تقدم الجيل الثاني في العائلات الشهيرة في تجارة المجوهرات بدبي نحو المقدمة ممسكاً بزمام دفة إدارة الأعمال بعدما ارتضى الجيل الأول " الآباء المؤسسون " بأن يتوارى إلى الخلف قليلًا لإعطاء الأبناء دوراً رئيسياً في توجيه الدفة عملا بالحكمة القائلة " أجيال تسلم أجيال ".
ورغم أن القسم الغالب منهم لم يتجاوز العقد الثالث، إلا أنهم مثلهم مثل آبائهم مهمومين بالقضية الرئيسية التي تؤرق الأعمال العائلية منذ الأذل وهي كيفية الحفاظ على هذه الأعمال من التبدد والاندثار مع تعاقب وتسلسل الأجيال .
وتظل خياراتهم محصورة بين الإبقاء على هذه الأعمال في إطارها العائلي دون تفريط في ملكيتهم لها إلى من يسمونهم بـ " الغرباء " أو فتح الباب وبدرجات متباينة لدخول شركاء جدد، ويبدو أن تطور التقنيات والتطبيقات التكنولوجية قد رجحت كفة تفويض الآباء المؤسسين المزيد من السلطات لأبنائهم عوضا عن اللجوء إلى الشركاء.
ويبدو كذلك أن عائلات تجارة المجوهرات صارت أكثر شغفا وميلا إلى الاعتماد على نصائح وإرشادات الخبراء بشأن أنسب وأفضل أساليب معالجة التحديات التي تواجهها في الحفاظ على استمرارية وديمومة أعمالها .
ويلحظ المراقب العادي لتطورات سوق المجوهرات في دبي ميلاد أسماء جديدة تنتسب إلى آباء كانوا في يوم من الأيام أصحاب الصوت الأوحد والوحيد في توجيه وإدارة الأعمال، وكانوا هم دون سواهم ملء السمع والبصر، بل وتألقت مكانة بعضهم لدرجة أن صاروا رموزا لصناعة وتجارة المجوهرات في دبي.
«بيور غولد » و«داماني»: تفويض السلطة للجيل الثاني
حتى اللحظة الراهنة لم يتوار الآباء كليا عن المشهد، ولكنهم فضلوا على ما يبدو تفويض الأبناء مزيدا من السلطات في إدارة وتوجيه الأعمال مع احتفاظهم بوضعيتهم كمرجعية يستلهم الأبناء منها الرؤية والنصح والإرشاد .
ولعل تحبيذ الآباء هذا النمط من العلاقات يكمن في أيمانهم بقيمة الإبقاء على الطبيعة العائلية للأعمال التي بالإمكان تحسين كفاءتها وفاعليتاها من خلال العديد من الطرق والوسائل خارج نطاق الصيغ المتعارف عليها والمتعلقة بالتحول إلى شركات مساهمة خاصة أو عامة .
وعبر آميت داماني عن هذه القناعة بتأكيده على أن نظام الأعمال العائلية في تجارة المجوهرات هو نظام كفؤ وفعال ، ولكنه بحاجة إلى أن يعاد هيكلته بما يكسبه المزيد من الحرفية والفاعلية .
وذلك من خلال توظيف التقنيات الحديثة في مجال التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات ، وتحدث عن تجربة شركة مجوهرات داماني بقوله :نحن استثمرنا أموالا ضخمة في تقنيات وتكنولوجيات الاتصالات ، حيث تم تجهيز مقر الشركة الكائن في منطقة بحيرات الجميرا بشبكة اتصالات بالغة التقدم تربط فيما بين مختلف متاجرها المنتشرة حول العالم .
فمثل هذا الاستثمار الضخم مكن كل عضو من أعضاء العائلة إدارة النشاط الخاص به بسلاسة وسهولة ، بات بالإمكان متابعة عمليات المتاجر التابعة للشركة من خلال أساليب تكنولوجية متنوعة، منها ، تقنية المؤتمرات عبر الفيديو ، وهكذا، ساهمت التكنولوجيات في تسيير الأعمال العائلية على نحو أفضل مما كان عليه الأمر في الماضي.
ويتفق كريم ميرشانت في الرأي حول أهمية تكنولوجيا الاتصالات في تيسير الأعمال العائلية بقوله : بالطبع ، تسهم التطبيقات التكنولوجية الحديثة في تيسير الأعمال العائلية بشكل عام وليس فقط الأعمال العائلية في قطاع المجوهرات ،فهي مكنت من زيادة السيطرة على توجيه دفة الأعمال ، وتسريع وتيرة العمل وزيادة معدلات الكفاءة والإنتاجية .
تفويض السلطات
ويعود منبت أسلوب تفويض السلطات الذي اتبعته شركة مجوهرات داماني إلى المشورة الشركات المتخصصة في الاعمال العائلية ، فهي تستعين باثنين من المستشارين المتخصصين في الأعمال العائلية ، وهو ما يأتي آميت داماني على شرحه بقوله : يتوافر لدي الخبيرين الاستشاريين معرفة جيدة بأوضاع الشركة من ناحية نفقاتها ومصروفتها وعملياتها وبالتالي .
فهما في وضع يتيح لهما اسداء النصح والمشورة بناء على أسس ومعلومات ، كما انهما يقدمان المشورة بشأن عدم الخلط بين دور العائلة واتخاذ القرارات المهنية وتنحية الاعتبارات العاطفية في عمليات صنع القرارات ، بحيث تصنع هذه القرات بناء على اسس حرفية .
وبموجب التفويض والكلام على لسان آميت _ يناط بالأب مهمه التخطيط الاستراتيجي ، فيما يتولى الأبناء التيسير الفعلي للأعمال ، وهو أي الأب يشعر بسعادة غامرة كون أنجاله قد شبوا على الطوق، وصاروا بمقدورهم تحمل المسؤوليات ، وباتوا قادرين على الحفاظ على اسم العائلة وأعمالها .
ويتمحور دور جيل الآباء في تقديم الرؤية والمشورة وتوزيع الأعمال فيما بين أفراد العائلة ، وهو ما يأتي آميت داماني على شرحه بقوله : يأتي التوجيه الرئيسي من الأب الذي يقوم بتوزيع مسؤوليات الأعمال على أنجاله الثلاثة، فهو يتميز بنزوعه نحو التفكير الواقعي.
وينحي جانباً المشاعر والعواطف في توجيهه وتيسيره للأعمال ، فهو المسؤول عن العمليات المتعلقة بالتصنيع وتجارة الجملة، وهي مسؤولية تتطلب نوعية من الشخصيات التي تجمع بين الصرامة الشديدة، والتدرج في تحقيق الأهداف وهو يراعي في توزيعه لهذه المسؤوليات الخصائص الشخصية والعقلية لكل واحد منهم، ونظرا لكوني الابن الأكبر .
وبالنظر إلى مسؤولية الأب كمدير إداري ورئيس تنفيذي، فإنني قريب الصلة من وجهات نظر ورؤى الأب بشأن الخيارات الاستراتيجية الأفضل لتحقيق المكانة التي تنشد عائلة داماني بلوغها خلال عقد أو عقدين ، فيما يتولى الابن الاصغر إدارة أعمال التجزئة .
وهو بالفعل يتسم بسمات شخصية تؤهله للقيام بهذا الدور، فهو حسن المظهر ومنمق الحديث ولديه شخصية جذابة ومؤثرة ،ويتعامل مع العملاء بسعة الصدر وبعقل وبذهنية منفتحة ، ويكن له العاملون في المتاجر مشاعر الحب والتقدير ، فهو يعتبر نفسه جزءا من فريق عمل .
ويعرض كريم ميرشانت المدير الإداري لشركة بيور غولد الأسلوب الذي أنتهجه والده فيروز ميرشانت في تفويض السلطة له بقوله : لقد أنتهج نهجا في غاية التنظيم والتدرج في تفويضه للسلطات لي ،فهو باشر هذا الأمر بوصفه عملية تحدث يوميا حيث حرص على أن يسند لي مسؤوليات إدارة أعمال الشركة بشكل يومي، وذلك من خلال التعليم والتوجيه المستمرين حول كيفية الضلوع بهذه المسئوليات .
الرؤية المستقبلية
وواصل كريم حديثه بقوله : أنا أعمل مع والدي منذ اثني عشر عاماً مضت، وعلى مدى هذه السنوات ، يبدأ يوم عملي في الصباح بالجلوس مع والدي لمدة نصف ساعة، فبعد أن أقوم بتقبيل يديه ورأسه ، يشرع أبي في التحدث عن كافة الأشياء والمواضيع بما في ذلك خططه ورؤيته وجدول أعماله ، إلى جانب الأمور المتعلقة بالأسعار وصيرورة الأسواق ، وإذا ما استعصى على الفهم ، أقوم بتوجيه الأسئلة له حتى أكون على فهم كامل بوجهات نظره وتصوراته.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتبر نفسه المدير الحقيقي للشركة ، أجاب بلهجة حاسمة قائلا : بشكل قاطع ، انا المدير الحقيقي للشركة ، فيما يتولى الأب مسؤولية التخطيط الاستراتيجي لمستقبل الأعمال ، ومن ثم ، فإن دوري يتمحور حول تنفيذ رؤيته وخططه والإدارة اليومية للأعمال.
وبناء على تفويض السلطة ، لم تعد عملية صنع القرار في يد الأب دون سواه من أفراد العائلة ، بل صارت أشبه ما يكون بعملية جماعية يتشارك فيها أفراد الأسرة ، ويتناول آميت هذا البعد بقوله : إذا ما كانت الشركة بصدد صنع قرار استراتيجي مهم .
فإن الأب وأنجاله الثلاثة يجلسون مع بعضهم البعض سويا لتبادل وجهات النظر والمشورة ، ويعبر جميع المشاركين عن آرائهم بحرية كاملة دون قيود أو توجيهات مسبقة ، ويتم خلال هذه المناقشات تحديد المخاطر والفرص والمزايا والمثالب ، ويتم اتخاذ القرار الذي توافق عليه غالبية الآراء .
كما استلزم الحفاظ على ديمومة الأعمال العائلية في مجال تجارة المجوهرات ، استلهام الدروس والعبر من التجارب التي مرت بها عائلات الأعمال ، والاستفادة من مشورة ونصح خبراء الأعمال العائلية .
ويتطرق داماني لهذه المسألة بقوله : بالتأكيد تنظر عائلة داماني إلى التطورات التي تشهدها الأعمال العائلية على مستوى العالم لكي تتعرف على أنسب الطرق التي تعينها على تحقيق المزيد من التقدم ، فهي تشارك بفاعلية في الكثير من منتديات الأعمال العائلية حول العالم ، وتحضر المؤتمرات التي تناقش القضايا الوثيقة الصلة بالأعمال العائلية .
حيث يجري تنظيم اللقاءات مع المستثمرين والخبراء في مجال الاعمال العائلية ، ومن شأن هذه المشاركة أن تسهم في الاطلاع على الكثير من الآراء والخبرات بشأن كيفية تحسين إدارة الأعمال العائلية ، ويتم دعوة المستشارين والمحللين في الاعمال العائلية لعرض أفكارهم على أعضاء العائلة ، وبالطبع هم ليسوا جزءا من مجلس الإدارة ، ولكن دورهم يتمحور حول اسداء النصح بشأن كيفية إدارة الأعمال .
بقاء العالمة التجارية
ولكن كريم مارشنت يري أن شركة بيور غولد لم تصل مرحلة تستلزم الاستعانة بالمستشارين أو الحصول على المشورة والنصح من خارج دائرة العائلة ،حيث أن الدائرة محصورة في الأب والابن فقط ، وهو ما يجعل الاتصالات وعملية صنع القرارات أكثر يسراً وسهولة وسرعة.
ويبدو أن تفويض سلطة الآباء إلى الأبناء ليست الإجابة الحاسمة للمشكلة المؤرقة للأعمال العائلية وهي المتعلقة بالحفاظ على بقاء علاماتها التجارية من خطر التلاشي والاندثار مع تعاقب وتسلسل الأجيال .
وفي هذا المجال ، جعلت عائلة داماني للمجوهرات مسألة تفويض السلطات ضمن آلية لتوريث الثروة بناء على حصص وأسهم توزع على الأبناء ، وفصل هذه الملكية عن العائد المتحقق لكل فرد منهم لقاء عمله في الشركة ، فهم يتقاضون رواتب نظير عملهم ، وفي التوقيت ذاته يتقاضون عائدا من الحصص التي يمتلكونها .
ويشرح آميت معالم آلية توريث الثروة بقوله : نحن وضعنا هيكلا لتوزيع أسهم الشركة على أفراد العائلة بشكل يسمح ببقاء الشركاء حتي لو أختار أحد أفراد العائلة سلك طريقا مغايرا ، فهناك مجلس إدارة للشركة يضمن بقائها بمعزل عن الرغبات أفراد العائلة ، ويناط بهذا المجلس مسؤولية اتخاذ القرارات ، وبالتالي ، تمتلك الشركة هيكلا واضحا ومحددا بشكل جلي، وفي إطارة تتوزع المسئوليات والأدوار على أفراد العائلة ، ورغم أن كل واحد منهم لديه حصة من أسهم الشركة ، إلا أنهم يتقاضون رواتب لقاء عملهم في الشركة .
وأستدرك قائلا : لا يراودنا أدني شك بأن هيكل الشركة يعد مسألة على درجة عالية من الأهمية في الحفاظ على بقائها ، ولأجل هذا السبب ، نحن نشارك في العديد من البرامج المتعلقة بإدارة الأعمال العائلية .
فنحن نحاول التعرف على المشاكل التي تواجهها الشركات العائلية حتي يكون في إمكاننا التقليل من تداعياتها السلبية من الآن، حيث أن العديد من الأعمال العائلية قد اختفت مع الجيل الثالث بسبب عدم وجود هيكلا واضحا للمسئوليات والأدوار ،وعدم تفهمها بشكل جيد طبيعة المشاكل التي تواجه الأعمال العائلية، فنحن نبذل قصاري جهدنا من اللحظة الحالية لكي نضمن انتقال الشركة إلى العديد من الأجيال المقبلة .
ويكمن دور الجيلين الأول والثاني والكلام مازال له في وضع القواعد والأسس الكفيلة بالحفاظ على بقاء وديمومة الاعمال العائلية ، وهذا لن يتأتى إلا من خلال وضع هيكل واضح للمسئوليات وتحديد صلاحيات مجلس الإدارة بشكل جلي .
ووضع صيغة واضحة لتوزيع الحصص والأسهم فيما بين أفراد العائلة ،وتدوين كل هذه المواضيع في ميثاق يلتزم به الجميع، وهذا ما فعله الأب ، وهذا ما سوف يكفل للشركة المضي قدما في المستقبل .
ويواصل آميت شرحة لمعالم آلية البقاء والاستمرار قائلا : إذا ما أراد أحد أفراد العائلية تسييل حصته في الشركة ، فإنه من المتعين أن يتم ذلك ضمن العائلة وغير المسموح بيع هذه الحصة إلى أحد من خارج العائلة ، وهنا ، تكمن روعة وجمال الأعمال العائلية .
وعلي المنوال ذاته ، يعرض كريم ميرشانت تصوراته بقوله : تعد الطريقة التي اتبعها والدي في نقل معارفه وخبراته لي هي الوسيلة الأفضل في تدريب الجيل الثاني ، ولكن الخطورة تكمن في أن يقتصر دور الجيل الثاني على اكتساب هذه المعارف دون صقله بخبرات صنع القرارات .
حيث سيجد نفسه في وضع صعب إذا ما استيقظ ذات يوم ليجد نفسه مطالباً باتخاذ وصنع القرارات، ولكن فيما يتعلق بحالتي ، فإنني أقوم باتخاذ القرارات بشكل يومي، وهو أمر يتيح لي الاستعانة بوالدي خلال حياته لتصحيح الأخطاء التي قد ارتكبها.
خيار المساهمة العامة
وبسؤاله عن ما إذا كان يعتزم تحويل بيور غولد إلى شركة عامة مساهمة بهدف الحفاظ على بقائها واستمراريتها ، أجاب كريم ميرشانت قائلا : نحن لن نقوم بتحويل بيور غولد إلى شركة لمجرد التخارج من الأعمال فحسب ، ولقد قررت أنا ووالدي بأن نقوم بتحويل الشركة إلى شركة إلى شركة عامة في حالة واحدة .
وهي إذا ماكنت الشركة ترغب في رفع رأسمالها بهدف تمويل خطط وبرامج توسع تتجاوز قدراتنا المالية ، ولكن حتى الآن ، فإن إيرادات الشركة وتدفقاتها النقدية تكفي لتمويل خطط التوسع ، وبالتالي ، لا توجد ثمة حاجة لتحويل الشركة إلى شركة عامة .
وأستدرك في حديثه قائلا : لم أستبعد كليا خيار تحويل شركة بيور غولد إلى شركة مساهمة عامة ، ولكن الأمر برمته مرهونا بالتوقيت والحاجة ، فنحن نعتقد أن صيرورة الأعمال تتغير بمرور الوقت ، وبالتالي ، فإذا ما استجدت أوضاعا في المستقبل تستدعي ، فلسوف نستجيب ، وحتي في حالة طرح أسهم الشركة على الجمهور ،فهذا ليس معناه فقدان العائلة السيطرة عليها ، وهذا ما يحدث في العالم .
ورأي كريم ميرشانت أن الوسيلة الأفضل للحفاظ على بقاء الأعمال العائلية تتمثل في الفصل بين الملكية والإدارة ، وهو ما يعني أن يتولى الملاك أعمال الإدارة إذا ما كانوا مؤهلين لأداء هذا الدور ،ولقد قررت أن يتولى نجلي الإدارة إذا ما كان مؤهلا لهذا المنصب ، وإذا لم يكن كذلك ، فله كامل الحق في أن يسلك المسار الذي يرغب في سلكه ، فلن أقوم مطلقا بالتضحية بأعمال العائلة لمجرد أنني أرغب في وضع نجلي في موقع الإدارة .
«مجوهرات ليالي» شراكة أعمال تنأى عن العائلية
تقدم السيرة المهنية والذاتية للمواطن الإماراتي رائد باقر رئيس مجوهرات ليالي نموذجا آخر لعلاقات الصداقة التي تتحول إلى مشاركة في الأعمال ، حيث تعد " ليالي للمجوهرات" ثمرة تطور علاقة صداقة جمعت بين رائد باقر وصديقه الهندي ، بيد أن هذه الشراكة التي نشأت وتطورت خارج نطاق الأعمال العائلية مفتوحة أمام احتمالات التحول إلى شركة مساهمة عامة .
مستثمرون جدد
وعندما أنهى باقر دراسته الجامعية في كندا ، اعتزم في البداية ممارسة النشاط التجاري أسوة بأقرانه في العائلة التي اشتهرت بمباشرة أعمال المقاولات والإنشاءات .
وفي البداية ، لم يخطر على تفكير رائد باقر دخول تجارة المجوهرات تفكير رائد باقر ، ولكن صديقه الهندي أقترح عليه في عام 1998 ارتياد هذا المجال ، وبعدما أقتنع بالفكرة ، بدأ الصديقان تحويل حلمهما إلى واقع معاش على الأرض ، واتفقا في البداية على أن يقوما باختبار السوق من خلال إقامة متجر واحد ، فإذا ما نجحا ، سيكون بمقدورهما المضي قدما ، وإذا لم يحلفهما الحظ ، فلن يكونا قد منيا بخسارة كبيرة .
درس رائد باقر التجارة العالمية وهو ما أعطى له الخلفية النظرية والعلمية التي تعينه على إدارة أعمال المجوهرات ، ورغم أن الحافز التجاري كان الغالب على تفكيره في بداية اقتحامه تجارة المجوهرات ، إلا أنه مع مرور الوقت ، تحول هذا الحافز إلى عشق وافتنان بالمعدن الأصفر .
وهكذا ، تطورت أعمال رائد باقر ، وبعدما كان له متجر واحد في مركز الجميرا ، صارت الشركة التي تجمعه مع صديقه الهندي تمتلك 18 متجرا في أرقى مراكز التسوق في الإمارات .
وعندما يتحدث رائد باقر عن مستقبل شركة " ليالي للمجوهرات " ، فهو لا يحبذ أن يراها شركة عائلية ، بل يفضل أن تكون شركة خاصة أو مساهمة عامة ، قائلا : لن أفرض على أولادي العمل في الشركة ولكنني أريد الإبقاء على استمرارية العلامة التجارية للشركة ، وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال الاحتفاظ بالوضعية الحالية للشركة كشركة خاصة أو تحويلها إلى مساهمة عامة .
غولد أيه.إي : الجيل الثاني صاحب ريادة
توجه محمد أبوالحاج رئيس شركة "جولد أيه.إي" نحو الدخول في الأعمال المرتبطة بالذهب بشكل خاص والمعادن بشكل مدفوعاً بشغفه وافتتانه الشخصي بالذهب، ووصل به هذا الشغف إلى حد أنه احتفظ برأسمال شركته في صورة ذهب، كما أنه حرص على أن تكون مدخراته الشخصية على هيئة ذهب، وبالتالي ، وعلي الرغم من إلى الجيل الثاني ، إلا أنه كان صاحب المبادرة في توسيع نطاق أعمال العائلة لتشمل قطاع المجوهرات والذهب .
وقبل تأسيسه شركة غولد إيه إي، تولى محمد أبو الحاج رئاسة إحدى الشركات التابعة لمجموعة أبو الحاج القابضة التي كانت مختصة بخدمات الوساطة المالية والتي تأسست في مطلع عام 2000، وهي أول شركة تقدم خدمة التداول عبر الإنترنت لسوق دبي المالي، كما تعد الشركة الأولى التي تقوم بربط أسواق الأسهم العربية من خلال شاشة تداول واحدة، وقامت شركة شعاع كابيتال بشراء هذه الشركة في عام 2008.
وتعتبر شركة جولد أيه أي إحدى الشركات التابعة لمجموعة أبو الحاج القابضة التي يمتلكها ويرأسها الأب المؤسس عبدالخالق محمد حسين أبو الحاج، ويختص كل نجل من أنجاله الخمسة في قطاع معين من الأعمال، وتتنوع مجالات استثمارات المجموعة لتشمل الأنشطة الاستثمارية المصرفية والسياحة والعقارات والبرمجيات التكنولوجية، وتتخذ المجموعة من مركز دبي المالي مقراً لعملياتها، وينضوي تحت مظلة المجموعة العديد من الشركات التابعة.
منها شركات تعمل في عمل في مجال السياحة، وهي تحقق أداء جيدا، آخذاً في الاعتبار حالة الانتعاش التي يشهدها القطاع السياحي في إمارة دبي، فضلاً عن أن هناك شركات تابعة أخرى تعمل في مجال البرامج الكمبيوترية للبيانات المالية، كما تتبع مجموعة أبو الحاج القابضة شركات في سويسرا تعمل في مجال الاستثمارات المصرفية وإدارة الأصول، إلى جانب شركات تعمل في تركيا في مجال الاستشارات والإدارة وخدمات الذهب.
وتطرق محمد أبو الحاج إلى تلك المرحلة المفصلية في مسيرة أعماله بقوله: لقد أوقفنا نشاطنا في مجال الوساطة المالية، وخرجنا من هذا المجال لاقتناعنا بأن أسواق الأسهم تنطوي على مخاطر عالية، وذلك على نحو ما أظهرته الأحداث والتطورات التي شهدتها هذه الأسواق في عام 2008، وهو الأمر الذي حفزها على تبني نموذج أعمال يتصف بالتحفظ،، وعليه، قررنا التركيز على قطاع استثمارات الذهب.
ولم تكن مشاعر الحب والافتنان بالمعدن الأصفر السبب الوحيد لدخول محمد أبوالحاج قطاع أعمال المعادن النفيسة، بل كانت هناك أسباب أخرى تتعلق بتقييماته بأن الذهب يعد الملاذ الاستثماري الآمن الوحيد، وقد ترسخت هذه القناعة لديه بفعل سلسلة الأزمات التي عصفت بأسواق المال في العالم.
لاعبون جدد
بات مشهد سوق الذهب مختلفا عما كان عليه منذ سنوات قليلة مضت ، وصار مألوفا تردد أسماء جديدة في حوارات وأحاديث السوق ، ومن بين هؤلاء ، كريم ميرشانت المدير الإداري لشركة بيور جولد وهو نجل فيروز ميرشانت المؤسس والمالك لهذه الشركة ، وآميت داماني الرئيس التنفيذي والمدير العام لمجوهرات داماني ، ومحمد أبو الحاج رئيس شركة "جولد أيه.إي" وغير ذلك من أسماء تنتسب إلى الجيل الثاني لعائلات عريقة في تجارة الذهب والمجوهرات في دبي .
معوض للمجوهرات : القيادة في يد الجيل الرابع
تولي الجيل الرابع زمام قيادة إدارة مجموعة " معوض " للمجوهرات الراقية ، حيث تسلم فراد معوض مع شقيقه باسكال مسؤولية قياده الشركة من والدهما روبرت معوض الذي أدار أعمال العائلة على مدى فترة طويلة.
وقد تأسست "معوض" في عام 1890، وارتقت لتحتل مكانة رائدة عبر توفير المجوهرات المتميزة للعديد من العائلات الملكية والأثرياء في جميع أنحاء العالم. وتضم قائمة العملاء المرموقين للعلامة أشهر نجوم هوليوود من أمثال نيكول كيدمان وأنجلينا جولي.
واليوم، يتولى الجيل الرابع زمام القيادة في أعمال عائلة معوض، مع شبكة متاجر منتشرة في كل من أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا والشرق الأوسط، ومنشآت تصنيع في إيطاليا وسويسرا، ومكاتب عديدة في (منطقة الخليج والشرق الأقصى).
تحدث فراد معوض عن خطط أعمال مجموعة معوض بعد تولي الجيل الرابع زمام القيادة بقوله : أمتلك مع شقيقي باسكال خبرة عريضة في مجال إدارة الأعمال ، فمن جانبي ، توليت إدارة العديد من الأعمال والشركات ، من بينها شركة تعمل في مجال الإعلام وأخرى تعمل في مجال تكنولوجيات المعلومات ، وثالثة في مجال المطاعم ، أما شقيقي ، فهو عمل مع المشاهير على مدى عقدين .
وبالتالي ، نحن نمتلك المؤهلات والقدرات التي تجعلنا قادرين على تطوير وتطبيق أفضل نظام للإدارة من خلال الاعتماد على تحليل البيانات ومعلومات السوق وحلول تكنولوجيات المعلومات في عمليات اتخاذ القرارات الطويلة الأجل.
وأكد فراد معوض أنه لا توجد خطط لدى المجموعة للتحول إلى مساهمة عامة أو توسيع قاعدة المالكين بضم مستثمرين من الخارج ، وأوضح هذه النقطة بقوله : تمتلك المجموعة ميزانية قوية ومخزون ضخم واحتياطيات نقدية سائلة ضخمة ، وهو وضع يؤهل المجموعة للمضي قدما في قرارها الحصيف بالحفاظ على روح تراث الشركة بوصفها شركة عائلية وبالتالي، فهي ليست بحاجة إلى القيام بعملية رفع رؤوس أموال سواء من خلال ضم مستثمرين من الخارج أو إدراج أسهمها في صورة اكتتاب عام أولي .
وفي ظل توجه جديد للجيل الرابع، كشف الأخوة الأوصياء على هذه الماركة العريقة عن خططهما للارتقاء بأعمال هذه الشركة العائلية إلى مرحلة جديدة من النمو والازدهار. وعن هذا الموضوع، يقول فراد معوض: "إنه لشرف عظيم لي أن أتولى مهمة قيادة مجموعة «معوض»، التي تطورت مكانتها وسمعتها المرموقة على يد ثلاثة أجيال سابقة من عائلتنا.
وباعتباري رئيساً مشتركاً ومؤتمناً للعلامة التجارية مع أخي باسكال، فإننا نسعى إلى مواصلة الإرث الغني لعلامة «معوض» التجارية والانتقال به نحو آفاق جديدة وتوسيع نطاق انتشار هذه العلامة التجارية الرائدة على المستوى العالمي.
أرقام وإحصائيات
%90
تشير التقديرات أن الأعمال العائلية في منطقة الخليج تسهم بنحو 90 % من النشاط الاقتصادي في دول الخليج ، وتمتلك أصولا تزيد على 500 بليون دولار .
%28
تشارك المرأة بنسبة 28 % في مجالس إدارات الشركات التي تقوم شورى بحوكمتها حالياً ، وستنتقل 70 % من الشركات العائلية من إدارة الجيل الأول إلى الجيل الثاني خلال العشر سنوات القادمة .
%37
تشير الإحصائيات أن 37 % من الشركات العائلية في المنطقة تُدار من قبل أفراد الجيل الثاني من العائلة، في حين أن 48% منها يتولى إدارتها أفراد العائلة من الجيل الأول، و20% من الشركات تدار من قبل الجيل الثالث .
%62
أظهرت دراسة أعدتها فوربيس إينسيت أن الأعمال العائلية تدير ما يزيد على 62 % من ثروة منطقة الشرق الأوسط.
%40
قدرت شركة بوز آند كومباني مساهمة الشركات العائلية في الشرق الأوسط بأكثر من 40٪ من الناتج العام غير النفطي.
%40
قدرت مؤسسة ميدل ايست ايكونوميك دايجست، أن النساء العربيات يملكن 40٪ من الشركات العائلية في المنطقة.






