أكد وزير النقل السنغافوري والوزير المساعد للشؤون الخارجية لوي تاك يو، أن الإمارات تعد ثاني أكبر شريك تجاري مع سنغافورة في منطقة الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، كما تعد أيضاً أكبر مصدر للسياحة من دول مجلس التعاون الخليجي بعدد 62.79 ألف سائح إلى سنغافورة خلال العام الماضي، بما يمثل نسبة 60% من إجمالي عدد السياح القادمين من دول الخليج.

وقال الوزير السنغافوري في تصريحات خاصة لـ"البيان الاقتصادي" إنه خلال العام الماضي زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 46% مقارنة بـعام 2010، وبقيمة 59 مليار درهم (20.3 مليار دولار سنغافوري)، مشيراً إلى أن هناك أيضاً زيادة في عدد السائحين القادمين من الامارات إلى سنغافورة بنسبة 11.2% خلال العام ذاته.

وأوضح أن قيمة الصادرات من سنغافورة إلى الإمارات بلغت نحو 15.1 مليار درهم (5.2 مليارات دولار سنغافوري) خلال العام الماضي، وبزيادة طفيفة مقارنة بعام 2010، مشيراً إلى أن الصادرات الرئيسية للإمارات تتمثل في معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية والمجوهرات والمنتجات البترولية المكررة.

وذكر أن إجمالي قيمة الواردات الإماراتية إلى سنغافورة بلغت نحو 42.1 مليار درهم ( 14.5 مليار دولار سنغافوري) وتركزت في النفط الخام والمكرر الذي استحوذ على أكثر من 80% من هذا الواردات، مشدداً على أن الإمارات تعد شريكاً استراتيجياً لسنغافورة وهناك العديد من المشاريع المشتركة التي تهدف إلى دعم اقتصاد البلدين وتطوير العمل في العديد من المجالات.

أكبر مقصد للاستثمار

وأشار الوزير السنغافوري إلى أن الإمارات تعد اكبر مقصد للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لسنغافورة، حيث تتركز المشاريع السنغافورية في إمارة أبوظبي. وتعمل الشركات السنغافورية المتواجدة في الإمارات في مشاريع عديدة مثل الاستشارات والبنية التحتية لإصلاح السفن.

وكذلك البنية التحتية البحرية لدعم خدمات النقل، لافتاً إلى أن سنغافورة تشارك في تنفيذ مشاريع في الإمارات الأخرى ومنها مشروع بناء محطة تحلية مياه وتوليد كهرباء بإمارة الفجيرة بتكلفة 2.5 مليار دولار سنغافوري.

وأشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة التي تم توقيعها بين دول مجلس التعاون الخليجية وجمهورية سنغافورة خلال عام 2008، اسهمت في تعزيز أوجه التعاون بين سنغافورة ودول المجلس، لافتاً إلى أن الاتفاقية تقوم على أساس تقوية ودعم وتنمية أواصر علاقات الصداقة والروابط السياسية والعلاقات الاقتصادية والتجارية من خلال تحرير التجارة، والتوسع في تجارة السلع والخدمات في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

كما تسهم الاتفاقية في تنمية الشراكات التجارية وتعزيز وتطوير البيئة والمناخ الاستثماري لدى الجانبين وترقية مستوى تنافسية لهما، ورفع مستوى التبادل التجاري في السلع والخدمات بينهما إلى جانب زيادة الفرص التصديرية للمنتجات الخليجية من السلع والخدمات ليس فقط إلى سنغافورة ولكن إلى منطقة شرق آسيا نظراً لمركز سنغافورة كمحطة للتجارة واعادة التصدير في تلك المنطقة من العالم.

النقل الجماعي

وأوضح تاك يو أن سنغافورة أولت أهتماما كبير بتطوير منظومة النقل الجماعي لديها حيث نفذت العديد من المشاريع الحيوية في هذا المجال مثل شبكة حافلات النقل العام والقطار بالإضافة إلى تشجيع الاعتماد على الدراجات وكذلك المشي.

مشيراً إلى أن زيادة الاعتماد على النقل الجماعي من شأنه أن يسهم في الحفاظ على البيئة مع تقليل اعداد السيارات الخاصة في الشوارع بما يؤدي إلى خلق بيئة مستدامة في الدول، مشيداً في هذا الصدد بتجربة الإمارات في مجال توفير وسائل النقل الجماعي ومن أبرزها مترو دبي.

وشاركت "البيان" الأسبوع الماضي ضمن وفد من الصحفيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط، الذين تمت دعوتهم للقاء عدد من المسؤولين في سنغافورة والتعرف عن قرب على بعض معالم الدولة وملامح التطور الاقتصادي.

وكان النموذج الاماراتي والتطور الذي شهدته الإمارات حاضراً في العديد من اللقاءات التي تمت مع مسؤولين بسنغافورة، الذين أبدوا اعجابهم بالتغيرات الهائلة التي يشهدها المجتمع الاماراتي سواء على صعيد التعليم الراقي التي أضحى متوافراً للمواطنين وبتسهيلات لا تتواجد في أرقى الدول العالمية، ما انعكس بطبيعة الحال على التطور التي شهدته مختلف قطاعات العمل في الدولة.

وافاد مسؤولون في سنغافورة لـ"البيان" إن إجمالي عدد الشركات الأجنبية العاملة في سنغاورة تزيد عن 350 شركة تسحتوذ دولة الإمارات على غالبيتها، كما تتواجد حوالي 300 شركة سنغافورية تعمل في الامارات.

فيما أعربوا عن اعجابهم بمدى التطور الحاصل في مجال النقل بدولة الامارات، بدءا من وسائل النقل الجماعي كمترو دبي والباصات العامة، سيما أن سنغافورة تعتبر من أكثر الدول تطوراً في مجال تطوير منظومة النقل العام التي تعتبر الوسيلة المثالية للحفاظ على بيئة نظيفة مستدامة.

كما كان التطور الهائل الذي احرزته دولة الامارات في مجال النقل الجوي حاضراً في المناقشات مع المسؤولين في سنغافورة، خاصة بعد أن نجحت شركات الطيران الاماراتية في وضع اسمها في سنوات قليلة بين أفضل الشركات على مستوى العالم، خاصة طيران الامارات الذي اعتبر الوجه الآخر للطيران النسغافوري وكذلك طيران الاتحاد.

وأكد مسؤولون سنغافوريون أن دولة الامارات تستحوذ على أكثر من 33% من حجم التبادل التجاري لسنغافورة مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يبلغ 60 مليار دولار سنغافوري يبلغ نصيب الامارات منه 20 مليار دولار خلال العام الماضي 2011.

وتفصيلا، بدأت الزيارة بالمشاركة في منتدى المدن المستدامة التي افتتحه رئيس الوزراء السنغافوري، وتم خلاله استعراض العديد من الوسائل والمشاريع الهامة التي من شأنها أن تسهم في خلق بيئة نظيفة مستدامة، وكذلك تضمن الاستفادة من كافة الموارد المتاحة للدولة.

وتم خلال المؤتمر الاطلاع على تجربة إعادة تصنيع المياه وتحليتها، حيث اكد مسؤولون مشاركون في هذا المنتدى ان سنغافورة تؤمن أن المياه من الموارد الهامة لأي دولة ويجب الاستفادة منها على الوجه الأكمل.

وعلى سبيل المثال فهناك العديد من المشاريع التي تم القيام بها من أجل تدوير المياه واعادة استخدامها بل وجعلها صالحة للشرب عبر تقنيات متطورة تقوم على أساس ادخالها في سلسلة من المعالجات المتطورة التي تقوم بعملية فصل لمكونات هذه المياه واعادة انتاجها مرة أخرى، ومن ثم لا توجد أي قطرة مياه مهدرة في سنغافورة.

كما استعرضت الأجنحة المشاركة تجربتها في مجال الزراعة مع الاعتماد على نموذج الزراعة الافقية التي يقوم على أساس استخدام ألواح معدنية أفقية صالحة لزراعة العديد من المنتجات مثل الخضروات، تقوم على استخدام معدلات بسيطة من المياه، بالإضافة إلى بعض المعالجات.

وجسدت الزيارة التي تم القيام بها إلى المؤسسات التعليمية في دولة سنغافورة، واقعاً هاماً ألا وهو اهمية الاهتمام بالتعليم الفني في مختلف الدول الذي من شأنه أن يوفر كوادر وطنية متميزة في العديد من الوظائف التي تلامس احتياجات الدولة في العديد من المجالات.

معهد التعليم الفني

ويعد معهد التعليم الفني في سنغافورة إحدى المؤسسات التعليمية الحكومية الأساسية وأنشىء في العام 1992 ونجح في تخريج العديد من الكوادر الوطنية السنغافورية التي تمكنت من شغل مناصب عديدة بمختلف مجالات سوق العمل بسنغافورة.

وقالت سابرينا ليوا نائب الرئيس التنفيذي للمعهد إن معهد التعليم الفني يعد أحد أكبر المعاهد المهنية على مستوى العالم، فالمعهد الذي يحتفل خلال العام الحالي بمرور 20 عاما على إنشائه، يضم في جنباته ثلاث كليات هي الكلية الشمالية والجنوبية والمركزية.

وأوضحت أنه يسعى إلى استقطاب الطلبة خريجي الثانوية العامة ممن قضوا 10 سنوات في مدارس التعليم العام بهدف صقل خبراتهم وتزويدهم بالعديد من المهارات في مجالات عديدة، مشيرة إلى أن نمط الدراسة يعتمد على 70% من الدراسة العملية و30% دراسة نظرية.

وأشارت إلى أن الحكومة السنغافورية تتحمل غالبية تكاليف مدة دراسة الطلبة في المعهد التي تتراوح ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات، حيث تبلغ تكلفة الطالب الواحد حوالي 10 الاف دولار سنغافوري، يدفع منها الطالب ما بين 300 إلى 400 دولار فقط، لافتة إلى أن الجامعة تهدف إلى استقطاب الطلبة ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تكبد مصاريف استكمال مشوارهم في التعليم العالي.

وأشارت إلى أن المعهد نجح الان وبعد مرور 20 عاماً على إنشائه في تحقيق العديد من الإنجازات، حيث بلغت نسبة النجاح فيه حوالي 82%، ونسبة توظيف الخريجين في مختلف المجالات 90%، وبلغ عدد الخريجين العام الماضي 25833 طالباً وطالبة.

مارينا باي

 

تتصدر سنغافورة الوجهات السياحية المفضلة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي ، حيث تمكنت من منافسة جاراتها في دول جنوب آسيا ونالت نصيباً لا يستهان به في سوق السياحة العالمية.

وذلك بعد أن نجحت في إنشاء مدينة عصرية مميزة تعرف بـ "مارينا باي" تضم أبراجاً وفنادق وحدائق وأسواقاً ومحلات تجارية. وقال مسؤولون إن مشروع مارينا باي نجح في جلب استثمارات كبيرة تصل قيمتها إلى نحو 27 مليار دولار سنغافوري منذ اطلاق المشروع.