تضيق الفجوة في سوق النفط بين الثمن الباهظ والثمن البخس على نحو خطير إلى نحو 20 دولاراً للبرميل. ونطاق الأمان الضيق يغذي نوعا جديدا من التقلبات. ويبدو مشترو النفط مستعدين لقبول أسعار فوق 100 دولار للبرميل لخام برنت.
لكن عندما ارتفع السعر إلى 128 دولارا في مارس وسط توترات محتدمة مع إيران بدأت الدول الغربية تتحدث عن السحب من مخزونات الطوارئ. وعندما نسقت وكالة الطاقة الدولية إطلاق كميات من الاحتياطيات في يونيو الماضي وسط تعطيلات في ليبيا كان سعر برنت 115 دولارا. يقترب هذا كثيرا من سعر 100 دولار للبرميل الذي أعلنت السعودية الدولة ذات الثقل في أوبك أنه مثالي.
تصورات الميزانيات
وبحسب بي.اف.سي إنرجي يمكن لمعظم منتجي أوبك عدا أنجولا وفنزويلا والإكوادور والعراق ضبط ميزان المعاملات الجارية لديهم في 2012 بسعر يبلغ 80 دولارا لبرميل النفط. ولا يبدو هذا مخيفا. لكن يبدو أن حكومات مصدرين كثيرين ولاسيما في الخليج قد وضعت ميزانياتها على أساس أسعار للنفط في خانة المئات.
وإذا استقر سعر النفط دون 100 دولار للبرميل فإن الجزائر والعراق والبحرين وإيران ستعاني عجزا ماليا بحسب صندوق النقد الدولي. وتحتاج روسيا غير العضو في أوبك سعرا قدره 117 دولارا، ويقول بنك الإمارات دبي الوطني الذي تسيطر عليه الحكومة: إن الإمارات العربية المتحدة بحاجة إلى 107 دولارات. وإجمالا فإن أعضاء نادي المئة دولار فأكثر يسهمون بنحو ثلث إنتاج الخام العالمي.
الأمان المالي
ويساعد نطاق الآمان المالي الضيق في تفسير لماذا يزيد السعر المثالي للسعودية نحو 20 دولارا عن الرقم الذي يراه صندوق النقد ضروريا لكي تضبط المملكة ميزانيتها هذا العام. وما أسهل أن تجد الحكومات من الأسباب ما يدعوها لزيادة الإنفاق.
وتعهدت السعودية بإنفاق 130 مليار دولار في أعقاب الربيع العربي وقد تعاود ذلك إذا ظهرت مشاكل. وبالتأكيد تجد الحكومات أن عرض رواتب ودعم سخيين أسهل من سحبهما ويكفي أن تسأل عن ذلك في منطقة اليورو.
وبالنسبة لمعظم منتجي الشرق الأوسط فإن تكاليف تحقيق التعادل بين الإيرادات والإنفاق قد زادت 20 % منذ 2010. وما لم يعمد المنتجون إلى كبح الإنفاق فإن مخاوف العالم ستظل تتقلب سريعا بين عدم الاستقرار الاقتصادي عندما يرتفع السعر أكثر من اللازم وعدم الاستقرار السياسي عندما ينخفض عن ذلك ولو بقدر ضئيل.
الإنفاق والاستهلاك
بحسب تقرير توقعات الشرق الأوسط لصندوق النقد الدولي زاد إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي الست نحو الخمس عند حسابه بالدولار في 2011.
وأضاف التقرير أن الدول المصدرة للنفط بالمنطقة غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي زادت الإنفاق الحكومي بمقدار الثلث عند حسابه بالدولار في 2011 ما أسفر عن ارتفاع متوسط العجز المالي واحدا في المئة من الناتج المحلي الإجمالي رغم ارتفاع متوسط أسعار الخام عن 100 دولار للبرميل في 2011.
وفي مارس كانت بريطانيا والولايات المتحدة بصدد الاتفاق على السحب من مخزونات الطوارئ. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر أكدت دول أوروبية أنها تجري محادثات أيضا مع واشنطن بشأن تحرك بعد أن بلغ برنت ذروته منذ مطلع العام عندما سجل 128 دولارا للبرميل.
وفي 23 يونيو أعلنت وكالة الطاقة الدولية إطلاق 60 مليون برميل من مخزونات الطوارئ على مدى 30 يوما في خطوة مؤقتة لسد نقص المعروض الناجم عن تعطل الإنتاج الليبي.
تراجعت أسعار النفط نحو عشرة في المئة في الأيام التالية لكنها تعافت سريعا. وقبل الإجراء كان سعر برنت 115 دولارا للبرميل.
