رغم أن 36 % من سكان الإمارات يفضلون حماية رأس المال وعدم المخاطرة حسب تقارير عالمية، إلا أن الـ64 % المتبقية تهمنا أيضاً، ولذلك قرر البيان الاقتصادي أن ينشئ هذه الصفحة لمحاولة مساعدة قرائنا في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. حيث نستعرض ما حدث للأدوات الاستثمارية الـ6 الأشهر عالمياً ومحلياً أيضاً، كما نذكرهم بأهم الأخبار المتعلقة بها، مع تحليل مبسط للتوقعات المستقبلية سواءً على المدى القصير أو الطويل أحياناًـ وفي الأخير نقدم نصيحة البيان الاقتصادي فيما يخص الأداة الاستثمارية، مع العلم أنه أحياناً لن نستطيع تقديم هذه النصيحة لضبابية المشهد وحرصاً منا على مصلحة القراء.
ذهب لا تبع ولا تشتر
تشير الدراسات العالمية إلى أن أسعار الذهب تسير نحو تسجيل أسوء أداء أسبوعي منذ عشرات السنين، حيث إنه سجل سعر إغلاق في تعاملات يوم الاثنين المنصرم مثلاً أكبر انخفاض له منذ 30 عاماً وبالتحديد منذ الثامن والعشرين من فبراير 1983، وذلك بنسبة أكثر من 9 %، فقد تكبد الذهب في السنتين الماضيتين أكبر خسائر في تاريخه ليستقر سعره عند 1360.6 دولارا للأونصة الواحدة يوم الاثنين و1360.9 يوم الثلاثاء.
وتعود أسباب هذا الانخفاض المفاجئ والسريع حسب التقارير العالمية إلى العديد من المؤثرات المباشرة، يتمثل أهمها في الاحصائيات التي نشرت يوم الاثنين لدى الصين ثاني أكبر مستهلك عالمي للذهب- والتي أشارت إلى تباطؤ في نمو اقتصاد عملاق آسيا وثاني أكبر اقتصاديات العالم، الأمر الذي ساعد على زيادة الانخفاض العام للطلب بسبب سوء البيانات الإحصائية لمبيعات التجزئة التي نشرت في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
بالإضافة إلى سعي قبرص لبيع احتياطات مصرفها المركزي من الذهب والبالغة 14 طنا من الذهب للحصول على سيولة لازمة لخطتها الإنقاذية وسد الفجوة التمويلية التي وصلت إلى 23 مليار يورو حسب آخر التقارير، حيث يجب عليها توفير ما يقارب 13 مليار من مصادر محلية ستأتي غالبيتها من فرض ضرائب جديدة وتطبيق سياسات تقشف أكثر صرامة، وذلك بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي مساعدة الدولة التي انضمت إليه العام 2004،ـ بـ10 مليارات يورو فقط (9 من قبل صندوق الإنقاذ الأوروبي ومليار من طرف صندوق النقد).
فضة.. من شابه الذهب فما ظلم
لم يختلف أسبوع المعدن الأبيض كثيراً عن نظيره الأصفر، فقد عرف أسبوعاً من الانخفاضات، بدءاً من بداية الأسبوع حيث كان سعر الأونصة عند 101.99 درهم ليبلغ عند إغلاق يوم الثلاثاء 86.42 درهما للأونصة الواحدة، وليستقر بإغلاق يوم الأربعاء عند 86.75 درهما.
وترجع أسباب هذا التراجع في أسعار المعدن إلى نفس الأسباب تقريباً التي أدت إلى انخفاض أسعار الذهب، حيث لعبت الأخبار السلبية القادمة من القارة العجوز دوراً كبيراً في ذلك، خصوصاً الأخبار غير المؤكدة بإعلان قبرص إفلاسها قريباً في ظل عدم استلامها لأي دفعات من حزمة الإنقاذ التي وعد بها الاتحاد الأوروبي.
كما ساهم تباطؤ نمو اقتصاد الصين والأحداث الدرامية التي شهدتها بوسطن بالولايات المتحدة.
وتفصيلاً فقد تداول سعر الفضة في نطاق جانبي و ضيق خلال النصف الثاني من الأسبوع محافظاً على ثباته دون المتوسط المتحرك، دون أية توقعات بتعافي السعر خلال الأيام اللاحقة. بينما فيما يخص النصف الأول فقد عرف تراجعاً حاداً وصل إلى يقارب 15 % انخفاض.
وبشكل عام فإن التوقعات الآنية تشير إلى استمرار الاتجاه الهابط، والذي يدعمه التداول دون المتوسط المتحرك، إلى جانب سلبية المؤشرات العالمية التي تقيس سعر الفضة ومن بينها مؤشر ستوكاستيك.
وعليه، فإن الضغط السلبي لا يزال مستمراً، ومزيد من الانخفاض متوقع على المدى اللحظي، ولذلك تنطبق نفس النصيحة التي أعطيناها فيما يخص الذهب على نظيره الفضي وهي حافظ على مخزونك على الأقل بالمستوى القريب.
عقار.. استقرار
هو أحد أكثر الأدوات الاستثمارية تفضيلاً من طرف سكان الإمارات، وحتى المستثمرين الأجانب يفضلون هذه الأداة، وقد أظهرت أحدث تقارير توجهات المستثمرين من شركة فريندز بروفيدنت إنترناشيونال، أن الاستثمار في العقار قد أصبح الآن فئة الأصول المفضلة للمستثمرين من الإمارات - حتى إنها تفوقت على الذهب والأسهم التي ظلت لسنوات طويلة الاختيار الأفضل لهم.
ومن خلال استعراض أحداث الأسبوع الماضي، فسنجد أن الأسبوع كان هادئاً ومستقراً دون أية تخبطات سعرية، كما أن المشاركين في معرض سيتي سكيب أبوظبي، قد أكدوا على أن العائد من الاستثمار العقاري سيتراوح ما بين 12 إلى 15 %، وهي نسبة جيدة جداً، الامر الذي سيؤدي لا محالة إلى رفع مستوى ثقة المستثمرين. أيضاً ساهمت المشاريع الكبيرة التي أعلنت عنها حكومتي دبي وأبوظبي في إعطاء دفعة قوية للسوق.
أما على الصعيد العالمي، فقدسجلت أسعار العقارات السكنية نمواً بواقع 8,1 على أساس سنوي بحسب مؤشر "كيس شيلر المجمع" الذي يضم 20 مدينة.
وقد تفرض هذه الزيادة في أسعار المساكن صعوبة أكبر أمام بعض الأفراد الراغبين في شراء المنازل، غير أنها تحد من كميات الأسهم السلبية في سوق الإسكان الأمريكي بالنسبة لعملاء الرهون التي تفوق في حجمها قيمة منازلهم، مما يجعل كفة ميزان الادخار أو الإنفاق تميل نحو الأخيرة.
الأكيد أن الاستثمار في العقار هو أحد أضمن أدوات الاستثمار، والسبب هو أنه مهما حدث من تقلبات يبقى المؤشر السعري للعقار في ارتفاع على المدى الطويل، ولذلك ستكون نصيحة البيان، الاستثمار في العقار خطوة جيدة، وإذا كان لمدى متوسط وبعيد سيكون أجود.
أسهم.. أسبوع جيد
كعادته، يظل سوق الأسهم أكثر الأدوات الاستثمارية تغيراً وتقلباً بشكل يومي، ولكن المشهد العام لأسواق الدولة خلال الأسبوع الماضي، كانت على استقرار مع بعض الارتفاعات في اسهم معينة خصوصاً القيادية، بالمقابل شهد بعض التقلبات في أسعار بعض الأسهم الأخرى.
وبتحليل أداء المؤشر العام لسوق دبي المالي، فسنجد أنه عانى من بعض الانخفاضات في النصف الأول من الأسبوع، منخفضاً من 1975.8 نقطة إلى 1967.9 نقطة بنهاية إغلاق يوم الثلاثاء، لكنه عاود الصعود يوم الأربعاء وبقوة إلى 1970.2 نقطة، أي بارتفاع أكثر من نقطتين.
اما فيما يخص سوق أبوظبي للأوراق المالية، فقد شهد أول يومين من الأسبوع فقط ارتفاعاً في المؤشر، حين بلغ حاجز 3134.1 نقطة يوم الاثنين، ليبدأ مسلسل التراجع تدريجياً، حتى وصل عند إغلاق الأربعاء 3090.5 نقطة.
لكن المؤشر الرئيسي للسوق، ليس المقياس الأفضل الذي تبني عليه قراراتك بالاستثمار من عدمه، فللاستثمار في سهم معين، يجب عليك إما الرجوع لأصحاب الخبرة، أو دراسة أداء سهم الشركة وأداء الشركة التشغيلي ومتابعته أولاً بأول لتفادي أي خسارات محتملة.
من جهة ثانية، لا تزال أسواق الأسهم القوية لقطاعي المصارف والعقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد تداولاً قرب أو دون قيمتها الدفترية.
وبحسب وكالة "بلومبيرج"، فإن 48 % فقط من أسهم هذين القطاعين في "سوق دبي المالي" تشهد تداولاً فوق المعدل الوسطي المتغير المسجل خلال 200 يوم، وذلك قياساً مع نسبة 74 % المسجلة في الرياض، و60 % في الدوحة.
وكمحصلة لكل ما قيل، فنستطيع القول أن أداء أسواق المال بالدولة خلال الأسبوع المنصرم، قد شهد استمرارية في تحسنه مقارنة بباقي الأسواق المجاورة وحتى العالمية.
نفط.. حالة ترقب
رغم أن الاتجاه العام لأدوات الاستثمار التقليدية كان التراجع الحاد المفاجئ، إلا أن سعر العقود الآجلة للنفط الخام شكل استثناءً ليس في خطه التنازلي بل في حدة الانخفاض، فقد تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام خلال أيام هذا الأسبوع بشكل أخف من نظرائه، وذلك بنسب تتراوح ما بين 0.4 % إلى 1 % بشكل يومي رغم أن هذه التراجعات أدت بشكل مباشر إلى تدني الأسعار طيلة أيام الأسبوع لتصل إلى أدنى سعر لها منذ سنوات.
والسبب في ذلك يرجع إلى وقوع أسعار النفط تحت الضغط وسط المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية وأثرها على الطلب على النفط في المستقبل. ب
الإضافة إلى ترقب المستثمرين لتقرير الامدادات الأسبوعية باهتمام كبير حول مخزونات الولايات المتحدة من الخام والمنتجات المكررة من ادارة معلومات الطاقة الامريكية في وقت لاحق من نفس اليوم.
أيضاً يترقب التجار بيانات الحكومة الأميركية على النفط والوقود لقياس مدى قوة الطلب من أكبر مستهلك للنفط في العالم. حيث إنها مسؤولة عن ما يقرب من 22٪ من الطلب العالمي على النفط.
وكان من المتوقع أن يظهر التقرير أن مخزونات النفط الخام الاميركية زادت بمقدار 1.3 مليون برميل الاسبوع الماضي في حين كانت توقعات مخزونات البنزين في الانخفاض بنسبة 0.8 مليون برميل. إذن فتراجع الأسعار بهذه الوتيرة يعتبر شيئاً عادياً، وعليه فالاستثمار موصى به شريطة الحذر.
فوركس.. وقت الاستثمار
يعد الفوركس أداة الاستثمار الوحيدة التي لا نستطيع القول إنها في انخفاض أو في ارتفاع، فالتحليل هنا يختلف، فمثلاً إذا ارتفع اليورو انخفض الدولار.
وعن أحداث الأسبوع، فقد اتجهت العملات الرئيسية عدا اليورو نحو الارتفاع معوضة بذلك خسائر الماضي وذلك بقيادة مكاسب قوية بعد انتعاش الأسهم الأميركية. وارتأت البيان تحليل العملتين الأكثر شهرة عالمية، حيث يستحوذ الاستثمار فيها ما يقارب 80 % من مجمل الاستثمار العام.
الــدولار : فاجأت البيانات الاقتصادية الأميركية الجميع دافعة الى الشعور العام الجيد مما أثار مجدداً الرغبة في المخاطرة، رغم التشاؤمات التي أطلقها صندوق النقد بشأن تباطؤ النمو العالمي. أما اليورو: فقد اتجه نحو التراجع أمام عدد كبير من العملات الرئيسية كما تراجع أمام الدرهم الإماراتي ليتم التداول عند مستويات متدنية.
وقد شكل احتمال خروج قبرص من الاتحاد الأوروبي ضغطاً على اليورو وقد يستمر خلال الأيام المقبلة، وعليه فإن نصيحة البيان هي أن الوقت الحالي هو الأنسب للاستثمار، حيث إن التخبطات الاقتصادية في العالم تكون دائماً الفرصة الأفضل شريطة عمل دراسات دقيقة واستشارة مختص قبل الدخول إلى هذا السوق.
