أمضت الأسواق المالية بما فيها السلع معظم الأسبوع في التعافي من الضعف المفاجئ الذي شهدته في تقرير فرص العمل الأمريكي الذي صدر مؤخراً، حيث تراجعت الأسهم الأمريكية إلى أدنى مستوى لها خلال الشهر في حين استمر التباين المفاجئ بين مختلف الدول في أوروبا. أما الذهب فقد شهد نشاطاً بعد تعليق الدعم مجدداً وظهور تنبؤات بأنه يمكن أن يصل إلى 2000 دولار للأونصة قبل نهاية 2012، في حين استغرقت أسعار النفط معظم الأسبوع في اختبار قوة الدعم.
وقال التقرير الأسبوعي لبنك «ساكسو»: إن تباين الأداء القائم إلى الآن بين مؤشر داكس في ألمانيا ومؤشر آيبكس في إسبانيا يدعو للدهشة وقد ثبت الآن عند حاجز 27%. وتُسلط الآن الأضواء بشكل خاص على إسبانيا في ضوء أزمة الديون الأوروبية التي استمرت لوقت طويل حيث وصل العائد على سنداتها الحكومية ذات العشر سنوات إلى 6%، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 4% على ما حققته نظيرتها في ألمانيا.
وأضاف التقرير: في هذه الأثناء حافظ الدولار على مكانته في ظل الدعم الذي يشهده اليورو والدولار، وهما العملتان الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية، في طليعة مستوى الدعم الأهم عند 1.3 دولار لليورو. وأدى الإقبال على شراء اليورو وبيع الدولار الذي شهدته الأسواق حال تأكيد مستوى الدعم إلى مساعدة السلع في استرجاع بعض الضجة التي أحدثتها في وقت متأخر من هذا الأسبوع.
وتابع: مع ذلك، فإن النظرة قصيرة الأجل على النمو العالمي، وخاصة في الصين التي شهد النمو فيها خلال الربع الأول أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، تُشير إلى بعض التراخي وقد تساهم في الحد من الإمكانيات القصوى للسلع خلال هذا الربع. وساهمت الأخبار الواردة من الصين في تحريك بعض عمليات بيع المعادن الصناعية، وخاصة النحاس الذي قاربت أسعاره في بعض الأحيان مستويات الدعم الخطيرة قبل أن يقفز مع تراجع الدولار.
الذهب يتطلع مجدداً
وطبقاً للتقرير فقد وجد المضاربون بسوق الذهب أنفسهم في المكان الخطأ في العديد من المناسبات خلال الشهرين الماضيين حيث إن المحرك الرئيسي للذهب كان تواصل الحديث عن مزيد من التحرير الكمي في الولايات المتحدة. إن ضعف النمو في فرص العمل في الولايات المتحدة الذي ظهر مؤخراً حوَّل مجدداً التركيز نحو إمكانية تقديم مزيد من السيولة، مع حصول مزيد من الدعم من جي أف أم أس، وهي إحدى الشركات الاستشارية الكبرى على مستوى العالم في مجال المعادن الثمينة. تنبأت الشركة في مسح الذهب الذي أجرته عام 2012 أن الذهب قد يتخطى حاجز 2000 دولار بنهاية السنة أو في وقت مبكر من عام 2012 قبل أن يصل إلى ذروته خلال 2013.
الأسباب الكامنة
وأكد التقرير أن الأسباب الكامنة وراء استمرار ارتفاع الأسعار بعد الانخفاض الذي شهدته معروفة للجميع وتتمثل في المخاوف المتعلقة بأزمة ديون منطقة اليورو وسلبية العوائد الفعلية وتوقع مزيد من تحرير النقد في الولايات المتحدة. إن وصول الأسعار إلى ذروتها عام 2013 والارتفاع الذي سيلي ذلك سيحدث حالما ترى التوقعات بشأن ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة النور في أرض الواقع. ترى شركة جي أف أم أس أيضاً وبشكل مثير للاهتمام استمرار ازدياد العرض من التعدين والمخلفات بشكل أسرع من الطلب على المجوهرات والمواد الأخرى، الأمر الذي يفسح المجال أمام الوسط الاستثماري لاستلام زمام القيادة لدفع الطلب إلى الأمام. كما تتوقع أيضاً أن يأتي وقت لا يشهد تواجد ما يكفي من المستثمرين، الأمر الذي قد يُعطي إشارة على تحوُّل السوق. تصل السوق إلى الحد الأدنى في المدى القريب عند 1530 ولكن ذلك لن يحدث إلى أن يتحقق سيناريو انعدام المخاطر حيث يمكن أن يشهد الذهب مزيداً من الانخفاض لفترة من الزمن.
وقال التقرير: وجد المضاربون الفنيون المتمتعون بزخم عالٍ بعض الراحة من ثبات المتوسط الذي شهد حركة كبيرة على مدار 55 أسبوعاً عند 1647 فاسحاً المجال أمام دعم خط الاتجاه عند 1625 عام 2008 دون منافسة. ومن غير المتوقع أن يحدث خلال الأيام المقبلة أي توقف للمقاومة عند 1,697.
التباطؤ الاقتصادي
بعد الارتفاع الشديد الذي تلا انخفاض الأسعار في يناير شهدت المعادن الصناعية نوعاً من "الفتور" بشأن الإشارات التي ظهرت عن تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين. بعد التداول الجانبي منذ مرحلة مبكرة من فبراير بدأت الأشياء تنحو منحى سلبياً بشكل متصاعد خلال الأسبوعين الأخيرين، التي بلغت أوجها في تقرير العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة والذي جاء دون التوقعات الجمعة الماضية، الأمر الذي ساهم أيضاً في خفض التطلع نحو النشاط الاقتصادي وما يستتبع ذلك من طلب.
وتعتبر الصين المتهم الرئيسي في هذا. فقد أثارت عمليات بناء مخزونات محلية كبيرة التي جرت مؤخراً لسلع متعلقة بالإنشاءات مثل النحاس والحديد قلقاً بشأن درجة التباطؤ. بالنظر إلى تمثيل الصين في السنوات الأخيرة لأكثر من 40% من الاستهلاك العالمي وأكثر من 50% من نمو الاستهلاك العالمي للمعادن الصناعية الرئيسية، فإن دلائل المستقبل بالنسبة لهذا البلد تشير إلى أنه سيبقى في المدى القريب مفتاح التطورات التي تطرأ على الأسعار.
تراجع أسعار النحاس
وانخفضت أسعار النحاس، المعدن الأكثر تداولاً، من الناحية الفنية في لندن ونيويورك مع تطلعه الآن إلى الحصول على الدعم. ومع المخاوف القائمة من صعوبة استقرار الأوضاع في الصين وتراجع البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة خلال الربع التالي فقد تشهد الأسعار صراعاً محتدماً في مسعى منها لتهدئة هذه المخاوف. من الناحية الفنية، يتطلع المضاربون إلى دعم عند 8,000 دولار أمريكي للطن المتري على «ال ام إي» في لندن و3.6 دولارات أمريكية للباوند على «كومكس» في نيويورك.
أسواق النفط
كررت المملكة العربية السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم ، تأكيدها على عدم رضاها عن الأسعار الحالية فوق 120 دولاراً للبرميل. وجاء على لسان وزير النفط السعودي النعيمي قوله إنه ليس هناك أي نقص في العرض مع امتلاء المخزونات في المملكة وفي كل أرجاء العالم. وأضاف إن السعودية مصممة على خفض الأسعار، مشدداً أن بإمكانها إنتاج مزيد من النفط إن طُلب منها ذلك، على الرغم من أنها تنتج حالياً 10 ملايين برميل يومياً، ما يُمثل أعلى مستوى خلال العقود الثلاثة الماضية.
كما بذلت وكالة الطاقة الدولية كل ما بوسعها للحد من الارتفاع الذي تشهده أسواق النفط عندما أعلنت أن سوق النفط قد كسر حلقة استمرت على مدار سنتين من ظروف العرض القاسية. ترى الوكالة أن نمو الطلب قد تراجع عندما لجأت العربية السعودية إلى زيادة إنتاجها. لذلك، فإن السؤال المطروح هو: أين يذهب كل هذا النفط إذا لم يكن موجهاً للاستهلاك؟
تعتقد الوكالة أن الكثير من فائض النفط يتم تخزينه في الأرض والبحر من قبل العديد من الاقتصادات الناشئة، التي تمتلك غطاء آجلاً متدنياً ولذلك لديها زيادة في الاحتياطيات الاستراتيجية للحماية من حالات الارتباك المحتملة في العرض.
