سجّلت الصين خلال الشهرين الأولين من العام 2012 زيادة في عائداتها المالية بلغت نسبتها 13.1% ، لتصل إلى 330.27 مليار دولار.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديد «شينخوا» عن وزارة المالية أمس أن العائدات المالية ازدادت في يناير وفبراير الماضيين إلى 2.09 تريليون يوان (330.27 مليار دولار)، أي بنسبة 13.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2011.
وزادت العائدات المالية المركزية خلال الفترة المذكورة 11.3% على أساس سنوي ووصلت إلى 1.06 تريليون يوان (167.5 مليار دولار)، في حين جمعت الحكومات المحلية 1.03 تريليون يوان (162.8 مليار دولار) أي بزيادة نسبتها 15%.
وبالمجمل زادت عائدات الضرائب 9.5% إلى 1.85 تريليون يوان (292.4 مليار دولار)، أما العائدات غير الضريبية فزادت 51.1% إلى 241.69 مليار يوان (38.2 مليار دولار).
أما مؤشر أسعار المنتج، الذي يقيس التضخم على مستوى البيع بالجملة فقد زاد فقط 0.4% على أساس سنوي.
إلى ذلك، تراجعت عائدات ضريبة الدخل 3.9% إلى 140.98 مليار ين.
زيادة الإقراض
إلى ذلك قال البنك المركزي الصيني أمس إن الصين لديها هامش لخفض نسبة الاحتياطي لبنوكها التجارية لزيادة الإقراض وتعزيز النمو الاقتصادي، لكن ليس هناك خطط فورية للقيام بذلك.
وقال محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) تشو شياو تشوان للصحافيين لدينا مجال كبير لتعديل نسبة الاحتياطي.
وأضاف تشو أن الحكومة ستكون في حاجة في البداية إلى مراجعة «فوائد ومساوئ» أي تعديل على نسبة الاحتياطي الإلزامية التي تستقر عند حوالي 20%.
وجاءت التكهنات بشأن خفض محتمل في نسبة الاحتياطي عقب تقرير مطلع الأسبوع يفيد بحدوث عجز تجاري للصين بقيمة 31.5 مليار دولار في فبراير ما أثار مخاوف من أن نموها الاقتصادي قد يتباطأ بشكل أسرع من المتوقع.
لكن يي جانج نائب محافظ البنك المركزي قال أمس إن أكبر عجز تجاري شهري خلال عقد يمكن أن ينظر إليه باعتباره "علامة إيجابية".
وكانت الحكومة عدلت نسبة الاحتياطي الإلزامية للبنوك عدة مرات خلال الأشهر القليلة الماضية وأغلبها بهدف تقييد الإقراض لقطاعي البنية الأساسية والعقارات اللذين ينموان بأكثر من اللازم.
ولكن خفض البنك المركزي في يناير نسبة الاحتياطي للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
قاطرة النمو
وينظر إلى الصين، باعتبارها ثانى اكبر اقتصاد فى العالم، على انها قاطرة للنمو الاقتصادى العالمى. ويأمل العالم، الذى يواجه محنا اقتصادية واسعة النطاق، فى ان تواصل الصين الاضطلاع بدور رئيسى فى تعزيز الاقتصاد العالمى.
وأشار اجتماع عقد مؤخرا لوزراء مالية ومحافظى البنوك المركزية لمجموعة العشرين إلى ان الاقتصاد العالمى ابدى علامات على انتعاش معتدل، ولكنه يواجه مخاطر تراجع ملحوظة نظرا للتقلبات المستمرة فى الاسواق المالية العالمية، وارتفاع اسعار النفط وتزايد معدل البطالة فى العديد من الدول.
وأفاد تقرير اقتصادى نشرته المفوضية الأوروبية فى منتصف فبراير بأن الناتج الاقتصادى لمنطقة اليورو التى تضم 17 دولة عضو من المتوقع ان ينكمش بنسبة 0.3% فى عام 2012 .
وعلى الجانب الآخر من الاطلنطى، اظهرت الاحصاءات ان هناك الكثير من العوامل التى مازالت تلقى بظلالها على الاقتصاد الأمريكى ومن بينها الديون المتصاعدة، وضعف سوق العقارات، وتباطؤ الاستثمارات.
وعلى النقيض، ابدت اقتصادات صاعدة مثل الصين اداء اقتصاديا مبهرا فى السنوات الأخيرة، لتصبح "من المساهمين المهمين فى تحقيق الاستقرار" على الصعيد المالى العالمى ومن القائمين بادوار اكثر أهمية فى تعزيز التعديلات التى تطرأ على المشهد الاقتصادى العالمى.
وعلى خلفية ضعف الطلب الخارجى واصلاح الهيكل الاقتصادى الجارى حاليا، سجلت الصين معدل نمو اقتصادى نسبته 9.2% فى عام 2011.
وذكرت الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ان الاقتصاد الصينى من المتوقع ان ينمو بنسبة 8.9% فى عام 2012 ما لم يحدث تدهور ملحوظ فى الوضع السياسى والاقتصادى العالمى أو كوارث طبيعية شديدة أو عراقيل كبرى أخرى.
تزايد الثقل الصيني
ومع نمو الاقتصاد الصينى، تزايدت أيضا اسهاماته للاقتصاد العالمى بخطى مطردة.
ووفقا لحسابات البنك الدولى، زاد اسهام الصين فى نمو اجمالى الناتج المحلى العالمى من 4.6% فى عام 2003 إلى 14.5% فى عام 2009.
واظهرت احصاءات بنك (جولدمان ساكس) الاستثمارى الرائد ان مساهمة الصين التراكمية فى الاقتصاد العالمى فاقت ال20% بين عامى 2000 و2009، ما يزيد على مساهمة الولايات المتحدة.
وبالنسبة لجيرانها الاسيويين، اصبحت الصين وجهة تصديرية مهمة على نحو متزايد بعد تراجع الطلب على منتجاتها من قبل الدول الغربية بعد اندلاع الازمة المالية العالمية.
وقد امنت شهية الصين للسلع دفعة اقتصادية قوية لدول مثل استراليا والبرازيل واندونيسيا وبعض الدول فى الشرق الاوسط. وفى الوقت نفسه، ساعدت الواردات الصينية من المعدات الميكانيكية الفائقة ايضا على دعم النمو فى المانيا واليابان وكوريا الجنوبية.
واردات الصين المستقبلية
ووفقا للتقديرات الاولية لوزارة التجارة الصينية، فإن اجمالى واردات الصين فى الاعوام الخمسة المقبلة ستصل الى 8 تريليونات دولار امريكى. ولا شك ان هذا الرقم يعد "خبرا سارا" للاقتصاد العالمى المتباطئ .
وقال الباحث الكورى الجنوبى مون ميونغ -غو ان التنمية الاقتصادية الصينية جلبت نتائج ايجابية لجيرانها ومنطقة اسيا والمحيط الهادئ وامتدت اثارها ايضا الى العالم بأسره. واضاف ان " تنمية اقتصادية مستقرة فى الصين ذات اهمية حاسمة لإستقرار الاقتصاد العالمى".
ومنذ بداية العام الجارى، توالت التوقعات من جانب العديد من المؤسسات مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لمعدل النمو الصينى فى عام 2012.
واتفقت هذه المؤسسات على ان الصين ستنمو بمستوى أعلى من 8% فى عام 2012 مع نمو مضطرد فى السنوات المقبلة.
بوادر التباطؤ
واظهر الاقتصاد الصينى بوادر التباطؤ فى عام 2011 نتيجة لانحسار الطلب الخارجى وتطبيق السياسات المتعلقة بتغيير نمط النمو الاقتصادى .
بيد ان سيرجى ساناكوييف، مدير مركز التعاون التجارى الروسى-الصينى، قال ان اساسيات الاقتصاد الصينى فى حالة صحية جيدة، وان الحكومة الصينية لديها من الوسائل الوفيرة لتعديل الاقتصاد الكلى ، مضيفا انه لا يوجد تهديد خطير يمكن ان يؤدى الى ركود الصين فى السنوات القليلة المقبلة.
ووسط نقاشات محمومة حول ما اذا كان الاقتصاد الصينى سيواجه هبوطا ناعما او هبوطا حادا ، قال ماوريس غرينبرغ ، الرئيس السابق للمجموعة الدولية الامريكية، انه يعتقد ان الصين ستواجه هبوطا ناعما على الأرجح نظرا لكونها اكثر نشاطا فى عملية صنع القرار عن العديد من الدول الاخرى.
وقال اذا كانت هناك قضية تتطلب قرارا عاجلا ، فإن الصين تفعل ذلك دائما .
كما اعترف ارفيند سوبرامانيان، الباحث البارز فى معهد بيترسون للعلوم الاقتصادية الدولية فى واشنطن، بان التنمية المستقرة للاقتصاد الصينى تحمل اهمية خاصة للاقتصاد العالمى .
وقال إن الصين يجب ان تعطى "صوتا اكبر" فى المنظمات العالمية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى نظرا لان السياسات الصينية اصبحت الآن ذات اهمية تنظيمة اكبر على المستوى العالمى .
واوضح الخبير ان الصين يتعين عليها ان تعمق اصلاحاتها الاقتصادية حتى تستطيع التغلب على العوائق الهيكلية وتحقق النمو المستدام .
تقديرات عالمية
وأكدت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة نويلين هايزر ان الاقتصاد الصيني سيحافظ على نمو مرتفع، ويواصل تعزيز التنمية فى المنطقة، بالرغم من تخفيض مستهدف نمو اجمالي الناتج المحلي.
وقالت هايزر، وهى ايضا رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لاسيا- والباسيفيك (إيسكاب)، وهى وكالة تابعة للأمم المتحدة لتعزيز التنمية في منطقة اسيا - الباسيفيك، ان الصين ستواصل كونها مركز نمو في اسيا.
واضافت ان "النمو السريع للصين حمى المنطقة من صدمات بعض اسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم".
وقال رئيس مجلس الدولة الصينى ون جيا باو الأسبوع الماضي خلال الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في بكين، ان الصين تستهدف نموا اقتصاديا بنسبة 7.5% هذا العام. وهذه هى المرة الأولى التي تخفض فيها الصين مستهدفها للنمو الاقتصادي الى اقل من 8% منذ ثماني سنوات.
لكن هايزر اعربت عن ثقتها بالنمو الصيني. قائلة ان " البلاد يمكنها ان تجد محركات جديدة للنمو. وهناك فرص ضخمة للاستثمار في مجالات مثل الاسرة ، والبنية التحتية ، والنمو الاخضر".
وقالت ان التباطؤ الصيني يعود في معظمه الى انخفاض الطلب على صادراتها بسبب التعافي الضعيف لاقتصاد الولايات المتحدة، والكساد العميق فى منطقة اليورو. وتحتاج الصين الى موازنة اقتصادها، الذي يعتمد بشدة على التصدير.
تعزيز الاستهلاك
وحثت هايزر الصين على ان تركز على تعزيز الاستهلاك المحلي والاقليمي. وقالت "انه من الأمور الحيوية بالنسبة للصين ان تستثمر في مجال الاسرة لتعزيز الاستهلاك المحلي"، واصفة الاجراءات التى اتخذت لتضييق فجوة الدخل في الخطة الخمسية ال12 للصين بأنها استراتيجية جيدة. واضافت انه ينبغي على الصين ان تنتبه للمخاطر الاقتصادية الأخرى، مثل التضخم فى تكاليف الغذاء، وارتفاع اسعار السلع.
وقالت هايزر انه بالنسبة لإيسكاب ، فانها تعمل على تحسين الترابط في المنطقة لبناء سوق اسيوي موحد. وتابعت ، اننا "لا نحتاج فقط الى المعدات الأساسية لبناء الطرق السريعة، والموانئ، والسكك الحديدية، وانما أيضا الى برامج للترابط: تبادلات الاشخاص، والسلع، والأفكار بين دولنا".
وأضافت ان بإمكان الجهود الساعية للتكامل الاقليمي، فتح آفاق جديدة للإستثمار ، وتحقيق الثروة والنمو الاقتصادي. وأضافت " أنه من خلال ربط الأراضي الحبيسة والدول الاقل نموا بالتنمية الساحلية الأسيوية. سنحقق رخاء مشتركا، ونستغل المزيد من الإمكانات الاقتصادية لمنطقة اسيا - الباسيفيك.
