ظهرت من جديد حالة من العصبية في أسواق المال العالمية مع ارتفاع تكاليف الإقراض لإسبانيا وإيطاليا على السواء بشكل حاد، وسط مخاوف من عجز خطة إنقاذ بنوك مدريد عن الوفاء بما هو مطلوب لتعزيز منطقة اليورو. كما جاء ارتفاع العائد على السندات العشرية الإسبانية والإيطالية على خلفية حالة من الغموض لدى المستثمرين بشأن نتيجة الانتخابات العامة في اليونان يوم الأحد المقبل. ورغم ذلك، نجح اليورو في تحقيق مكاسب، كما ارتفعت الأسهم الأوروبية والأميركية، لكن الأسهم اليابانية أغلقت على انخفاض.

الأسواق الأوروبية

أوروبياً عوضت أسواق الأسهم خسائرها التي تكبدتها خلال الساعات الأخيرة من التعاملات السابقة. وحقق مؤشر يوروستوكس 50، الذي يقيس أداء أسهم أكبر خمسين شركة في منطقة اليورو مكاسب بنسبة 0.76% ليصل إلى 2152.23 نقطة. ورغم أن الأسهم في بورصة مدريد نجحت في أن ترتفع بنسبة 0.25%، تراجعت الأسهم في إيطاليا، إذ انخفض مؤشر "إم آي بي" لبورصة ميلانو بنسبة 0.38%.

وارتفعت الأسهم الأوروبية مدفوعة بأداء قوي للقطاعات التي تعتبر ملاذا آمنا، حيث رأى المستثمرون أن إنقاذ بنوك اسبانيا سيحل بعض مشاكل المنطقة، لكن ليس كلها. وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 0.1 في المئة إلى 984.25 نقطة، بعد أن فتح على انخفاض. وسجل المؤشر اعلى مستوياته منذ منتصف مايو في الجلسة السابقة، قبل أن يتخلى عن معظم المكاسب بحلول الإغلاق. وقال بن هاوتسنبرجر مدير الصندوق لدى سويسكانتو لإدارة الأصول في زوريخ: هناك الكثير من الخوف. إنقاذ بنوك اسبانيا خطوة في الاتجاه الصحيح لكن لا يمكن استبعاد الحاجة إلى مزيد من الضخ. أيضا لا يعلم الناس كيف ستكون نتيجة الانتخابات في اليونان.

وأوضح هاوتسنبرجر الذي تدير شركته نحو 55 مليار فرنك سويسري، أي نحو 57 مليار دولار: من المرجح أن الأسهم الدفاعية مثل الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية المعمرة تعتبر أفضل حاليا من الشركات المالية. وشهدت الأسهم التي تعتبر دفاعية طلبا، حيث ارتفع مؤشر ستوكس 600 لقطاع الأغذية والمشروبات الأوروبي 0.6 في المئة، متصدرا المكاسب، في حين ارتفع مؤشر قطاع المرافق 0.5 في المئة.

مؤشرات طوكيو

وأنهت الأسهم اليابانية تعاملاتها في بورصة طوكيو للأوراق المالية بتراجع ملموس، على خلفية خسائر الأسهم الأميركية في تعاملات بورصة وول ستريت في نيويورك في الجلسة السابقة، وصعود قيمة العملة اليابانية أمام العملات الرئيسية في العالم. وتراجع مؤشر نيكاي القياسي بمقدار 88.18 نقطة بما يعادل 1.02% ليصل إلى 8536.72 نقطة. كما سجل مؤشر توبكس الأوسع نطاقا هبوطا بمقدار 5.7 نقاط، أي بنسبة 0.78% إلى 724.37 نقطة.

وتراجعت أسهم شركات التصدير بسبب ارتفاع قيمة الين أمام اليورو والعملات الرئيسية الأخرى. ويقلص ارتفاع قيمة الين القدرة التنافسية للمنتجات اليابانية في الأسواق العالمية ويخفض قيمة أرباح الاستثمارات اليابانية في الخارج. وانخفض سهم نيسان موتور للسيارات بنسبة 1.94% وسهم تويوتا موتور للسيارات بنسبة 1.14% وسهم هوندا موتور للسيارات بنسبة 1.01% وسهم سوني كورب للإلكترونيات بنسبة 2.1%.

استقرار اليورو

واستقر اليورو مقابل الدولار مع انحسار ضغوط البيع التي كانت مدفوعة بمخاوف بشأن إنقاذ بنوك اسبانيا، لكن العملة الموحدة مازالت تبدو ضعيفة، بينما ينتظر المستثمرون القلقون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

وتحدث المتعاملون عن طلب من مستثمرين من الشرق الأوسط مما رفع اليورو لأعلى مستوى للجلسة عند 1.2523 دولار. لكن تردد حديث عن عروض جيدة بين 1.2525 ــ 1.2540 دولار وحّد من المكاسب، مع بحث المستثمرين عن فرص للبيع عندما يرتفع اليورو.

واستقر اليورو دون تغير يذكر عند 1.2475 دولار، بعد أن تراجع من المستوى المرتفع 1.2668 دولار الذي سجله بعد اتفاق إنقاذ اسبانيا مطلع الأسبوع المنصرم. وتقدم اليورو 0.3 في المئة إلى 99.31 ينا، وسط ما قاله متعاملون إنها عروض حول مستوى 100 ين من مصدرين يابانيين. وزاد الدولار إلى 79.53 ينا، ليحوم دون مستواه المرتفع من اليوم السابق 79.92 ينا. وتمشيا مع سائر العملات التي تعبر عالية المخاطر ارتفع الدولار الأسترالي 0.3 في المئة إلى 0.9887 دولار أميركي، بعد أن تراجع من أعلى مستوى في أربعة أسابيع.

تكاليف الإقراض

وفي حين ارتفعت تكاليف الإقراض في إسبانيا لأعلى مستوياتها في حوالي ثمانية أشهر، قفز العائد على السندات الإيطالية إلى 6.16% في أعلى مستوى له منذ يناير. وكشفت بيانات أن الاقتصاد الإيطالي انكمش بنسبة 0.8% في الربع الأول من العام الحالي. وبعد أن تراجع العائد على السندات العشرية الإسبانية إلى قرب مستوى 6% في أعقاب برنامج إنقاذ البنوك الإسبانية، ارتفع إلى 6.67% ليصل لأعلى مستوياته منذ نوفمبر الماضي. ويعتقد خبراء الاقتصاد أن تكاليف الإقراض الحكومية التي تتخطى حاجز 6% لن تكون محتملة على المدى الأطول.

ويرى محللون الآن أن المستثمرين يشعرون بالقلق من ان حزمة إنقاذ البنوك بقيمة تصل إلى 100 مليار يورو لن تكون كافية لتخفيف حدة المخاوف بشأن اليورو، وأن أوروبا سيتعين عليها الآن أن تضخ أموالا في الدولة الإسبانية.

مخاوف كبيرة

وعزز ارتفاع السندات الإيطالية المخاوف من أن ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو قد يسعى للحصول على مساعدة من الاتحاد الأوروبي. وقفز الفارق، أي زيادة سعر الفائدة التي يطالب بها المستثمرون لشراء السندات الإيطالية على فائدة السندات القياسية الألمانية إلى 483 نقطة أساس، من مستوى الافتتاح عند 468.8 نقطة أساس.

وفي حين تتمتع البنوك الإيطالية بوضع أقوى عن البنوك الإسبانية، لا تزال البلاد تعاني من الركود، مع توقعات بانكماش الاقتصاد بنسبة 1.7% هذا العام، وفقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ورفض وزير الصناعة الإيطالي كورادو باسيرا فكرة أن بلاده قد تكون في حاجة إلى مساعدة خارجية، واصفا إيطاليا بأنها "ضمن دول تتمتع بوضع أفضل في التصدي لاضطراب مالي تجد أوروبا نفسها فيه". سيناريوهات

أقرت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بأنه طلب إليها تقديم مشورة قانونية لخطط طارئة بشأن خروج اليونان من منطقة اليورو، وشددت في الوقت نفسه على أنها هي نفسها غير مشتركة في تلك الخطط.

وقال أوليفر بيلي المتحدث باسم المفوضية إن السلطات في بروكسل تتعامل "منذ أسابيع عدة " مع تساؤلات بشأن العواقب القانونية "لسيناريوهات متوقعة لخروج دولة من منطقة اليورو".

وأضاف بيلي أنه من المرجح أن يستلزم خروج اليونان فرض ضوابط على نقل الأموال والسيطرة على الحدود للحيلولة دون نقل كميات من اليورو خارج البلاد قبل تحويلها إلىالدراخمة الضعيفة.

وأوضح أن مثل هذه الضوابط غير ممكنة لأسباب اقتصادية، وإنما على "نظام عام محدد للغاية، وعلى أسس أمنية".