حذر وزير المالية السويدي اندرس بورغ من ان اليونان ستعلن على الارجح افلاسها على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذل لانقاذها. وقال الوزير إن الامر الاكثر ترجيحا هو حصول تخلف عن السداد في اليونان. واضاف: بالنظر الى الطريقة التي تدار فيها الامور حتى الان، لا يمكن استبعاد ان ينتهي الامر الى افلاس الدولة.
واوضح انه حتى لو اعادت الحكومة اليونانية الجديدة التفاوض على الشروط التي فرضها على اثينا صندوق النقد الدولي مقابل دعمها ماليا، فان الدين العام اليوناني سيبقى لعشر سنوات فوق مستوى 120% من اجمالي الناتج المحلي، وهو وضع قلما يمكن تحمله عندما تكون توقعات النمو متدنية الى الدرجة التي هي عليها في اليونان.
مفاوضات الدين
واستأنفت أثينا أمس مفاوضاتها مع ترويكا الدائنين حول الافراج عن دفعة جديدة من القرض الهائل الذي منحوه لها والمعلقة دفعاته منذ مايو. وذكرت تقارير إعلامية أن أنطونيس ساماراس رئيس الوزراء اليوناني الجديد عرض على الدائنين الدوليين تسريع عملية الخصخصة وخطط لخفض حجم القطاع العام في مقابل شروط إنقاذ أكثر تشجيعا.
ويريد ساماراس من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي المعروفين باسم الترويكا منح اليونان المزيد من الوقت للوفاء بالمستهدفات المالية.
أول اجتماع
وعقد وزير المالية يانيس ستورناراس أولى اجتماعاته مع مفتشي الترويكا. واقترح أن يتم السماح لدافعي الضرائب بدفع ضرائبهم على أقساط ما سيرجئ تسلم ضرائب بقيمة 2.5 مليار يورو أي 3.1 مليارات دولار حتى العام المقبل. وتحتاج اليونان إلى قروض دولية لتجنب إشهار إفلاسها، لكن بعد شهرين من الجمود السياسي، تخلفت عن تحقيق أجندة الإصلاح التي يطالب بها الدائنون كما تبذل جهودا مستميتة لمواجهة تفاقم الركود وبطالة قياسية بلغ معدلها أكثر من 22%.
تعديل الشروط
وتدرس الحكومة التي يقودها حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ والمدعومة من حزب باسوك الاشتراكي وحزب يساري صغير تعديل بعض شروط إنقاذ اليونان مشددة على أن شروط الإنقاذ تعجز عن تحفيز النمو.
وتحتاج اليونان إلى إقناع دائنيها بأن اقتراحاتها واقعية. وتطبق اليونان إجراءات تقشف صارمة تشمل زيادة الضرائب واستقطاعات كبيرة على الأجور والمعاشات في مقابل حزمة قروض إنقاذ بعدة مليارات من اليورو. وتناضل من أجل الوفاء بالمستهدفات المالية المحددة في اتفاقيات إقراضها.
تعليق الإصلاحات
وتم خلال الفترة الماضية تعليق الكثير من الإصلاحات التي فرضتها الترويكا لانعاش الاقتصاد وتصحيح المالية العامة على غرار الخصخصة والاصلاح الضريبي والاداري. واعتبر المسؤول الرفيع في البنك المركزي الاوروبي يورغ اسموسن في تعليقات نقلتها الصحافة اليونانية ان الاصلاحات انقطعت وبرنامج تصحيح الاقتصاد انحرف عن سكته.
وتطرح المعارضة اليسارية المتشددة ملفا اخر هو اعادة رسملة مباشرة للمصارف من الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي ما يخفف من عبء الدين، على غرار ما اقر لاسبانيا في اثناء القمة الاوروبية. كما تسعى اليونان ومنطقة اليورو الى التوصل الى وسائل للخروج من الحلقة المفرغة للتقشف والانكماش التي تدور فيها البلاد. فمع زيادة الضرائب وتراجع الرواتب تراجع الانتاج الصناعي والاستهلاك وباتت الحكومة تتوقع تفاقم الانكماش الى 6,7% عام 2012 عوضا عن 4,5% المتوقعة اصلا.
الحكومة اليونانية الجديدة أمام تحديات اقتصادية كبيرة
أكدت الحكومة اليونانية الجديدة استعدادها لتعويض التأخير الحاصل في تنفيذ خطة الخصخصة المنصوص عليها في الاتفاق المبرم بين اثينا وترويكا الدائنين، وذلك في محاولة منها لاقناع وفد الترويكا للتحقق من ماليتها العامة.
ودخل الاقتصاد اليوناني عامه الخامس على التوالي من الركود، والحكومة الائتلافية الجديدة بين اليمين واليسار اعربت منذ الان عن خشيتها من ان يتفاقم تراجع اجمالي الناتج المحلي في 2012 الى 6,7% اي ضعف النسبة التي كانت متوقعة سابقا. وللحؤول دون الانهيار تسعى الحكومة الى التعهد بتسريع خطى الخصخصة المنــصوص عليها في خطة النهوض الاقتصادي لدعم خزينة الدولة الفارغة تماما.
وقال رئيس الوزراء ساماراس في رسالة الى الدائنين الاسبوع الماضي بعدما منعته وعكة صحية من حضور القمة الاوروبية في بروكسل: ساسرع الاصلاحات المنصوص عليها في خـــطة الاتحاد الاوروبي-صندوق النقد الدولي عبر التركيز على عمليات الخصخصة.
وتتضمن لائحة الادارات والهيئات العامة التي ستشملها الخصخصة ادارات الكهرباء والغاز الطبيعي وسكك الحديد اضافة الى مرافئ ومطارات ومواقع اولمبية سابقة ومصارف. وكانت الخطة تنص اولا على ان تعود عمليات الخصخصة هذه ب50 مليار يورو، الا ان هذا الهدف كان طموحا جدا واعيد النظر فيه لاحقا وخفض الى 15 مليار يورو بحلول 2015.
وقد طرأ تأخير كبير في تنفيذ عمليات الخصخصة هذه ولا سيما بسبب العرقلة التي قامت بها نقابات العمال اضافة الى الفراغ السياسي الذي شهدته البلاد بسبب اضطرارها الى اجراء انتخابات تشريعية مرتين في اقل من ثلاثة اشهر.
وذكر كوستاس ميتروبولوس رئيس الصندوق اليوناني للخصخصة خلال مؤتمر صحافي ان اليونان تأخرت كثيرا. وبدوره قال نائب وزير التنمية نوتيس ميتاراخي هذا الاسبوع انه "كل هذه السنوات فعلت اليونان كل ما بوسعها من اجل تجنب الاستثمارات الاجنبية. واضاف انه للخروج من الازمة يجب العمل بشكل فوري وفعال.
وبحسب الصندوق فان هناك 28 مشروعا سبق وان تمت الموافقة على خصخصتها، مشيرا الى ان تحقيق عائدات بقيمة 15 مليار يورو بحلول العام 2015 امر ممكن طالما ان الطلب متوفر. ولكن الحكومة عليها تسريع الخطى لان 72 قرارا وزاريا لا تزال بحاجة الى مراسيم تنظيمية وهناك ايضا 13 نزاعا بين الصندوق والدولة احيلت الى القضاء.
وابرز مشروع في هذه اللائحة هو موقع "هيلينيكون" وهو عبارة عن قطعة ارض تبلغ مساحتها 620 هكتارا وتطل على البحر بشريط ساحلي يبلغ طوله 3,5 كلم وتقع في جنوب العاصمة وفيه مجمع اولمبي والمطار الدولي السابق. وهذه المنطقة الاكبر من سنترال بارك في نيويورك سيتم تحويلها بموجب مشروع الخصخصة الى وحدات سكنية ومتنزهات ومتاجر.
وقد ابدت تسع شركات اهتماما بالاستثمار في هذا المشروع المتوقع ان يعود على الدولة بما نسبته 0,3% من اجمالي الناتج المحلي وان يخلق 15 الف فرصة عمل. بالمقابل فان خصخصة شركة الكهرباء، التي تريد الترويكا اعادة هيكلتها، تصطدم بمعارضة نقابلة الموظفين الشديدة النفوذ. ويجذب قطاع الطاقة اليوناني الكثير من المستثمرين، وبحسب وزارة التنمية فان ثمانية عروض قد طرحت للقيام باعمال حفر وتنقيب عن النفط قبالة السواحل الغربية للبلاد.
