رجحت وكالة الطاقة الدولية أن يحد التباطؤ الاقتصادي العالمي من ارتفاع أسعار النفط ولكن هناك احتمالًا لأن تؤدي مفاجآت غير سارة في الإمدادات إلى إطلاق موجة ارتفاع أسعار النفط مجدداً. وأبقت الوكالة تقديرها لنمو الطلب العالمي على النفط مستقرا عند نحو 800 ألف برميل يوميا خلال 2012 مع ارتفاعه إلى نحو مليون برميل يوميا في 2013.
وتتوقع الوكالة أن يبلغ الطلب العالمي على النفط 90.9 مليون برميل يوميا في 2013 وتقول إن الدول غير الاعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للاقتصادات المتقدمة ستتفوق لأول مرة على دول المنظمة في استهلاك الوقود وهو اتجاه من المستبعد أن يتغير.
نزل سعر خام برنت عن 100 دولار للبرميل أمس وسط مخاوف كبيرة بشأن الطلب العالمي. وجاء تراجع النفط بعدما صعد أكثر من اثنين بالمئة في الجلسة الماضية إذ أدى عدم اليقين بشأن الأوضاع الاقتصادية إلى تراجع إقبال المستثمرين على الأصول المنطوية على مخاطر. ويترقب المستثمرون بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالصين اليوم الجمعة لإعادة تقييم نمو الطلب العالمي على النفط بعدما توقعت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك تباطؤا آخر في 2013.
وفي إحدى مراحل التداول هبط خام برنت 65 سنتا إلى 99.58 دولاراً للبرميل، حيث لكن مخاوف بشأن شح امدادات بحر الشمال حدت من الخسائر بينما تراجع الخام الخفيف 56 سنتا إلى 85.25 دولاراً للبرميل. وقال بن لو برون محلل الأسواق في اوبشنز اكسبرس في سيدني: في جميع الأصول المنطوية على مخاطرة بما في ذلك النفط يرى المستثمرون النصف الفارغ من الكوب فيما يتعلق بآفاق الاقتصاد العالمي.
العرض والطلب
وقالت وكالة الطاقة الدولية التي تقدم النصح للدول الصناعية في سياسة الطاقة إن قوى العرض والطلب انحسرت بوضوح منذ بداية العام وإن مخزونات النفط زادت بشكل كبير خلال الشهور القليلة الماضية. لكن الوكالة أضافت أن أي خطوة من جانب أوبك للالتزام بشكل صارم بالسقف المستهدف للإنتاج وهو 30 مليون برميل يوميا قد يكون لها تأثير كبير على السوق. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن أسواق النفط إن من شأن الالتزام الصارم بسقف الانتاج السابق البالغ 30 مليون برميل يوميا أن يجازف باطلاق موجة ارتفاع للاسعار ربما تكون ضارة.
إنتاج أوبك
وذكرت وكالة الطاقة ان أعضاء أوبك الاثني عشر انتجوا ما يقرب من 31.8 مليون برميل يوميا في يونيو قبل فرض حظر أوروبي على النفط الايراني بدءا من أول يوليو وتشديد العقوبات الاميركية على ايران. وهذا أعلى بواقع 1.3 مليون برميل يوميا من تقدير الوكالة للطلب على نفط أوبك هذا العام وفي 2013 وساهم في ارتفاع مخزونات النفط العالمية.
وقالت الوكالة إن مخزونات النفط الخام العالمية في الدول الصناعية الكبيرة ارتفعت أكثر من 15 مليون برميل في مايو لتتجاوز 2.67 مليار برميل. وتراجع عدد الأيام التي تغطيها مخزونات النفط الاجمالية بواقع 0.8 يوم إلى 58.9 يوماً في مايو لكن المخزونات مازالت أعلى من متوسطها لخمس سنوات بواقع 1.4 يوم.
وقالت الوكالة إن انتاج النفط الإيراني تراجع لأدنى مستوى في نحو 22 عاما في يونيو إذ أدى الضغط الغربي على طهران بسبب برنامجها النووي لتقليص مشتريات المصافي من الخام الإيراني خاصة في أوروبا وآسيا. وقدرت الوكالة انتاج الخام الإيراني عند 3.2 ملايين برميل يوميا في يونيو انخفاضا من 3.3 ملايين برميل يوميا في مايو.
لكن زيادة في الانتاج السعودية كانت اكثر من كافية لتعويض تراجع الانتاج الايراني إذ زاد انتاج المملكة 150 ألف برميل يوميا إلى 10.15 ملايين برميل يوميا في يونيو وهو معدل وصفته الوكالة بأنه يقترب من مستوى قياسي.
الإنتاج الخارجي
ارتفع الانتاج من خارج أوبك ايضا بشكل متزايد وتوقعت زيادة اجمالية قدرها 700 الف برميل يوميا في 2013 إلى 53.2 مليون برميل يوميا بعد زيادة قدرها نحو 400 ألف برميل يوميا هذا العام. وسيأتي قدر كبير من هذه الزيادة من الولايات المتحدة حيث يرتفع بحدة انتاج الخام الخفيف من المكامن الصخرية في تكساس ونورث داكوتا وولايات اخرى في الغرب الأوسط. لكن في الوقت الذي ترتفع فيه الامدادات يتراجع الطلب العالمي على النفط بسبب التباطؤ الاقتصادي.
التباطؤ الاقتصادي
وقال محللون إنه وبما أن تباطؤ الاقتصاد العالمي سحب بساط الطلب من تحت أقدام أسواق الطاقة فإن قدرة النفط التقليدية على إحداث الاستقرار عادت إلى الساحة حتى ان التراجع السنوي في أسعار النفط وصل إلى 20 في المئة تقريبا. ويقول نيل ماكينون الاقتصادي في بنك في.تي.بي كابيتال الروسي إن انخفاض أسعار النفط أحد الآمال القليلة حتى رغم أن كل شيء يتوقف على استدامته. وهناك كثير من المخاطر في ذلك.
وحتى في هذا الوضع يجب أن تتساءل عما إذا كانت أية منافع تم امتصاصها بسبب الانكماش المتواصل وبعيدا عن ضخ مزيد من الأموال في جيوب المستهلكين والمؤسسات عبر خفض فواتير الوقود وبالتالي خفض كلفة المنتجات التي تستخدم مدخلات طاقة كبيرة يجب أن يكون لانخفاض أسعار النفط أثر كبير على نسب تضخم أسعار المستهلك التي تهبط بالفعل إلى ما دون المعدلات الخطيرة للعام الماضي.
وتعكس بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن معدل التضخم السنوي في الدول الأعضاء بالمنظمة والبالغ عددها 34 دولة تراجع إلى 2.1 في المئة هذا العام حتى مايو من أصل 2.5 في المئة في ابريل وأن هذا التراجع كان الأكبر منذ يناير 2011 مدفوعا بشكل كبير بأسعار النفط والغذاء.
صادرات إيران من زيت الوقود تتراجع
أظهرت بيانات من مصادر نفطية إن صادرات إيران من زيت الوقود هبطت نحو 50 في المئة من مايو إلى يونيو مما يجعل الموقف اشد إيلاما للأوضاع المالية المتعثرة في البلاد وسط تراجع حاد في صادرات النفط بسبب العقوبات الغربية.
وهبطت صادرات زيت الوقود من إيران عضو منظمة أوبك ومورد رئيسي لآسيا والشرق الأوسط إلى 396 ألف طن في يونيو من نحو 777 ألف طن في مايو بحسب شركة تقتفي أثر شحنات النفط. وقال تجار بشركات نفطية إنهم يتوقعون مزيداً من الانخفاض في الصادرات في يوليو.
وتراجعت مبيعات إيران من النفط الخام حوالي النصف على مدى العام السابق إلى 1.1 مليون برميل يوميا مع وقف الاتحاد الأوروبي مشترياته وخفض آسيا وارداتها بشكل حاد لتفادي العقوبات الأميركية إضافة إلى الصعوبات المتعلقة بتوفير غطاء تأميني على السفن التي تنقل النفط الإيراني. وأظهرت البيانات هبوط صادرات زيت الوقود الإيراني لآسيا في يونيو إلى 80 الف طن من 500 ألف طن في مايو.
