قالت الأمم المتحدة في تقرير أمس الخميس إن أزمة ديون منطقة اليورو هي أكبر خطر على الاقتصاد العالمي وإن تفاقمها قد يؤدي إلى تدهور النمو العالمي. وقالت المنظمة في تقريرها بشأن وضع الاقتصاد العالمي وآفاقه في عام 2012 إن أزمة ديون منطقة اليورو مازالت أكبر خطر على الاقتصاد العالمي.

 

اضطرابات حادة

وتصاعد الأزمة قد يقترن باضطرابات شديدة في الأسواق المالية وزيادة حادة في العزوف عن المخاطرة على مستوى العالم مما يؤدي إلى انكماش النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة وامتداد الأثر إلى البلدان النامية والاقتصادات التي تشهد تحولا. وقال التقرير إنه وبعد تباطؤ ملحوظ في عام 2011 من المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي العالمي فاترا في 2012 حيث ستنمو معظم المناطق بوتيرة أقل من إمكاناتها. وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع نمو الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 2.5 بالمئة في عام 2012 و3.1 بالمئة في 2013 بعد 2.7 بالمئة في 2011. وقالت المنظمة إن أزمة البطالة مازالت مستمرة في أنحاء العالم حيث مازالت معدلات البطالة العالمية فوق مستويات ما قبل الأزمة بينما ترتفع البطالة في منطقة اليورو بوتيرة متسارعة.

وأشارت التوقعات الجديدة لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية الى تراجع طفيف في التقديرات التي كان نشرها في يناير حيث إن النمو العالمي كان مقدرا أن ينمو 2,6 في المئة في 2012 و3,2 في المئة في 2013. وتوقع هذا التقرير أيضا ان يزداد تباطؤ نمو التجارة العالمية في العام 2012 ليبلغ 4.1 في المئة مقابل 3.1 في المئة في 2010 و6.6 في المئة في 2011. واشار التقرير الى ان غالبية الدول المتقدمة لا تزال تواجه صعوبات في تجاوز المشاكل الاقتصادية التي نجمت من الازمة المالية العالمية في 2008-2009.

انكماش فرنسا

وبدا الوضع الأوروبي مترهلاً إلى حد بعيد فقد توقع البنك المركزي الفرنسي أن ينكمش الاقتصاد 0.1 بالمئة في الربع الثاني بالمقارنة بالربع الاول مخفضا توقعاته السابقة باستقرار النمو.

ولم تسجل فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو نموا في الربع الأول من العام إذ تحسب المستهلكون والمنتجون لأوقات أكثر صعوبة.

وقال البنك المركزي الفرنسي إن مؤشره لمعنويات الشركات في القطاع الصناعي انخفض إلى 93 في مايو من 94 في ابريل مع تراجع في قطاع السيارات والصناعات المعدنية بشكل خاص. وهبط مؤشره لقطاع الخدمات إلى 92 من 93 في ابريل مع تراجع النشاط بشكل عام لكن خاصة في المواصلات والفنادق.

 

واردات ألمانيا

وأظهرت بيانات تراجعا حادا في الصادرات والواردات الألمانية في أبريل في أحدث إشارة على أن أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بدأ يشعر بأثر أزمة ديون المنطقة. وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الاتحادي انخفاض الواردات المعدلة موسميا بنسبة 4.8 بالمئة في ابريل وهو أكبر تراجع في عامين. وكان الاقتصاديون قد توقعوا أن تستقر الواردات في استطلاع اجرته رويترز. ونزلت الصادرات المعدلة موسميا بنسبة 1.7 بالمئة بالمقارنة مع توقعات بهبوطها بنسبة واحد بالمئة. وارتفع الفائض التجاري المعدل موسميا إلى 16.1 مليار يورو من 14 مليارا في مارس متجاوزا توقعات بأن يبلغ 13.5 مليار يورو.

ناتج ايطاليا

وقال مكتب الإحصاء الوطني في إيطاليا "إيستات" في بيانات صدرت إن ناتج القطاع الصناعي تراجع في أبريل بنسبة 9.2% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وكان التراجع هو الأكبر منذ عام 2009 وإن كان أقل من نسبة 9.8% التي كان خبراء اقتصاد يتوقعونها. وانخفض الناتج الصناعي في أبريل بنسبة 1.9% مقارنة بالشهر السابق عليه وذلك للشهر الثامن على التوالي من الانكماش في القطاع. وتشير البيانات الأخيرة إلى أن ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لا يزال واقعا في ركود.

تعقيد الجهود

 

أشار خبراء مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية خصوصا الى "ان اجراءات التقشف المالية التي اتخذت في محاولة للتخفيف من زيادة الديون العامة لا تضعف النمو الاقتصادي وحسب، لكنها تؤدي الى زيادة تعقيد الجهود المبذولة لتقليص الديون". وقال التقرير ايضا "من الواضح ان سياسات التقشف في الموازنة تعطي نتائج عكسية". واضاف ان برامج التقشف هذه التي اتخذتها دول اوروبية عدة "تعزز الخطر من حلقة انكماش بكلفة اقتصادية واجتماعية عالية جدا".

وهكذا، فان معدل البطالة في كل منطقة اليورو بلغ في مارس 2012 مستوى قياسيا من 10.9 في المئة. وقال معدو التقرير ان "عدد الاشخاص الفاعلين في سوق العمل نسبة الى عدد السكان الاجمالي يبقى في كل الاقتصاديات الكبرى ادنى من مستواه في 2007 باستثناء البرازيل والصين وألمانيا".