واعتبر وزير الخزانة تيموثي غايتنر مؤخرا ان الازمة في اوروبا تشكل "اكبر" خطر يهدد انتعاش الاقتصاد الاميركي. واعلن الاحتياطي الفدرالي منتصف يوليو ان المخاطر على النظام المالي الاميركي الناجمة عن التوتر في اوروبا ازدادت على ما يبدو مشيرا الى ان المؤسسات المالية الاميركية "عرضة" للاوضاع المالية في اوروبا. وحذر صندوق النقد من العقبات التي لا تزال تضعف النهوض الاقتصادي الاميركي وفي طليعتها احتمال اشتداد ازمة الديون في منطقة اليورو.

وكانت المؤسسات المالية في الولايات المتحدة "خفضت بدرجة كبيرة استثماراتها في الاقتصادات الأوروبية الأكثر عرضة للمخاطر بحسب بيان وزير الخزانة الأميركي. وقال غايتنر: إن قادة أوروبا يضعون حاليا إصلاحات اقتصادية طويلة المدى لتحسين أنظمتهم المالية.

ودافع غايتنر عن نفسه ضد الاتهامات الموجهة إليه بأنه كان عليه بذل المزيد من الجهد لتنبيه الكونغرس إلى فضيحة التلاعب في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك في لندن التي ضربت القطاع المصرفي البريطاني، عندما علم بذلك أثناء توليه رئاسة مجلس الاحتياط لولاية نيويورك.

موجة جفاف

ورغم هطول أمطار متفرقة على أجزاء من الغرب الأوسط الأميركي فإن معظم المنطقة لا تزال تعاني من أسوأ موجة جفاف منذ نصف قرن، بينما تتدهور توقعات إمدادات وأسعار الغذاء العالمية. وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن تتجاوز أسعار الغذاء أسعار المستهلكين الأخرى عام 2013 إذ إن الجفاف يتلف المحاصيل ويقلص الإمدادات.

وقال ريتشارد فولبي الاقتصادي في وزارة الزراعة: إن الجفاف سيؤثر بشدة في أسعار الغذاء في العام المقبل. وأضاف أن الضغط على أسعار الغذاء سيبدأ بالتزايد في وقت لاحق من العام الجاري.

وقال فولبي: لقد بدأ الجفاف يؤثر بالفعل في أسعار الذرة وفول الصويا لكنه سيسلك مساره بعد ذلك في كل جوانب النظام حتى يصل إلى أسعار العلف ثم أسعار الماشية ثم أسعار الجملة وأخيرا إلى أسعار التجزئة. وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية الآن ارتفاع أسعار الغذاء بما بين 2.5 بالمئة و3.5 بالمئة في 2012 ثم ما بين ثلاثة بالمئة وأربعة بالمئة في 2013. وقالت الوزارة: إن أسعار الغذاء سترتفع بوتيرة أسرع من إجمالي التضخم الأميركي خلافا للنمط المعتاد.

ومن المتوقع أن يبلغ التضخم في الولايات المتحدة اثنين بالمئة هذا العام و1.9 بالمئة في 2013. وبلغ تضخم أسعار الغذاء 3.7 بالمئة العام الماضي لكنه كان 0.8 بالمئة فقط في 2010. وأضافت وزارة الزراعة 76 مقاطعة أخرى إلى قائمة المناطق التي تحتاج لمساعدات الكوارث ليصل المجموع إلى 1369 مقاطعة في 31 ولاية في أنحاء البلاد. وقالت الوزارة: إن ثلثي الولايات المتحدة يعاني حاليا من جفاف متوسط أو شديد.

وقال خبراء الأرصاد الجوية: إنه بعد أسابيع من الطقس الحار والجاف من المتوقع أن يشهد حزام الذرة الشمالي الممتد من شرق نبراسكا حتى شمال إيلينوي يوما ثانيا من الأمطار المتفرقة. لكن في جنوب الغرب الأوسط الذي يضم ميزوري ومعظم إيلينوي وإنديانا وأوهايو من المتوقع أن يستمر الطقس الحار والجاف.

 

 

مشروع قانون يخضع الاحتياطي الأميركي للتدقيق

 

 

وافق مجلس النواب الاميركي بأغلبية كبيرة على تشريع يخضع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي للتدقيق رغم ان المشروع من المتوقع ان يفشل في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.

ووافق مجلس النواب على المشروع -الذي كتبه النائب الجمهوري رون بول- في اقتراع بأغلبية 327 ضد 98 صوتا متجاوزا اغلبية الثلثين المطلوبة. وانضم 89 ديمقراطيا الى 238 جمهورياً في الموافقة على المشروع.

وقاوم مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي طويلا مشروع قانون التدقيق مجادلين بأنه سيقوض استقلاليتهم وسيعطي صبغة سياسية لقرارات السياسة النقدية.

لكن الاقتراع أظهر دعما من الحزبين لقدر أكبر من التدقيق لسلطات البنك المركزي الاميركي التي جرى توسيعها لمساعدته على التصدي للازمة المالية.

وقال بول اثناء مناقشة المشروع امس الثلاثاء "لا أعرف كيف يمكن لأحد أن يكون ضد الشفافية" مضيفا ان الاميركيين من حقهم ان يعرفوا المزيد من التفاصيل عن صفقات إنقاذ البنوك التي قام بها مجلس الاحتياطي الاتحادي والدعم الذي قدمه لبنوك مركزية أجنبية.

وانتقد جمهوريون كثيرون وبعض الديمقراطيين الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها مجلس الاحتياطي لانقاذ بنوك وشراء سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة قائلين: إن البنك المركزي تدخل في اختصاص الكونغرس بشأن السياسة المالية. ويقولون: إن الاجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي لتخفيف الركود في الفترة من 2007 إلى 2009 ربما تكون زرعت البذور لزيادة في التضخم مستقبلاً.