أكد معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن دولة الإمارات باتت تمثل محوراً استراتيجياً للاستثمارات الأجنبية، وكبرى الشركات العالمية، وذلك بفضل المقومات الاقتصادية الضخمة التي تمتلكها، والسياسات الاقتصادية الحكيمة التي تعتمد على الانفتاح والتنوع والمرونة.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها وزارة الاقتصاد، أمس في دبي، عن الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره في استدامة التنمية، وتدعيم الاقتصاد الوطني، وذلك انطلاقاً من استراتيجيتها الرامية إلى بناء اقتصاد مستدام مبني على المعرفة والابتكار، وبالتوافق مع رؤية الإمارات 2021.
وحضر الندوة معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، وسعادة محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد، وسعادة محمد حسن القمزي الرئيس التنفيذي للمؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة، وعدد من كبار مسؤولي الوزارة، وكبار المسؤولين الحكوميين، وممثلون عن القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وركزت محاور الندوة على عدد من المواضيع الاقتصادية الرئيسة، كدور الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودور الاستثمار الأجنبي المباشر في تطوير قطاع الصناعة، والبيئة الصناعية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، وأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تعزيز التنمية الاقتصادية، ودور هذه الاستثمارات في دعم التنافسية العالمية، وأثر الاستثمار الأجنبي المباشر في تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها.
ولفت معالي المنصوري في كلمته الافتتاحية إلى ما تتمتع به دولة الإمارات من بيئة استثمارية محفزة للمستثمرين، بدءاً من التملك الكامل في المناطق الحرة، والبنية التحتية المتطورة، وتوافر الموارد البشرية ذات كفاءة ومؤهلات عالية، وحماية حقوق الملكية الفكرية وقوانين مكافحة القرصنة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي للدولة، الذي يعد بوابة دخول إلى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، ما يتيح أمام الشركات العالمية الكبرى فرصاً مثالية للاستثمار.
وأكد المنصوري حرص وزارة الاقتصاد على تطوير المنظومة التشريعية الاقتصادية في الدولة، حيث تواصل العمل على إنجاز مجموعة من مشاريع القوانين لتعزيز أداء الأعمال في الدولة، أبرزها قانون الاستثمار الأجنبي، والشركات والصناعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية، وجميعها في مراحلها النهائية.
حماية أكبر للمستثمر
وأضاف معاليه أن القانون الجديد الخاص بالاستثمار، يضمن حماية أكبر للمستثمر الأجنبي، ويتضمن حوافز لتشجيع الاستثمار الأجنبي، ويهدف إلى تعزيز وتنمية المناخ الاستثماري للدولة، وتنويع النشاط الاقتصادي فيها بما ينسجم مع رؤية الإمارات 2021.
ونوه المنصوري بالتغير المتسارع الذي يطرأ على المشهد الاقتصادي العالمي، في ظل تعدد الوجهات الاستثمارية الجاذبة، وقلة عدد المستثمرين الذين يتم استقطابهم من خلال حقائق وأرقام ملموسة، مؤكداً أن هذا الواقع الجديد يتطلب تضافر الجهود، وتوظيف عاملي الإبداع والابتكار في التخطيط للمشاريع المستقبلية.
أحدث المبادرات
وأشار معالي وزير الاقتصاد، خلال كلمته، إلى أحدث المبادرات التي أطلقتها الوزارة على صعيد دعم الاستثمار، ممثلة في مشروع الخريطة الاستثمارية التي تهدف إلى استقطاب رؤوس الأموال الخارجية، وأكد أن هذا المشروع العصري يعزز موقع دولة الإمارات على خريطة العالم للاستثمار، ويجذب الاستثمارات الخارجية إلى كل إمارة وفق احتياجاتها الاستثمارية، وأن تكون مقصداً لرجال الأعمال ورؤوس الأموال، وتعريف المستثمرين من جميع أنحاء العالم بفرص الاستثمار، والوقوف على واقع الدولة الفعلي.
تنمية القطاع الصناعي
من جهته، أكد سعادة محمد حسن القمزي الرئيس التنفيذي للمؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة بأبو ظبي، الذي قدم روقة عمل رئيسة في الندوة، حول دور الاستثمار الأجنبي في تنمية القطاع الصناعي، أهمية مساهمة سياسات الانفتاح والتنويع الاقتصادي التي انتهجتها الدولة، والتي أدت إلى تطور القطاع الصناعي وتدفق الاستثمار الأجنبي إلى هذا القطاع الحيوي، حيث ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 1 % عام 1971 إلى 14 % عام 2011.
واستعرض سعادة القمزي الاستراتيجية الصناعية لأبو ظبي 2011 - 2015، التي تهدف إلى إيجاد قطاع صناعي فعّال ومنافس، ملقياً الضوء على الدور الذي تلعبه المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة في توفير بيئة جاذبة للاسثمارات الأجنبية، عن طريق توفير المناخ الملائم للمشاريع الصناعية، ودعمها بالبنى التحتية، طبقاً لأعلى المواصفات العالمية.
وقال القمزي إنه نتيجة هذه السياسات والإجراءات، وصل إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المناطق الصناعية التابعة للمؤسسة إلى حوالي 5.3 مليارات درهم، وصل إجمالي عدد المصانع القائمة وقيد الإنشاء في إمارة أبو ظبي إلى 1223 مصنعاً حالياً، مقارنة مع 1192 مصنعاً بنهاية ديسمبر 2011.
كما ألقى القمزي الضوء على أهمية تطوير الصناعات المعرفية كعامل رئيس في جذب الاستثمار الأجنبي إلى القطاع الصناعي، لافتاً إلى أنه في ظل التطورات الاقتصادية العالمية وارتفاع مستوى التنافسية الاقتصادية، تتوجه الاستثمارات الأجنبية نحو القطاعات المعرفية التي تسهم في الانتقال التدريجي إلى اقتصاد المعرفة، موصياً بأهمية إطلاق برنامج توعية شامل لنشر الوعي وتحفيز الشباب على الصناعات الصغيرة والمتوسطة المعرفية، وخلق آلية خاصة لترخيص الصناعات المعرفية، وتبني آلية فعالة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الصناعات المعرفية، من أجل تطور ونمو هذه الصناعات.
أحدث تقارير الاستثمار
وذكر أحدث تقرير للاستثمار الأجنبي المباشر 2012، الذي أصدرته مجلة «فورين دايركت انفستمنت» Foreign Direct Investment التابعة لصحيفة فايننشيال تايمز اللندنية، أن الإمارات استقطبت أعلى عدد من المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، بلغ عددها 328 مشروعاً في 2011، محتلة بذلك المرتبة الأولى في قائمة وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر.
وبين التقرير أيضاً أن الشركات التي تتخذ من الإمارات قاعدة لها، ظلت الأكثر نشاطاً على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر خارجياً، رغم انخفاض عدد مشاريعها بنسبة 3 % في 2011، فيما تراجع رأس المال المستثمر خارجياً بنسبة 43 %.
أما بالنسبة لمصادر الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى الخارج، تصدرت الإمارات قائمة الوجهات العشرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث بلغ عدد المشاريع 169 مشروعاً، بانخفاض 3 %، تلتها في المرتبة الثانية جنوب إفريقيا بـ 74 مشروعاً، والسعودية 48 مشروعاً. وحول التوسع في أنماط مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، أوضح التقرير أن الإمارات جاءت في المرتبة 17 في قائمة وجهات التوسع المختارة لعام 2011، بنسبة 12 %.
وقدم سعادة محمد صالح شلواح الوكيل المساعد لقطاع السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد، ورقة عمل تطرق فيها إلى دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية، مشيراً فيها إلى أن الاستثمارات تمثل عملية بناء للأصول المادية الثابتة، وزيادة التكوين الرأسمالي، وبهذا يؤدي الإنفاق الاستثماري إلى زيادة القدرات الإنتاجية للدولة، ورفع معدل النمو، وتحسين الوضع الاقتصادي بصورة عامة.
التنسيق الفاعل
من جانبه، تحدث سعادة عبد الله سلطان الفن مستشار شؤون الصناعة في وزارة الاقتصاد، عن أهمية التنسيق الفاعل والبناء بين مختلف الجهات في القطاعين لحكومي والخاص، وعلى المستويين الاتحادي والمحلي، بما يؤدي إلى تضافر وتكامل الجهود الهادفة إلى تحسن المناخ الاستثماري، وتعزيز البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ورجال الأعمال ورؤوس الأموال.
وركز الفن على أهمية إيجاد بيئة صناعية جاذة ومشجعة، خاصة في ظل التوجه لعام للدولة لتعزيز دور الصناعة في الاقتصاد الوطني، وزيادة نصيب القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أن قطاع الصناعة في الدولة أصبح من الأعمدة الهامة للاقتصاد الوطني، وسيتعزز هذا الدور ويترسخ مع جذب المزيد من الاستثمار والرساميل المحلية والإقليمية والعالمية إلى هذا القطاع الهام والحيوي.
ومن ناحيتها، قالت السيدة ندى الهاشمي مديرة إدارة الاستثمار في وزارة الاقتصاد إن الإدارة، وبتوجيهات من معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، تحرص على تعزيز التعاون وتكثيف التواصل مع مختلف الجهات في القطاعين الحكومي والخاص، ورجال الأعمال والمستثمرين، في إطار الجهود المشتركة الهادفة لتعزيز المناخ الاستثماري في الدولة.
تدشين نظام البيانات الاقتصادي بداية الشهر المقبل
قال محمد الحوسني مدير عام مركز البيانات الاقتصادية إنه تم اعتماد النموذج الإلكتروني النهائي لنظام البيانات الاقتصادية، وبدءاً من تاريخ 1/10/2012 عمليات التسجيل والتفاعل الخدمي الإلكتروني بين كل من قسم الخدمات التجارية بمركز البيانات الاقتصادية وكافة القطاعات بالدولة.
حيث إن نظام البيانات الاقتصادي هو منظومة بيانية إلكترونية خدمية، أساس نطاق عملها هو التدقيق والإعداد لقاعدة بيانات كاملة تخص الشركات والمصانع بالدولة، لإتاحة الفرصة لكافة المستثمرين محلياً وعالمياً في الحصول على معلومات بيانية دقيقة، متمثلة في طبيعة وحجم النشاط الفعلي لكل منشأة بقطاع الأعمال، نظام البيانات الاقتصادي تم إنشاؤه على سياسة التجارة الإلكترونية في سياسة البحث والتقصي وتوفير الخدمات التجارية لكافة المستثمرين.
وتكون مراحل التعامل في تسجيل المنشآت زيارتهم ميدانياً، وإعداد تقارير نصف سنوية للجهات المختصة في القطاع الحكومي لتيسير سبل التعاون المحوري لخدمة قطاع الأعمال، ومركز البيانات الاقتصادية هو المسؤول عن النظام وخدماته، ولا توجد أي جهة أخرى لها مسؤولية أو مرجعية لكافة الخدمات التي يوفرها المركز، ولكن يقوم مركز البيانات الاقتصادي بتقديم تقارير من دورها الأول مساعدة كافة الجهات في اتخاذ القرار لدفع عجلة التنمية، وإتاحة الفرص للشركات بالتعرف إلى الخدمات المقدمة من القطاع الحكومي.
وأيضاً الشركات والمصانع بالدولة، لفتح قناة جديدة في جذب الاستثمار وإعطاء كافة المستثمرين خدمة اختيارية لشركاتهم ومنشآتهم، وستكون المرحلة القادمة في خطة العمل لمركز البيانات هو الإعداد لمنظومة بيانية خليجية، تربط كافة المستثمرين بدول مجلس التعاون الخليجي.
7.7 مليارات دولار تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في 2011
بلغ حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات 7.7 مليارات دولار من مجموع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول مجلس التعاون الخليجي، البالغ نحو 26 مليار دولار في عام 2011، بحسب بيانات تقرير الاستثمار العالمي لعام 2012، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، ما يشكل حافزاً للعمل بشكل أكبر على توفير كل الظروف الملائمة لمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات المقبلة، بالاستفادة مما تتمتع به الإمارات من مقومات ومميزات تنافسية على المستوى العالمي.
وعلى صعيد تطور تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة إلى الدولة، فقد قفزت من 5.5 مليارات دولار عام 2010، إلى 7.7 مليارات دولار عام 2011، بنسبة نمو بلغت 40 %، وذلك وفقاً للتقرير، متجاوزة بذلك الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية، في حين تزايدت تدفقات الاستثمارات الخارجة من نحو ملياري دولار عام 2010، إلى 2.2 مليار دولار عام 2011، بنسبة نمو بلغت 10 % بحسب المصدر ذاته.

