شهد نمو الهند انخفاضاً تدريجياً في الفصول الربعية الأخيرة، بينما شهدت الروبية الهندية أيضاً انخفاضاً في قيمتها. غير أنه ثمة توقعات بعودتها إلى مستويات قوية في الأشهر المقبلة تدعمها محفزات البنك المركزي الهندي.
وقال تقرير للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية، إنه عندما ننظر إلى الوضع المحلي في الفترة ذاتها، عانت الهند من مستويات تضخم عالية ومتواصلة دفعت البنك المركزي الهندي إلى رفع معدلات الفائدة وهو ما بدوره أثر سلباً في الاستثمارات والطلب المحلي.
وقد خفّض البنك المركزي معدلات الفائدة بـ50 نقطة أساس في الأسابيع القليلة الأخيرة بهدف تحفيز النمو، وذلك على الرغم من أن الأسعار واصلت ارتفاعها وهي مشكلة أساسية يحاول البنك المركزي إيجاد حل لها. وإضافة إلى ذلك، فإن ميزان المدفوعات يؤثر أيضاً سلباً في الهند: فمن ناحية نرى أن العجز التجاري لا زال يزداد.
وتابع التقرير الذي أعده كميل عقاد، المحلل الاقتصادي في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية: إن حجم الفائض المالي الذي هو في الأساس ضعيف يشهد انخفاضاً بسبب انخفاض معدل الفائدة على رأس المال الأجنبي. وقد أثرت بالتالي هذه العوامل على الروبية الهندية التي انخفضت قيمتها نتيجة لها لتصل إلى مستويات منخفضة قياسية فاقت 56 روبية مقابل الدولار الواحد.
وبما أن حجم استيراد الهند يفوق حجم تصديرها، فإن القيمة المنخفضة للعملة قد تدعم زيادة التضخم في الدولة، وبالأخص بسبب حجم استيراد سلع الطاقة، الأمر الذي زاد التحديات الناتجة على النمو المنخفض والتضخم المستمر.
خسائر الروبية
وأضاف: بعد بداية إيجابية جداً هذا العام، خسرت الروبية الهندية ما جنته خلال العام الماضي، لتنخفض قيمتها بنسبة 5٪ في عام كامل في حين ما زال ميزان المدفوعات يتأثر سلباً. وهنا اتخذ البنك المركزي والهيئات الهندية خطوات تهدف إلى تثبيت قيمة العملة الهندية، أولها تحفيز الطلب من خلال بيع الدولار، وبيع صكوك حكومية في السوق المفتوح، وأيضاً من خلال عدة محفزات أخرى مثل إلزام المصدرين بتحويل على الأقل نصف ما يحملونه بالدولار الأميركي إلى ما يعادله بالروبية، وزيادة معدل الفائدة على الإيداعات بالعملات الأخرى غير الهندية.
وثانياً، قامت الهيئات الهندية بتأخير وضع السياسات الضريبية الجديدة، وذلك لتشجيع التدفقات الاستثمارية الخارجية إلى الهند، كما قامت الهيئات بوقف التغييرات التي كانت مقترحة على النظام الضريبي من أن تحل مكان أية من الاتفاقيات الثمانين لتجنب الضرائب المزدوجة (double tax avoidance agreements (DTAA. ومن المتوقع أن تسهم الخطوات التي اتخذتها الحكومة الهندية والبنك المركزي في وقف انخفاض الروبية.
ميزان المدفوعات الخارجية
وذكر أن الميزان الخارجي للمدفوعات ضعيف ولطالما كان تحدياً للهند وقد ازداد حدةً خلال الفصول الربعية الأخيرة. فالحساب الجاري الذي يضم التبادل التجاري للسلع والخدمات، والدخل، والتحويلات، كان دائماً يظهر عجزاً، وتفاقم الوضع بسبب أسعار النفط العالية وضعف عملة الروبية.
حيث أصبحت السلع خارج الهند أكثر غلاءً. وقد أثر هذا التوجه في شركات النفط الهندية التي تشتري النفط من دول أخرى ومن ثم تقوم ببيع الوقود في الهند بالسعر الذي تقره الحكومة الهندية. وبهذا، تكون الهند في وضع تصرف فيه أكثر على الكمية ذاتها من السلع والخدمات، وهو وضع يضر بالعملة الهندية، لأنه يتم بيع عدد أكبر من الروبية لشراء الدولار الأميركي.
الحساب المالي
واستطرد: أما الحساب المالي الذي يعد التدفقات الرأسمالية الأجنبية كاستثمارات المحافظ والاستثمارات الأجنبية المباشرة، فهو يؤثر أيضاً في سعر صرف الروبية الهندية، فكلما ازدادت التدفقات الصافية إلى الهند، أصبح الطلب أقوى على الروبية في الخارج. ولكن فائض الحساب المالي في الهند في تراجع خلال الفصول الربعية الأخيرة، الأمر الذي خفض الطلب على العملة الهندية ودعم انخفاض قيمة الروبية.
أما عن تأثيرات هذه العوامل في الصعيدين الاقتصادي والمالي في الهند، فيرى التقرير أن الهند من الاقتصادات الأكثر اعتماداً على الطلب المحلي من بين دول آسيا الأخرى، وهو ما يعني نظرياً بأنها أقل تأثراً بالأزمة الأوروبية مقارنة بالاقتصادات الآسيوية.
ولكن اعتماد الهند على استيراد الطاقة بما يعادل 80 % مما تستهلكه يؤثر فيها. فمع انخفاض الروبية وزيادة العجز في الحساب الجاري، أصبح الدعم الحكومي للوقود يشكل وزناً أكبر على مصروفات الحكومة ويسهم كذلك في تدهور العجز المالي. ويخلق ذلك عدم توازن عام، يليه تراجع في مستوى الحساب المالي ويدفعه انخفاض ثقة المستثمرين وخروج الأموال من الهند، وقد يزيد خروج الأموال من الهند مع ضعف الوضع الاقتصادي والمخاطر التي يعرضها.
