عمقت المصارف الإسبانية جراح الأسواق العالمية وأثارت مزيداً من الشكوك في الأوساط المالية. وطلب مصرف بانكيا الاسباني مساعدة قياسية من الدولة بقيمة 23,5 مليار يورو والتي تثير، اذا اضيفت الى ما يمكن ان تطلبه المناطق الرازحة تحت اعباء ديون ضخمة، المخاوف ازاء قدرة اسبانيا على الافلات من ازمة الديون.

وقد بلغ سعر الفائدة على السندات الإسبانية العشرية 6.3% ليزيد الفارق بينه وبين سعر الفائدة على السندات الألمانية بمقدار 17 نقطة أساس ليصل إلى 494 نقطة أساس وهو أعلى فارق منذ انضمام إسبانيا إلى منطقة اليورو.

مصرف بانكيا

واعلن مصرف بانكيا حاجته الى 19 مليار يورو اضافية مع اضافة المساعدة العامة التي اعلن عنها في التاسع من مايو على شكل قرض يتم تحويله الى مشاركة، في عملية انقاذ تاريخية في القطاع المصرفي الاسباني. واعلن البنك ايضا خسارة 2,979 مليار يورو في 2011 مقابل ربح 309 ملايين يورو اعلن عنها سابقا.

وتعهدت الدولة بتقديم الاموال الضرورية لبانكيا الذي يمثل 10 % من النظام المالي الاسباني والذي يخشى تعرضه للافلاس تحت طائلة نقل العدوى الى القطاع برمته. لكن اذا كانت عملية الانقاذ هي الاكبر، فإنها ليست الوحيدة في قطاع مصرفي راكم في نهاية 2011 ما مجموعه 184 مليار يورو من الاصول العقارية التي تحوم حولها اشكاليات، اي 60 % من محفظته. وفي الاجمالي، تلقت ثماني مؤسسات مصرفية مبالغ عامة بقيمة 32,869 مليار يورو، ودفع الصندوق الخاص لضمان الودائع 6,2 مليارات يورو، بحسب صحيفة اكسبانسيون.

تنقية المالية

وبعد تنقية ماليته، سيكون مصرف بانكيا "متينا وفعالا وذا مردودية"، كما اكد رئيسه خوسي ايغناثيو غويريغلثري في مؤتمر صحافي، موضحا ان هذه الارقام الاستثنائية ناجمة عن الازمة الاقتصادية التي تضرب اسبانيا خصوصا منذ اندلاع ازمة الرهون العقارية في العام 2008.

واضاف "انا غير قلق حيال اختبارات المناعة التي ستحصل"، موضحا ان خطة استراتيجية ستعرض في يونيو. وابدى ايضا ثقته في تسديد المساعدة عبر صندوق المساعدة الحكومي للقطاع الذي سيوافق على الدفع خلال شهر يوليو.

وتساءل محللون: هل كان الرئيس السابق رودريغو راتو الذي دفع الى الاستقالة مع فريقه، عجز عن الوفاء بالتزاماته؟ ماذا نجيب صغار المساهمين الذين يطالبون بإسقاط رؤوس بعد ان شهدوا سعر سهم بانكيا في البورصة يخسر اكثر من نصف قيمته منذ البدء بتداول اسهم المجموعة في البورصة في يوليو 2011؟

وقال خوسي ايغناثيو غويريغلثري ردا على سؤال حول احتمال فتح تحقيق داخلي، "لم آت الى هنا لانظف"، مشيرا الى ان سلفه رودريغو راتو المعروف جيدا لانه شغل منصب وزير الاقتصاد وكان مديرا عاما لصندوق النقد الدولي، اضطر الى مواجهة وضع "معقد جدا".

مخاطر كبيرة

وعرض مصرف بانكيا نفسه كثيرا للمخاطر في القطاع العقاري، احد اركان الاقتصاد الاسباني. ولديه محفظة عقارية بقيمة 37,5 مليار يورو، تحوم اشكاليات حول القسم الاكبر منها (31,8 مليار يورو) (تسليفات مشكوك في تحصيلها ومساكن مصادرة... ).

واذا كانت قدرة صندوق المساعدة الحكومي للقطاع المصرفي زادت 15 مليار يورو في فبراير، فيتيعن على الدولة ان تشاركه للتمكن من تعويم المصارف التي تواجه صعوبات مالية. وهو ما يثقل ايضا كاهل حسابات الدولة التي ستهب لانقاذ مناطق اخرى تواجه مديونية كبيرة.

فمنطقة كاتالونيا الذي بلغ عجزها العام 3,29 في المئة من اجمالي ناتجها الداخلي في 2011 والتي تواجه تكاليف باهظة جدا لاعادة التمويل، حضت الجمعة مدريد على السماح للمناطق الواقعة تحت عبء الديون باللجوء الى سندات اقليمية تصدرها معا.

واعلنت الحكومة في وقت سابق انها اكتتبت بقرض قيمته 30 مليار يورو قد يصل الى 35 مليارا اذا دعت الحاجة لمساعدة المناطق في تسديد فواتيرها غير المسددة البالغة قيمتها 19,4 مليار يورو.

وفي المقابل، فرضت الحكومة خطة تقشف تاريخية على المناطق. ويبقى الهدف جعل العجز العام في البلاد 5,3 في المئة هذه السنة مقابل 8,9 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي. وهو هدف يصعب تحقيقه بحسب عدد كبير من الخبراء.