عاد التوتر ليطوق الأسواق الأوروبية مجدداً على إثر تفاقم الأوضاع في أسبانيا وارتفاع كلفة إقراض ايطاليا. وقال رئيس وزراء ايطاليا ماريو مونتي إن مشاكل اسبانيا المالية هي السبب الرئيسي لتجدد التوترات بأسواق الدين في اوروبا. وفي حين دعت ألمانيا أسواق المال العالمية التي تتعامل مع إسبانيا برفق طالب رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي زعماء وصناع السياسة في الدول الأخرى الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتوخي مزيد من الحذر عند الحديث عن اسبانيا.
وتابع راخوي: نأمل ان يضطلعوا بمسؤولياتهم وان يتوخوا مزيدا من الحذر في تصريحاتهم. وأضاف: نحن لا نتحدث عن دول أخرى ونتمنى الأفضل لدول الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو الأخرى. ما يفيد اسبانيا يعود بالنفع على منطقة اليورو. واعترف راخوي بان اسبانيا تحتاج بشكل عاجل لخفض العجز العام من أجل الوفاء بالمستويات المستهدفة داخل الاتحاد الأوروبي ومن اجل دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل. لذلك فبدلا من اقتراض 90 مليار يورو كما فعلنا في عام 2011 سنطلب هذا العام 60 مليار يورو.
المعاملات المالية
وقال راخوي إن بلاده بصدد فرض حظر على اجراء اي معاملات مالية نقدية تتجاوز قيمتها 2500 يورو أي 3275 دولارا في محاولة للتصدي للتهرب الضريبي. ويتعلق الحظر بالعمليات المالية التي تضم رجل أعمال واحدا على الأقل. وسيتعرض المخالفون للقاعدة لغرامة تصل إلى 25% من قيمة المبلغ. يأتي هذا الإجراء في إطار خطة لمكافحة الاحتيال، يتوقع أن توافق عليها الحكومة الاسبانية غدا الجمعة.
كما أعلنت الحكومة عن عفو مال مثير للجدل يسمح لدافعي الضرائب من الشركات والأفراد بتجنب الجزاءات بدفع ضريبة تتراوح بين 8 إلى 10% على الدخل أو الأصول التي لم يعلنوا عنها سلفا.
واتهم زعيم تيار المعارضة من أقصى اليسار كايو لارا الحكومة بالتشجيع على التهرب الضريبي. وتتوقع الحكومة تحقيق إيرادات تبلغ 2.5 مليار يورو لخزينة الدولة من وراء هذه الخطوة.
سباق محموم
وتسابق حكومة راخوى الزمن من أجل خفض عجز الموازنة من 8.5% العام الماضي إلى 5.3% هذا العام، في الوقت الذي تتصاعد فيه الضغوط من قبل أسواق المال والشركاء الأوروبيين للبلاد. وأعلنت الحكومة عن موازنة تشمل خفضا للإنفاق وزيادة الضرائب بقيمة 27 مليار يورو، فضلا عن خفض مخصصات قطاعي التعليم والصحة بقيمة 10 مليارات يورو. وأثارت الصعوبات المالية لإسبانيا جدلا بشأن جدوى نموذجها الاتحادي.
وقالت رئيسة وزراء إقليم مدريد إسبيرانزا أجويري إنه يتعين على المناطق السبعة عشرة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي نقل سلطتها في الصحة والتعليم إلى الدولة المركزية. وأضافت أجويري أن إلغاء الولايات الصغيرة السبعة عشرة" سيوفر على الدولة عشرات المليارات من اليورو. وشددت على الحاجة إلى إلغاء التداخل في الإدارة. كما أن حكومات الأقاليم الإسبانية مسؤولة إلى حد كبير عن العجز الحالي في الموازنة. وأعلنت الحكومة عن قيود صارمة للموازنة تهدف إلى السيطرة على نفقاتها.
سياسات التقشف
وأثنت ألمانيا على سياسات التقشف الصارمة التي تتبناها الحكومة المحافظة في مدريد، في سعيها لمواجهة أزمة الديون السيادية. وقال متحدث باسم وزارة المالية الألمانية للصحافيين في برلين: نحن نأسف لان الأسواق لم تعط التقدير المناسب لهذه الإصلاحات ورحب بالجولة الأخيرة من خفض الإنفاق. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية: ستأخذ هذه الاصلاحات بعض الوقت ليظهر تأثيرها..لا يجب أن ينسى أحد أن إسبانيا، خاصة بحسب البيانات الأساسية، أفضل كثيرا عن الكثير من الدول الصناعية التي هي غير عضو في منطقة اليورو.
تكاليف الاقتراض
وارتفعت تكاليف الاقتراض لايطاليا بأكثر من الضعف عقب مزادين لسندات حكومية وسط تجدد المخاوف بشأن توقعات النمو لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وقالت وزارة المالية الإيطالية إنها باعت كل السندات لأجل 12 شهرا التي تم طرحها للبيع بقيمة بلغت 8 مليارات يورو أي 10.5 مليارات دولار.
غير أن سعر فائدة الذي طالب به المستثمرون ارتفع إلى 2.84% مقابل 1.40% الشهر الماضي. كما باعت الحكومة سندات لأجل ثلاثة أشهر بقيمة 3 مليارات يورو مع ارتفاع تكاليف الاقتراض من 0.49% إلى 1.25%.
وقال مصدر لدى بنك إيطاليا إنه ورغم الطلب المستمر المتوقع، تأثرت نتيجة العملية بتجدد القلق بشأن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو ما أدى لزيادة العوائد. وكان العائد على السندات الإيطالية تراجعت خلال الأشهر الأولى من العام مدعومة بخطط رئيس الوزراء ماريو مونتي لخفض الدين الإيطالي الضخم البالغ 1.9 تريليون يورو.
واستفادت إيطاليا من التمويل الطارئ للبنوك من قبل البنك المركزي الأوروبي الذي شجعها على شراء السندات الإيطالية والإسبانية.
لكن تأثير عمليات الضخ الضخمة من البنك المركزي الأوروبي "تلاشى" وفقا للوكا ميزومو كبير اقتصاديي أبحاث السوق لدى مصرف "يوني كريدي" الإيطالي. غير أنه قال إنها "كانت إيجابية" إذ حققت وزارة المالية الإيطالية هدفها ببيع كل السندات المعروضة للبيع.
