تسبب إضراب عمالي في اسبانيا أمس في إبطاء الحركة المرورية بشدة وتعطيل مصانع، وسط احتجاج العمال على إصلاحات اقتصادية كاسحة يجريها رئيس الوزراء ماريانو راخوي. وطوقت الشرطة البرلمان ومباني عامة أخرى وألقت القبض على 58 شخصا الكثير منهم كانوا يحاولون منع العاملين من الوصول إلى أماكن عملهم. ودارت عدة مشاجرات وتوقفت الرحلات الجوية وتجمع أعضاء بالنقابات العمالية ملوحين بالأعلام الحمراء.

ويتقبل الاسبان بشكل عام جهود راخوي لإصلاح سوق العمل وبلوغ الأهداف الصارمة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على عجز الموازنة حتى لا تواجه البلاد أزمة مشابهة لأزمة الديون اليونانية. وسارت وتيرة العمل بصورة طبيعية في كثير من المناطق.

لكن الإضراب -وهو الأول منذ سبتمبر 2010- يبرز بدء نفاد الصبر إزاء أداء الحكومة التي تولت مهامها منذ ثلاثة أشهر. وقالت مارتا لويس العضو في اتحاد (يو.جي.تي) والتي تبلغ من العمر 40 عاما "هذا أكبر تقليص للحقوق (بالنسبة للعمال) تعيه ذاكرة أي شخص. لابد أن تكون هناك طريقة أفضل للخروج من هذه الأزمة".

وقالت النقابات: إن نسبة المشاركة في الإضراب العام 85 في المئة بينما ذكرت الحكومة المنتمية إلى يمين الوسط أن يوم العمل يمضي بشكل طبيعي. وكان وجود الشرطة كثيفا على وجه الخصوص حول البرلمان .

حيث من المقرر أن يناقش أعضاؤه إجراءات لمساعدة الحكومات المحلية والإقليمية على دفع المبالغ المدينة بها. وتتجه اسبانيا الآن نحو ثاني فترة ركود منذ نهاية عام 2009 ويتوقع بعض المراقبين أن ينضم مليون شخص آخر على الأقل إلى طابور العاطلين. ويبلغ معدل البطالة في اسبانيا 23 في المئة وهو الاعلى في الاتحاد الأوروبي، كما أن نصف من هم دون 25 عاما ليس لديهم عمل. وربما يمثل الخوف من فقد الوظيفة رادعاً رئيسياً للكثير من العاملين لدرجة تحول دون المشاركة في الإضراب.

وقالت الما كاليت، التي تعمل في مكتب وتبلغ من العمر 35 عاما: "أنا أنتظر الحافلة منذ نصف الساعة. الإضراب لن يساهم بشيء في حل الأزمة". وتراجع رئيس الوزراء الأسبق خوسيه ماريا اثنار عن خطط إصلاح قطاع العمل عام 2002 بعد إضراب عام تسبب في شل جزء كبير من البلاد.

ومن جهة أخرى، أظهر مسح رئيسي صدرت نتائجه أمس أن المعنويات بشأن اقتصاد منطقة اليورو أصبحت أكثر تشاؤما في مارس، وسط مخاوف بشأن ارتفاع أسعار الطاقة والتوقعات بأن المنطقة تواجه ركوداً هذا العام.

قالت المفوضية الأوروبية: إن مؤشرها للثقة الاقتصادية لمنطقة اليورو التي تضم 17 دولة انخفض إلى 4ر94 نقطة في آذار مارس مقارنة مع 5ر94 نقطة في قراءة معدلة لشهر فبراير.

جاء هبوط المؤشر بسبب تراجع ثقة القطاع الصناعي بالمنطقة، غير أن ثقة المستهلكين وقطاعات الخدمات والتجزئة سجلت ارتفاعا محدودا. قال كليمنت دو لوسيا، وهو خبير اقتصادي لدى مصرف "بي إن بي باريبا": إن "الدراسة تشير إلى أن التعافي سيكون هزيلاً جداً" إذ تبذل منطقة اليورو جهوداً مستميتة من أجل الخروج من أزمة ديونها المستمرة منذ فترة طويلة. تتوقع المفوضية الأوروبية أن ينكمش اقتصاد المنطقة بنسبة 3ر0% هذا العام. غير أن مؤشر المفوضية للثقة الاقتصادية ارتفع بمقدار 5ر0 نقطة في الربع الأول من العام الجاري عند مقارنته بالأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي عندما شهد اقتصاد المنطقة انكماشاً.

قال دو لوسيا: إن "البيانات تؤكد عموماً أن وتيرة الانكماش تخف حدتها في منطقة اليورو". كما أوضح المؤشر من جديد أن التفاوت الاقتصادي بدأ يستجمع قوته في أنحاء منطقة اليورو إذ تطبق الدول المثقلة بالديون جولة صارمة من إجراءات التقشف لخفض المستويات العالية من الديون والعجز. ورغم أن المؤشر أظهر تراجع الثقة في ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في مارس، ارتفع المؤشر بالنسبة لفرنسا وإيطاليا ثاني وثالث أكبر اقتصادين بالمنطقة على التوالي.