دعت دولة الإمارات إلى تعزيز منظومة المناطق الحرة في العالم، لتعزيز وتسهيل حرية التجارة وتطوير مفاهيم مثلى لتطوير الاقتصاد العالمي، كون التجارة الحرة تعد أحد أركان الاقتصاد العالمي. جاء ذلك خلال مشاركة وفد دولة الإمارات في فعاليات وأعمال المؤتمر والمعرض الدولي السنوي للمنظمة العالمية للمناطق الحرة AICE، الذي اختتمت أعماله أخيراً في مدينة قرطاجنة - كولومبيا.
وافتتح المؤتمر الدكتور محمد الزرعوني، رئيس المنظمة العالمية للمناطق الحرة، جنباً إلى جنب مع خوان مانويل سانتوس كالديرون، رئيس جمهورية كولومبيا، وبحضور محمد عيسى الزعابي، سفير الدولة لدى كولومبيا، وبروس ماك ماستر، رئيس جمعية الأعمال الوطنية في كولومبيا (أندي).
وترأست وفد الإمارات عائشة الكبيسي، مدير إدارة المنظمات الدولية، بوزارة الاقتصاد، بمشاركة شريف حبيب العوضي المدير العام لهيئة المنطقة الحرة بالفجيرة وعدد من موظفي الوزارة، حيث شهد مشاركة العديد من وفود حكومات ودول، ومسؤولين اقتصاديين بارزين عن المناطق الحرة في العديد من بلدان العالم.
واختتمت المنظمة العالمية للمناطق الحرة ومقرها دبي أمس، أعمال المؤتمر والمعرض السنوي في نسخته الثالثة، الذي انعقد أخيراً في الفترة من 3 إلى 5 مايو الجاري، بمدينة كارتاجينا في جمهورية كولومبيا، الذي جمع أقطاباً عالمية لتبادل الخبرات وإثراء النقاش حول تطوير المناطق الحرة في مختلف أنحاء العالم، ورسم الملامح المستقبلية للقطاع على المستوى العالمي.
كما توجه الدكتور الزرعوني بدوره بالشكر إلى الرئيس الكولومبي على حضوره، مُثنياً في الوقت نفسه على جهود سفير الدولة في كولومبيا وتقديمه لكافة التسهيلات التي كان لها دور كبير في إنجاح أعمال المؤتمر السنوي الثالث للمنظمة، الذي يُعقد للمرة الأولى خارج دولة الإمارات.
حمل المؤتمر السنوي شعار «الجيل القادم من المناطق الحرة»، بهدف تحديد الآفاق المستقبلية لقطاع المناطق الحرة في مختلف دول العالم، بمشاركة أعضاء المنظمة العالمية للمناطق الحرة، وشخصيات من أبرز الخبراء الاقتصاديين العالميين، فضلاً عن صناع السياسة، وكبار المسؤولين الحكوميين والمؤسسات الأكاديمية، وسط حضور زهاء 1000 مُشارك، الأمر الذي سجل رقماً قياسياً للحدث الدولي.
وتبرز أهمية المؤتمر السنوي الثالث للمنظمة العالمية في كونه يمثل منصة حيوية لجذب المناطق الحرة العالمية والمنظمات متعددة الأطراف والهيئات التجارية تحت سقف واحد للبحث في سبل التعاون والتطوير وتبادل الأفكار من أجل بناء رؤية محددة لمستقبل المناطق الحرة في العالم.
تغيرات
وقال الدكتور الزرعوني خلال كلمته على هامش الحفل الافتتاحي لفعاليات المؤتمر: على المناطق الحرة أن تواكب التغيرات المتسارعة حول العالم في الوقت الراهن للمحافظة على كفاءة وفاعلية إنتاجيتها، منوهاً بأن أهمية الحدث الدولي تكمن في توفيره رؤى قيمة حول كيفية التخطيط المستقبلي للمناطق الحرة، وشحذ الهمم للعمل على تطويرها وتشغيلها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، وذلك من خلال التعرف إلى مختلف الاحتياجات الجديدة، والتغلب على التحديات المستقبلية.
وأضاف: ملتزمون تماماً كمنظمة عالمية داعمة لعمل مختلف المناطق الحرة، عبر تشجيع وتيسير الحوار بشأن الخطوات التي يتعين اتخاذها للمضي قُدماً في سبيل الحفاظ على ديناميكية وتطوير وتنمية قطاع المناطق الحرة في العالم.
وهنأ الدكتور الزرعوني خلال ترؤسه اجتماع الجمعية العمومية في اليوم الأخير للحدث، الأعضاء على نجاح المؤتمر، مُلخصاً أبرز معالمه، ومُستعرضاً أنشطة المنظمة وإنجازاتها خلال العام الماضي، حيث صوّت الأعضاء بالإجماع على رفع مدة رئاسة المنظمة العالمية للمناطق الحرة إلى 4 سنوات عوضاً عن سنتين، الأمر الذي يُخوّل الرئيس تنفيذ مشروعات الاستدامة والتطوير بالطريقة الأمثل.
فضلاً عن إتاحة المجال لتطبيق المعايير الدولية المُطبّقة في المنظمات العالمية الكبرى. كما دُعي الأعضاء للتصويت على التعديلات المقترحة على النظام الأساسي للمنظمة، حيث صوتوا بأغلبية ساحقة لمنح مقعد دائم لدولة الإمارات في مجلس إدارة المنظمة.
كما صوّت الأعضاء بالإجماع على كل من تقرير المدير التنفيذي للمنظمة العالمية للمناطق الحرة، وعلى التقرير المالي والتدقيق 2016، إلى جانب إقرار ميزانية 2017، فضلاً عن إعادة انتخاب الجمعية العمومية 5 من أعضاء المنظمة، علاوة على انتخاب أعضاء جدد لمجلس الإدارة.
أهمية
وأكد أن الحدث الدولي يُمثّل منصة فاعلة للخبراء الاقتصاديين للاطلاع على أحدث الأبحاث والدراسات التحليلية بشأن الأهمية المتزايدة للمناطق الحرة وتأثيرها الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، إلى جانب تحديد أهم معايير النجاح والنمو والتنمية في القطاع، لافتاً إلى أن الدورة القادمة 2018 من المعرض والمؤتمر سوف تنعقد في مدينة دبي.
كما توجه الدكتور الزرعوني باسم المنظمة العالمية للمناطق الحرة، بالشكر لجمعية الأعمال الوطنية الكولومبية (أندي) على دعمها القيّم في تنظيم المؤتمر السنوي في دورته الحالية، مُثنياً على المتحدثين والمندوبين والحضور لدعمهم للحدث.
يُذكر أنّ تنظيم الحدث تمّ بالتنسيق مع العضو المضيف، وهي الرابطة الوطنية للصناعيين في كولومبيا، حيث أكد إدغار مارتيني، مدير غرفة مستخدمي المنطقة الحرة لدى الرابطة أن يسمح الحدث الدولي للمستثمرين وأصحاب الأعمال الاطلاع على المشروعات والتطورات التي تجري اليوم في مختلف المناطق الحرة حول العالم، إضافة إلى أهمية تلك التطورات وتأثيرها في المجال الاقتصادي، مضيفاً أن بلاده كانت نموذجاً ناجحاً في مجال التنمية، بتحقيقها أكثر من 40 مليار دولار بيزو حصيلة استثماراتها خلال العقد الأخير.
وأوضح رئيس المنظمة العالمية للمناطق الحرة، أن الأخيرة تُمثّل -بشكل منفرد دولياً- مصالح المناطق الحرة في أنحاء العالم كافة، إذ إنها تتيح لأعضائها الاستفادة من مجموعة من الخدمات الإضافية أبرزها الدعم التشغيلي، والمشورة، والاطلاع على إحصاءات الصناعة والدراسات التحليلية وآراء الخبراء، إلى جانب الدورات التدريبية وفرص التواصل مع المناطق الحرة الأخرى.
برشلونة
وقال الدكتور محمد الزرعوني: تلقينا خلال اجتماع الجمعية العمومية عروضاً من 5 أعضاء مصوتين، في ما يخص المؤتمر السنوي الخامس خارج الدولة، إذ يُشرّفنا، وبعد البحث الدقيق أن نعلن «برشلونة» مدينة مُضيفة للمؤتمر في 2019، حيث تم تسليم علم المنظمة إلى بلانكا سورييغا، مدير عام المنطقة الحرة في برشلونة.
تخلل المؤتمر والمعرض في دورته الثالثة، 6 جلسات نقاش و8 ورش عمل تم خلالها بحث السُبُل المتاحة للحد من المخاطر التي قد تتعرض لها أعمال المناطق الحرة، إضافة إلى استكشاف الفرص المستقبلية لتوسيع قطاع التجارة والاستثمار، إذ إن من أبرز الموضوعات الرئيسة التي تم طرحها خلال الجلسات الاستراتيجيات والمنهجيات التي تساعد على جعل المناطق الحرة الوجهة الأفضل لمزاولة الأعمال وبيئة حاضنة للابتكار وبناء قدرات الريادة وتعزيز الدور الاقتصادي للمناطق الحرة، فضلاً عن مناقشة أهمية الاستدامة في ضوء وجهات نظر الخبراء والرواد فيما يتعلق بطرق تطوير الجيل القادم من المناطق الحرة.
فرص الأعمال
وتناولت ورش العمل خلال المؤتمر السنوي الثالث للمنظمة العالمية للمناطق الحرة، عدداً من الموضوعات الرئيسة، أهمها فرص الأعمال في المناطق الحرة داخل دولة الإمارات، فضلاً عن مثيلاتها لدى مناطق التجارة الخارجية في الولايات المتحدة، إلى جانب المناطق الحرة في أوروبا، علاوة على استراتيجيات تعزيز التكامل بين الاستدامة والأداء الاقتصادي والاجتماعي للمناطق الحرة، بالإضافة إلى مسائل الأمن وأنظمة المناطق الحرة وإجراءات السلامة العاملة على توفير نظام إصدار شهادات آمنة في القطاع.
كان من أبرز المتحدثين في المؤتمر والمعرض السنوي الثالث للمنظمة العالمية للمناطق الحرة، خوان بابلو ريفييرا، رئيس رابطة المناطق الحرة في الأميركيتين، وإريك أوتور، رئيس الرابطة الوطنية لمنطقة التجارة الحرة بالولايات المتحدة، ومارتن إيبارا، الرئيس الفخري لرابطة المناطق الحرة في الأميركيتين، ولارس كارلسون، العضو المنتدب لشركة (كي جي إتش) العالمية للاستشارات، وآنا. ب. هينوجوسا، مدير المنظمة العالمية للجمارك، وفيليب فانغنيغيم، مدير مكتب منظمة العمل الدولي في بلدان الأنديز.
كما أن من ضمن أبرز النشاطات التي عرضتها المنظمة العالمية للمناطق الحرة خلال الحدث على المشاركين، إنشاء شراكات استراتيجية محورية، وبرامج قيادات المناطق الحرة التعليمي، بما سوف يدفع بعملية بناء المعرفة والابتكار، وتم التطرق إلى التقرير السنوي للمناطق الحرة الذي سوف يوفر لمحة عامة للشركاء عن البيئة الاقتصادية العالمية مع التركيز على الاتجاهات وأهمية الأنشطة التي تقوم بها المناطق الحرة في مختلف أرجاء العالم.
دور محوري للدولة في تعزيز حرية التجارة
أكدت عائشة الكبيسي أن دولة الإمارات تعد من الدول المحورية في العالم في تعزيز مفاهيم حرية التجارة العالمية والانفتاح ودعم طروحات الشراكة العالمية، وإزالة الحواجز وبما يتضح بالنظر للدور اللافت والمحوري الذي تقوم به المناطق الحرة بالدولة، ما ساهم في تحويلها لشريان للتجارة العالمية، مع تقديم العديد من التسهيلات اللوجستية الداعمة لحرية التجارة العالمية، فضلاً على تعزيز رؤى الشراكة والتعاون سواء عبر تكتلات أو اتفاقيات دولية ثنائية لتعزيز حرية التجارة.
جاء ذلك خلال ورشة تم تنظيمها من قبل وزارة الاقتصاد خلال فاعليات اليوم الأول للمؤتمر والمعرض الدولي السنوي للمنظمة العالمية للمناطق الحرة AICE، في كولومبيا تحت عنوان فرص الأعمال والاستثمار في المناطق الحرة في دولة الإمارات، وبحضور العديد من المسؤولين الدوليين والشخصيات البارزة في قطاع المناطق الحرة من مختلف دول العالم.
وأشادت الكبيسي خلال كلمتها، بالدور المحوري الذي تقوم به المنظمة العالمية للمناطق الحرة في تعزيز وتطوير مفاهيم المناطق الحرة في مختلف دول العالم، مؤكدة أن مشاركة دولة الإمارات في ذلك المنتدى العالمي، يتواءم مع رؤيتها وجهودها المستمرة لتعزيز حرية التجارة العالمية، والتوسع في شبكة المناطق الحرة العالمية، مع مساعي الدولة من خلال مشاركتها في ذلك المؤتمر الرفيع المستوى، لاكتساب وتبني أفضل الممارسات العالمية والتعرف على التجارب الرائدة في العالم.
وعبرت مديرة إدارة المنظمات الدولية بوزارة الاقتصاد، عن توقعات دولة الإمارات أن تساهم أجندة وفاعليات المؤتمر في الاتفاق من قبل الدول والأطراف المشاركة على الخطوات الرئيسية التي ينبغي أعتمادها، بغية تعزيز ازدهار وتقدم المناطق الحرة في العالم، فضلاً على تحديد منهجية التعامل مع التحديات الكبرى والاستفادة من الفرص الرئيسية.
سياسات
وتطرقت عائشة الكبيسي، في كلمتها للدور المحوري والريادي لدولة الإمارات، في تعزيز طروحات ومفاهيم المناطق الحرة والمناطق اللوجستية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم إنشاء أول منطقة حرة في المنطقة، وهي منطقة جبل علي، بإمارة دبي، وشكل ذلك ترجمة واقعية لخطى ورؤية قيادة الدولة الرشيدة، حفظها الله تعالى، في تحقيق سياسات فاعلة وناجزة للتنوع الاقتصادي.
حيث شهد العام 2015، تخطى قيمة التبادل التجاري عبر المناطق الحرة بالدولة حاجز 497 مليار درهم، محققة نمواً ناهز نسبته 35.2% خلال أربعة أعوام.
وذكرت أن ضمانة استمرارية الدور الفاعل للمناطق الحرة في دولة الإمارات في الإسهام في دعم نمو الاقتصاد الوطني، تتمثل في اعتمادها على شبكة واسعة من التسهيلات اللوجسيتية والتشريعية، وتوطين أفضل ممارسات التكنولوجيا وأفضل الممارسات، بما يبلور جهود استباقية للدولة في تطوير منظومة الاقتصاد على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ابتكار
وأضافت مديرة إدارة المنظمات الدولية، بوزارة الاقتصاد، أن دولة الإمارات في إطار رؤيتها وجهودها الحثيثة للتحول لأكثر دول العالم ابتكاراً في الأعوام الأربعة الماضية، لا سيما عبر تعزيز منظومة شراكتها العالمية في قطاعات محورية ذات أولوية، وهي الطاقة المتجددة والمياه والتكنولوجيا، والنقل والتعليم، والصحة والفضاء، سينعكس ولا شك على تعزيز فلسفة ونهج تحويل شبكة المناطق الحرة بالدولة، إلى مراكز أبتكار، تناغما ًمع السياسة العامة لتعزيز طروحات الابتكار.
قوانين
وأفادت بأن دولة الإمارات، ماضية في تعزيز ومراكمة مؤشرات أداء ومخرجات مناطقها الحرة، فضلاً على قنوات شراكتها التجارية مع العالم الخارجي عبر العديد من آليات التطوير المتواصلة، كتشجيع االشراكات بين القطاعين العام والخاص، بغية ضخ المزيد من فرص التمويل والخبرة في مختلف مشاريع البنية التحتية، فيما يتم صياغة في المرحلة الراهنة الخطوط العريضة لقانون جديد للاستثمار الأجنبي يسمح بملكية أجنبية كاملة أو جزئية في قطاعات معينة، وخاصة تلك التي تساهم في استراتيجية التنويع.
واستطردت الكبيسي، خلال الورشة التي شارك فيها ممثلو العديد من الدول، بأنه قياساً للدور المحوري والفاعل للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم بما يربو فوق أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الإماراتي، فإن هناك جهود حثيثة لتضمينها لتكون لاعب فاعل ضمن مظلة المناطق الحرة بالدولة.

