أثار خفض باركليز لأسعار الفائدة التي يعرضها للبنوك في لندن تساؤلات كبيرة في أوساط المحللين. ووفقاً لبعض الخبراء فقد قلل البنك بالتأكيد المخاطر التي يتعرض لها بخفض الفائدة أثناء الأزمة. لكن ماذا كانت ستكلفه الأمانة؟ هل كان باركليز سيستطيع اجتذاب أموال من مستثمرين من الشرق الأوسط وتفادي التأميم وحماية مكافآت المديرين؟ لا أحد يدري لكن تسلسل الأحداث له دلالته.
الفائدة والإقراض
وبعد انهيار «ليمان براذرز» في سبتمبر 2008 أدرك معظم المتعاملين الأذكياء أن سعر الفائدة المعلن لا يعكس صورة دقيقة لكلفة الاقتراض. وعلمت الحكومة البريطانية ذلك أيضاً فكانت تتابع سلامة بنوكها من خلال مؤشرات أخرى. لذا ربما لم يكن لقرار باركليز خفض سعر ليبور الذي يعرضه في ثلاثة مواقف مهمة في خريف 2008 أي تأثير في مسار الأحداث.
جدلية التنافس
إلا أنه من الواضح أن باركليز كان يخشى أن يعتبر مغيباً عن الواقع لو عرض فائدة للاقتراض أعلى مما يقدمه المنافسون. ويبدو أن الحكومة أيضاً أثارت أسئلة بهذا الشأن، ما يشير إلى أنه ربما كانت تساورها مخاوف. وقد كانت هناك أسباب وجيهة للقلق إذ كان عالم المال بأسره على صفيح ساخن في الوقت الذي كان باركليز نفسه يقتات فيه على بقايا ليمان براذرز.
محاولة سابقة
وحاول باركليز في بادئ الأمر شراء ليمان بالكامل قبل أن يفلس، وهي مناورة عرقلتها هيئة الخدمات المالية البريطانية بقرار حكيم. لكن البنك البريطاني استحوذ بالفعل بسعر زهيد على عمليات ليمان في الولايات المتحدة بعد إفلاس البنك الأميركي في صفقة أعلنها في 17 سبتمبر.
وفي الصباح التالي أبلغ أحد موظفي باركليز المسؤولين عن تقديم عروض أسعار ليبور، مديره بأنه يعتزم عرض سعر فائدة الاقتراض بالدولار لأجل شهر عند 4.75 بالمئة، وفقا لتقرير هيئة الخدمات المالية عن فضيحة التلاعب بسعر الفائدة. وبعد ذلك قرر الموظف خفضها إلى 4.5 بالمئة وهو ما كان أعلى بخمسين نقطة أساس من أقرب سعر معروض.
وبعدها ببضعة أسابيع حيل بين عدة بنوك كبيرة مثل آر.بي.اس ولويدز وبين أسواق النقد بين البنوك وأصبحت تستنفد سيولتها بمعدل ينذر بالخطر. قررت الحكومة البريطانية أنها تحتاج لضخ رأس مال في تلك البنوك واستحوذت على حصص فيها. وجاء القرار النهائي في 11-12 أكتوبر. كان باركليز يحاول جاهداً تفادي التأميم. كان قلقاً من خطر تدخل الحكومة لكن المديرين ربما كانوا يخشون أيضاً أن يقلص الساسة مكافآتهم الضخمة.
وأقنع البنك الحكومة في نهاية المطاف بتركه يجمع رأس المال بنفسه من القطاع الخاص.
